×
محافظة المنطقة الشرقية

مع أول قطرة مطر.. انقطاع الكهرباء والاتصالات

صورة الخبر

تراجعت الهيمنة البريطانية تدريجيا على كرة القدم، وبدأت تنتشر اللعبة دون أن تصاب بعدوى القوة البدنية الدول التي تمارس اللعبة على ضفاف نهر بليت" يواصل الأب روايته لنجله في الحلقة الرابعة من سلسة (تكتيك في الجول) التي يقدمها FilGoal.com مقتبسة من المحلل الشهير جوناثان ويلسون في كتابه Inverting The Pyramid: The History of Soccer Tactics يمكنك قراءة الحلقات السابقة بالضغط هنا (تكتيك في الجول) حسنا يا بني، "كانت الكرة الإنجليزية تعتمد على القوة البدنية لخدمة الفريق، لكن في أوروجواي والأرجنتين ساد الاحتفاء بالفردية والتعبير عن الذات هما سمة اللعبة. كانت طريقة 2-3-5 (الهرم) هي السائدة في العالم أجمع، ولم تصب أوروجواي والأرجنتين بالعدوى بشكل كامل خصوصا مع زيادة عدد المهاجرين الإسبان والإيطاليين. فنشأت كرة القدم في المناطق الأشد فقرا بالتعليم الذاتي في بيونيس أيرس ومونتيفيديو، ولهذا تطلبت مهارات مختلفة عن التي اختلقها الإنجليز والاسكتلنديين. فكتب الشاعر الصحفي الأوروجوياني إدواردو جاليانو يقول: "ازدهرت كرة القدم في الأحياء الفقيرة كرقصة التانجو". ربما كان الشكل ثابت في ملاعب الأرجنتين وأوروجواي لكن النمط اختلف من خلال التمريرات القصيرة الصغيرة والاهتمام بالمراوغات بشكل أكبر مما نشأ عليه الإنجليز بالكرات الطويلة والقوة البدنية. أعداء الاستحواذ فاختارت أمريكا الجنوبية أن تستحوذ على الكرة بدلا من ركلها كما لو كانت أقدامهم أيادي تجدل الجلد، وعُزفت الكرة كما لو كانت جيتارا. ورغم ذلك، كان الأصوليون من حلفاء الكرة الإنجليزية يهاجمون طريقة أوروجواي والأرجنتين، إذ هاجمت صحيفة (هيرالد) طريقة الأداء في تقريرها عام 1905: "كرة القدم تهدف لتحسين قدرات التحمل واختبار قوة الشبان وليست التي تمارس في شرفات استقبال الضيوف". وفي عام 1912 خلال جولة فريق سويندون تاون الإنجليزي في أوروجواي: "كرة القدم بين فرق الهواة لم تصل لهذا المستوى أبدا".. إنها علامة على إمكانية أن يتنازل الإنجليز عن أفكارهم. أعظم قصص كرة القدم فريقا من العمال يضم عتالا للحوم وقطاعا للرخام وبقالا وبائعين للمثلجات، سافروا جميعا إلى أوروبا في باريس 1924 عن طريق الباخرة الأرخص ثمنا، ولعبوا حتى يدفعوا ثمن الرحلة. فاز رجال أوروجواي في تسع مباريات ودية في إسبانيا خلال الطريق إلى فرنسا من أجل جمع المال اللازم للسفر والإقامة. لفت أوروجواي الأنظار قبل أن يصل باريس ليحضر ما يزيد عن ألفين مشجع لمشاهدته وهو ينزع أحشاء منتخب يوغسلافيا في مباراته الأولى بالأولمبياد الصيفية بسباعية نظيفة. تأسست مدرسة كرة القدم الأوروجوايانية حسبما قال أوندينو فييرا الذي كان يدير المنتخب وقتها.. ولم لا وفريقه نجح في تسجيل 17 هدفا ومنيت شباكه بهدفين في أربع مباريات قبل إسقاط سويسرا في النهائي 3-0 لتحصد الأوروجواي الذهبية! يا لها من مفاجأة، الجميع كان في حالة ذهول وهو ما ظهر من خلال الروائي لفرنسي هنري دي مونترلانت حينما قال: "هذا وحي.. أمامنا كرة قدم حقيقية مقارنة بما عرفناها من قبل.. أدركنا الآن أننا كنا نلعب هواية طلابية". غيرة الأرجنتين؟ عاد منتخب أوروجواي مرفوع الرأس ليتحداه المنتخب الأرجنتيني الذي بات نتائج مواجهتهما 3-2 ليبدو أن راقصي التانجو سيكونوا أبطال دورة الألعاب 1928. ولم يكن مفاجئا أن يصطدمان في النهائي في أمستردام بدورة الألعاب الصيفية لكن أوروجواي فازت 2-1 في النهائي بعد إعادة المباراة. وبعد عامين فقط، تفوز أوروجواي أيضا في نهائي كأس العالم الأول في التاريخ على الأرجنتين 4-2. لماذا؟ "لعبت الأرجنتين بأناقة لكن التفوق التقني لا يعوض التخلي عن التكتيك، فبين الفريقين كانت أوروجواي كالنملة فيما ظهرت الأرجنتين كحشرة الحصاد الثقيلة" هكذا وصفه الصحفي الإيطالي جياني بيريرا في كتابه (التاريخ النقدي لكرة القدم). طبيعة ممارسة كرة القدم في أوروجواي وعدم إصابتها بعدوى الإنجليز والاسكتلنديين. كانت أرقى كرة قدم في هذا الوقت لم تكن تقطن في مهد اللعبة.. بل استطونت عند مصب نهر بليت حيث توجد طريقة متقدمة عن تشكيلة 2-3-5 والتي يمكن للمنافس قراءتها بسهولة. فالروح اللاتينية كانت تضغى على كرة القدم من خلال أقل انضباط ومنهجية والاهتمام بالفردية والمهارات مع عدم التضحية بشرف القيم الجماعية للفريق. مهارات مبتكرة بعض اللاعبين نالوا تكريم الفاتحين بمجرد ابتكارهم طريقة جديدة في اللعبة، فمثلا: بابلو بارتولوتشي اخترع ضربة الرأس من الوضع طائرا. خوان إيفارستو اخترع لعب الكرة بالكعب الهوائي وبدرو كالومينو ابتكر الخلفية المزدوجة. يقول لاعب يمين وسط المنتخب الأرجنتيني في 1930 بكأس العالم: "فرق أمريكا الجنوبية كانت تتعامل بشكل أفضل وأكثر تكتيكية من أوروبا، حيث كان لدينا خمسة مهاجمين وكان اللاعبان رقم 8 و10 يتراجعات للخلف، ويقوم الجناحان بإرسال التمريرات". ويضيف "كان ينظر لثنائي الهجوم بأنهما مفتاح الإبداع، وعندما يتخطى اللاعب المنافس ويسجل هدفا كان يمحو خطاه في التراب حتى لا يقلده أحد"! في تلك الحقبة باتت الحيل والخدع تنافس الفوز في الأهمية. قد لا يكون هذا سيصب في صالح الكرة اللاتينية مستقبلا. لكنها كانت ممتعة..