شهد البرلمان الجزائري حالة من الغليان بسبب رفض نواب الأغلبية الحاكمة كل التعديلات التي تقدمت بها المعارضة من أجل التخفيف من الأعباء والإجراءات الواردة في موازنة 2017. وقد وافق المجلس الشعبي الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان الجزائري) أمس الثلاثاء على هذه الموازنة الجديدة التي تتضمن تخفيضا في الإنفاق بنسبة 14%، وزيادة في الضرائب وأسعار الوقود وسلع أخرى. وتباينت مواقف نواب المعارضة في جلسة المصادقة بين التصويت بالرفض والمقاطعة، مع تنظيم وقفة داخل أروقة المجلس احتجاجا على تمرير الموازنة كما قدمتها الحكومة، بما تضمنته من إجراءات مالية واقتصادية وصفتها المعارضة بإعلان حرب ضد الشعب. وحذرت المعارضة الجزائريةمن أن الموازنة ستفضي إلى انفجار اجتماعي، بينما ترى الموالاة أن خيارات الحكومة باتت محدودة في ظل تراجع إيرادات البلاد جراء انخفاض أسعار النفط والغاز. ومن المنتظر أن تنال الموازنة الموافقة النهائية من مجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان). ارتفاع الأسعار وبدخول الموازنة الجزائرية مرحلة التنفيذ ستشهد الكثير من المواد الاستهلاكية ومواد الطاقة ارتفاعا كبيرا بسبب رفع ضريبة القيمة المضافةمن 17% إلى 19%، كما ستشهد التجهيزات الإلكترونية والكهرومنزلية ارتفاعا كبيرا، بالإضافة الى رفع الرسوم على الاتصالات الهاتفية وغيرها. منصوري يرى أن الجباية العامة هي الطريق المناسب في ظل الوضع المالي الصعب (الجزيرة) ويقول عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان النائب عبد الكريم منصوريللجزيرة نت إن فرض ضرائب ورسوم جديدة هو قرار واقعي في ظل عدم وجود بدائل كثيرة. ويضيف أن هناك طريقين لمواجهة الوضع الصعب، أولا من خلال الاستدانة الخارجية واللجوء إلى صندوق النقد الدولي، وهو حل جربته الجزائر في تسعينيات القرن الماضي وأدى إلى غلق مؤسسات وتسريح عمال وانهيار قيمة العملة المحلية وفرض تبادلات تجارية واقتصادية غير مرغوبة، حسب رأيه. وباعتقاد منصوري -وهو نائب عنحزب جبهة التحرير الحاكم-فإن الطريق الثاني هو الأفضل في هذه الحالة باللجوء إلى تطبيق الجباية العامة باعتبارها أداة لضبط الاقتصاد مستخدمة في عدة دول. ويتوقع أن تتوسع هذه الإجراءات في السنوات الثلاث المقبلة من أجل رفع الإيرادات وسد العجز المتوقع في الموازنة. ويبرر النائب مصادقة نواب الموالاة على هذه الإجراءات كما قدمتها الحكومة "بأن لا حلول أخرى أمامنا، أما المعارضة التي تنتقد ذلك فلم تقدم بدائل أو حلولا اقتصادية". "إعلان حرب" بالمقابل، يؤكد النائب عن حركة مجتمع السلم المعارضة عبد الناصر حمدادوشأن موازنة 2017 "هي إعلان حرب على الشعب الجزائري" وإثقال كاهله بالمزيد من الضرائب والرسوم والزيادات. حمدادوش: الموازنة تهدد الاستقرار الاجتماعي (الجزيرة) ويضيف حمدادوش للجزيرة نت أنها "هدية مجانية لرجال المال وليس رجال الأعمال" بالمزيد من الإعفاءات الجبائية والجمركية. ويرى أن كل الإجراءات الواردة في الموازنة تهدد الأمن والاستقرار الاجتماعي، ولا يستبعد أن تتحول بعدها إلى أزمة سياسية، مضيفا "نحن في المعارضة نقدم رؤية للانتقال الاقتصادي المتزامن مع الانتقال الديمقراطي في الانتخابات القادمة وفق رؤية سياسية توافقية بين السلطة والمعارضة". ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة تيبازة غربي العاصمة الجزائر كمال ديب إن التدابير الواردة في موازنة 2017 كانت متوقعة بعد انهيار أسعار النفط وتدني مداخيل البلاد. مسؤولية الحكومة وبرأي ديب، فإن لجوء الحكومة إلى جيوب المواطنين كان سيمثل إجراء تقنيا مقبولا لولا أن الحكومة الحالية هي المسؤولة عن استشراء الفساد الذي أدى إلى تبديد أموال سنوات البحبوحة المالية التي مرت بها الجزائر. الموازنة مرت في المجلس الشعبي من دون الأخذ بتعديلات المعارضة (الجزيرة) ويرى أستاذ الاقتصاد أن الأولى هو ضخ دماء جديدة لتسيير المرحلة الصعبة، ويقول إن على المسؤولين أن يتضامنوا مع المواطنين ويخفضواأجورهم ويتخلوا عن بعض الامتيازات "كي يشعروا الشعب بأنهم يتقاسمون معه أعباء المرحلة الصعبة". ويشرح ديب أن اللجوء إلى الاستدانة الخارجية مثله مثل فرض المزيد من الضرائب والرسوم "لأن النتيجة واحدة هي أعباء إضافية على جيوب المواطنين". ويبدي تحسره على ضياع فرصة تحسين أداء الاقتصاد الجزائري، "لكن اليوم الوقت قد فات بعدما تأزمت الوضعية المالية". ويتوقع ديب أن الأزمة خلال 2017 ستمس المواطنين بشكل مباشر، "وإذا بقيت الأوضاع على حالها فستكون 2018 سنة الاضطرابات الاجتماعية".