×
محافظة المنطقة الشرقية

55 متفوقة تسطع أسماؤهن في سماء المتوسطة الثالثة بالظهران

صورة الخبر

مُنثنية، وحيدة، مغبّرة، وفارغة... هي صناديق الصحف في قطاع غزة، إلا أنّها الشيء الوحيد الذي يُذكّر الفلسطينيين بأنّ الصحف اليومية الثلاث («الأيّام»، «الحياة الجديدة»، «القدس») كانت تزور غزة يوماً ما. هي صناديق لغت حضورها العولمة والحداثة وتسارع وتيرة التقدم التكنولوجي، عندما حلّت محلها صناديق البريد الإلكترونية المذهلة بقدرتها على إيصال الرسائل بسرعة البرق إلى أي بقعة كانت في العالم. لكنّها خصوصية المجتمع الفلسطيني، تمنح تلك الصناديق رمزية الفقد المُّر، خصوصاً حينما تُشير تلك الصناديق البيضاء إلى أسماء الصحف الثلاث الصادرة في الضفة الغربية والممنوعة من دخول قطاع غزة. أعلى تلك الحاويات المعدنية كُتِبت أسماء الصحف بخطوط سود عريضة متوسطة الحجم. الحاويات المصنوعة من الألومنيوم تلك لم تعد تنتظر الصحف ذاتها التي خصّصت لإستقبالها كما في ما مضى، والسبب يعود إلى الخلاف الحزبي الدائر والمستمر حتى اللحظة بين الفصيلين المتخاصمين («فتح» و»حماس») منذ 6 سنوات. وتحملّت الحاويات مسؤولية أن تروي بغبارها الحكاية وما فيها: «كان يا ما كان صناديق بريد بيض، يُكتب عليها اسم الصحيفة، تُمنح كهدية تشجيعية للمشتركين الدائمين بها لمرة واحدة فقط، بحيث ُتثبت إلى جوار باب منزل المشترك. لتلك الصناديق مفتاح واحد يملكه صاحب البيت. ذات صباح كل يوم يأتي موظف التوزيع، يثني الصحيفة أربع ثنيات، كل ثنية بحجم الربع، «يحشوها» داخل الصندوق المستطيل الضيّق... ويرحل». هذه تفاصـــيل يرويها أحد مراسلي صحيفة «الأيّام» الفلــسطينية، مؤكداً أن صحيفته هي أوّل الصحف التي بادرت إلى ابتكار هذا النوع من الصناديق، أيّ منذ ظهرت تلك الصناديق في أحياء غزة الراقية من باب المواكبة لعادة متبّعة لدى الشعوب المتحضرة. من هنا، مثّلت تلك الحاويات المعدنية البيض شكلاً جمالياً وحضارياً لبيت أم رامي (60 سنة) التي افتخرت ذات يوم بتثبيتها صندوق الصحف طوال سبع سنوات. لكن صندوقها هذا بات مخصصاً اليوم لاستقبال فواتير الكهرباء ودعوات الأفراح... لا غير! الباحث خالد زكي يفتخر هو الآخر بامتلاكه صندوقاً للصحف مازال مثبتاً حتى الآن أمام بيته القديم. وآخرون حولّوا تلك الصناديق إلى «صيدليات» (علب لجمع الأدوية) داخل بيوتهم، كما هي الحال مع ربّة البيت أم سامي، فيما مازال زوجها يذكر ملامح وجوه موزعي الصحف في ستينات القرن الماضي عندما كانوا يتنقلون بين الحارات القديمة بواسطة دراجاتهم الهوائية، حاملين الصحف ليُلقونها سريعاً أمام نقاط تجمّع، كالمقاهي. وللشيوعيين في تلك الحقبة دورهم في تنشيط حركة توزيع الصحف، كما يقول أبو سامي. «فقد كانوا يحرصون على إيصال الصحف بأنفسهم إلى بيوت الراغبين في قراءتها ليلاً، وإعادة جمعها صباحاً، بغرض توفير أجر شراء الصحيفة على القرّاء وتشجيعهم بذلك على المطالعة وتنمية الوعي». لكن الزمن تغيّر، وباتت تلك المعدنيات الفارغة تفتقد صحف الأمس، بعدما مُنعت من دخول غزة بقرار حزبي على رغم كل المناشدات بإعادتها! فلسطينصناديق الاشتراك