بالرغم من تعليمه النظامي الذي لم يتعد المرحلة الابتدائية ومصاعب الحياة التي جعلت منه "أمياً لا يقرأ ولا يكتب"، إلا أن الطفل اليتيم "رشاد م." ذو الـ11 ربيعاً اكتشف موهبته في الشعر وعمل على تنميتها خلال مكوثه بدار إيواء الأطفال المتسولين التابعة لجمعية البر بجدة. ويؤمن جميع مشرفي الدار بموهبة "رشاد" المتميزة ويجدون أنه نموذج رائع من خلال الترحيب بأي زائر أو ضيف للدار عبر فن الإنشاد والبديهة العالية التي تميز بها في نظم أبيات الشعر باسم الزائر. يحكي "رشاد" قصته التي بدأت بوفاة والده ووالدته والحريق الذي أصاب أخاه الأكبر، الأمر الذي جعله يتحمل مسئولية شقيقاته الأربع، ليبدأ بعدها السعي للدخول إلى المملكة لكي يستطيع تحويل المال الذي يسد به احتياجاته أخواته، بحسب قوله. ويواصل قصته: عند وصولي إلى جدة بدأت التسول، ثم قمت بعدها بشراء العلك وبيعه عند الإشارات، واستطعت سد احتياجات أخواتي عن طريق تحويل ما أجمعه من أموال كل فترة في حدود 70 ريالاً يومياً". وبعد القبض عليه من الجهات الأمنية وإيداعه دار الأطفال المتسولين بدأ رحلة التغير، حيث عاش طفولته واكتشف ما يملكه من مواهب لاسيما في الإنشاد ونظم قصائد الشعر فضلاً عن حفظ سور وأجزاء من القرآن الكريم، متأملاً العودة في أقرب فرصة إلى بلده ليعيش بجوار أخواته وخدمتهم، في الوقت الذي يعرب فيه عن حزنه بأن فراقه عن أصدقائه بدار الإيواء بات وشيكاً. من جانبه، أكد أمين عام جمعية البر بجدة وليد بن أحمد باحمدان حرص الجمعية على تطوير قدرات الأبناء بجميع دور الإيواء التابعة لها لاسيما دار إيواء الأطفال المتسولين، مشيراً إلى أن برامج وفعاليات الدار تنقل الأبناء إلى مرحلة جديدة في ظل الإشراف من الأخصائيين والأخصائيات الاجتماعيين والنفسيين. وأبان "باحمدان" أن الجمعية تقدم خدمات الرعاية الشاملة للأبناء فضلاً عن إشراكهم في البرامج والأنشطة المتنوعة والتي تشمل حلقات تحفيظ القرآن الكريم والأنشطة الرياضية والثقافية والترفيهية والتدريبية إلى جانب استضافة العلماء والدعاة وتعليم النزيلات من الفتيات على وجه الخصوص مهارات الخياطة والتطريز. وأضاف أن المركز الذي يعتبر أول مركز لإيواء الأطفال المتسولين على مستوى المملكة يهدف للحد من ظاهرة التسول حيث لا يقتصر دوره على إيواء هؤلاء الأطفال فقط وإنما يتعدى ذلك عبر تأهيلهم من جديد وتوعيتهم وتوجيههم بالتعاون مع الجهات الأمنية. وأنشئ مركز إيواء الأطفال المتسولين التابع لجمعية البر بجدة بتوجيه من الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز (أمير مكة المكرمة ـ رحمه الله) بداية موسم حج 1424هـ من أجل إيواء الأطفال المتسولين الذين يتم القبض عليهم سواءً بالتسول أو من يقومون بالبيع عند الإشارات المرورية، وحتى يتم ترحيلهم بالتنسيق مع هيئة الإغاثة الإسلامية والندوة العالمية للشباب الإسلامي أو استلامهم عن طريق ذويهم من أجل القضاء على ظاهرة التسول.