الكويت - تتصدر القضايا الشعبية المتعلقة بارتفاع الأسعار وتخفيض دعم السلع والخدمات الحكومية خطابات المرشحين من كل الاتجاهات والتيارات السياسية في معركة الانتخابات البرلمانية الكويتية التي ستجرى السبت المقبل. ولا تخلو ندوة انتخابية من عبارة "جيب المواطن" الذي أصبح هدفا يغازله كل المرشحين بما في ذلك أولئك الذين اصطفوا إلى جانب الحكومة في برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي أعلنته والمتضمن تقليص الدعم الحكومي وتخفيف الضغط عن الميزانية العامة بعد هبوط أسعار النفط إلى مستويات لم تكن متوقعة في 2013 عندما تم انتخاب البرلمان السابق. وحل أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح مجلس الأمة (البرلمان) في أكتوبر تشرين الأول الماضي ممهدا الطريق لإجراء انتخابات جديدة وقال إن "تحديات أمنية" في المنطقة ربما يكون من الأفضل معالجتها بالتشاور مع الإرادة الشعبية. وستكون انتخابات يوم السبت سابع انتخابات تجرى منذ تولي الأمير الحالي مقاليد الحكم في 2006 حيث عطلت التوترات السياسية التطور الاقتصادي في هذا البلد الغني بالثروة النفطية وعضو منظمة أوبك. وتحاول الحكومة منذ بداية هبوط أسعار النفط قبل نحو سنتين إجراء إصلاحات اقتصادية تقول إنها ضرورية بالتشاور مع صندوق النقد الدولي لكنها سوف تنال من مزايا اقتصادية تمتع بها المواطنون الكويتيون على مدى عقود. واتسمت علاقة الحكومة مع مجلس الأمة السابق بالتعاون الكامل نظرا لمقاطعة فصائل المعارضة الرئيسية للانتخابات التي عقدت في 2013 ما أسفر عن مجلس غالبيته من النواب المؤيدين للحكومة مع بعض الاعتراضات الجزئية. وحصلت الحكومة في يونيو حزيران على موافقة البرلمان على الخطة التي أعلنتها لإصلاح أوضاع الاقتصاد على المدى المتوسط وعرفت بوثيقة الإصلاح الاقتصادي وتهدف إلى إصلاح الميزانية العامة وإعادة رسم دور الدولة في الاقتصاد وزيادة دور القطاع الخاص وتفعيل مشاركة المواطنين في تملك المشروعات العامة وإصلاح سوق العمل. وقال المرشح محمد الدلال إن تعاطي الحكومة مع عجز الميزانية يتسم بقدر كبير من "العمومية والضبابية وضياع الأولويات" حيث بدأت بالضغط على المواطن لسد عجز الميزانية عن طريق تخفيض الدعم وزيادة الرسوم. وأضاف الدلال أن الحكومة "لم تبدأ بالإجراءات الأكثر أهمية والمتعلقة بالهدر القائم في أجهزة الدولة وعدم إعادة هيكلة المشاريع التي تستنزف الكثير من أموال الدولة.. إضافة لوجود الفساد في كثير من مشاريع الدولة.. وضياع الأولويات كذلك فيما يتعلق بالقروض والمنح التي تقدم للخارج على حساب ميزانية الدولة." وأكد الدلال أن "هناك مطالبات جادة من كثير من أفراد الشعب وكثير من المرشحين - بل معظمهم إن لم نقل كلهم - بضرورة إعادة صياغة الوثيقة بالكامل.. وأعتقد أنه سيتحقق ذلك في المجلس القادم." وتشهد هذه الانتخابات تحولا كبيرا في اعتماد المرشحين على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير مسبوق لاسيما موقع التدوينات القصيرة تويتر الذي يحظى بمتابعة ضخمة في المجتمع الكويتي وهو ما جعل وسائل الإعلام من صحف وقنوات فضائية تفقد جاذبيتها لدى كثير من المرشحين والناخبين. وقال هشام العوضي أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأمريكية بالكويت إن الخطاب السياسي الذي كان نخبويا في السابق تغير الآن في عصر وسائل التواصل الاجتماعي بشكل جذري وأصبح أكثر شعبوية وأكثر بساطة. وقال "من أراد أن ينجح في عصر ثقافة النجومية والتويتر والانستجرام (فإن أمامه) خلطة خاصة (لابد من الالتزام بها) أنه لازم يكون بسيط جدا ويكون عام جدا ولازم يبحث عن المناطق التي فيها شيء من الجدل حتى يكسب خطابه شيئا من الجاذبية." وأضاف أن "الانتخابات هو موسم الخطابات الشعبوية .. في العالم العربي (للأسف) لابد أن تبحث عن مسالب الآخر حتى تبرز كبطل حتى أن بعض المحللين يقولون إنه في الانتخابات لا نجد فروقا في الخطابات (بها) حتى مع المحسوبين على الحكومة.. لأن الجميع بحكم ظرف الحملات الانتخابية يجب أن يتسم بمظهر المعارضة." واعتبر العوضي أن تركيز تكتلات المعارضة في دورة البرلمان المقبلة سينصب على الدور الرقابي وانتقاد الحكومة وليس التشريعي "وأن تجعل الحياة صعبة على من يريد أن يشرع قوانين غير شعبية.. على أمل أن يأتي هذا الضغط بالحكومة والمجلس إلى كلمة سواء." ويتهم المرشحون المعارضون نواب المجلس السابق بأنهم كانوا "مهادنين" للحكومة على حساب المواطن وسمحوا لها بتمرير سياستها التي يرون فيها مساسا غير ضروري بالمواطنين بينما سكتوا على ما يصفه المعارضون بأوجه "الهدر" في كثير من جوانب الصرف الحكومي. لكن النائب في المجلس السابق والمرشح الحالي عبدالله المعيوف أكد أن المجلس لم يكن طرفا في أي زيادة للأسعار على المواطنين معتبرا أن النواب تمكنوا من استثناء السكن الخاص للمواطنين الكويتيين من زيادة تعريفة الكهرباء التي أقرتها الحكومة خلال العام الحالي. ونجح النواب في العام الأخير للبرلمان المنحل في استثناء شرائح السكن الخاص من الزيادات الحكومية في الكهرباء وهو ما اعتبروه نجاحا في حين يرى المعارضون أن مجرد السماح بإقرار زيادة تعريفات الكهرباء سوف تنعكس بشكل غير مباشر على المواطن في زيادة للسلع والخدمات الأخرى. وأضاف المعيوف "لا يمكن أن نتهم النواب ونتهم المجلس بالموافقة (على القرارات الحكومية).. لم يكن هناك موافقة ولم يكن هناك رضا والدليل تقديم استجوابين منفصلين لوزير المالية فيما يخص هذا الموضوع.. ان ترديد هذا الكلام (يأتي) من باب الدعايات الانتخابية ومن باب التكسب الانتخابي الذي يمارسه البعض." وأكد المعيوف أنه في حال نجاحه سوف يقدم اقتراحا تشريعيا "يمنع الحكومة من رفع الدعم أو زيادة أسعار السلع الاستهلاكية أو الأساسية إلا بقانون من مجلس الأمة."