ينهض هذا المعهد في العاصمة اليابانية «طوكيو» بأدوار علمية وتعليمية وإعلامية رائدة لإظهار روح التسامح واحترام حقوق الإِنسان أياً كان دينه أو ثقافته أو جنسه أو لونه في الدين الإسلامي، وإبراز قيم الخير والمحبة والكرم التي ينطلق منها المجتمع السعودي وما يتمتع به من كفاءة في تكوين العلاقات الإِنسانية مع شعوب العالم برغبة الإفادة والاستفادة والإضافة المعرفية والحضارية. وإذا كانت هذه المعاني النبيلة ذات جانب إعلامي عفوي تأتي ثمرة للأهداف التي أنشئ المعهد من أجلها؛ فإنَّ الدور الأساس له هو تعليم اللغة العربية لمن يرغب من الشعب الياباني، ومن خلالها يستطيع من يتعلمها الاطلاع على الدين الإسلامي وتاريخ وثقافة الأمة العربية وعلى الأخص المملكة العربية السعودية؛ باعتبارها مهبط الوحي وحاضنة الحرمين الشريفين، ويسهل كذلك له إلمامه باللغة العربية الاطلاع على أدب العرب وفهم تقاليدهم الاجتماعية. وخلال ستة أيَّام فقط قضيتها في رحاب نشاط علمي متوقد وثري أسهم في توهجه نخبة من الباحثين والعلماء والدبلوماسيين من المملكة واليابان، وناقش المؤتمرون خلالها ورقات علمية عدة في جانبين رئيسين هما: اقتصادي يتصل بالصكوك الإسلامية «السندات» ودورها في التنمية الاقتصادية، وحضاري يحفر عميقا في بناء العلاقات الإِنسانية بلغة الحوار، واتخذ من وثيقة المدينة التي كتبها الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلَّم - في السنة الأولى من الهجرة أنموذجا، لتكون أول دستور مدني في التاريخ الإِنساني، وتنظم علاقة المجتمع الإسلامي الناشئ في المدينة مع اليهود وقبائل العرب ومشركي مكة، وتكونت من اثنين وخمسين بندا. وقد أحسن المنظمون لهذا الملتقى في اختيار موضوع الحوار مع الحضارات والثقافات لبناء علاقات إِنسانية مستمدين ذلك من وثيقة المدينة؛ باعتبارها نبراسا وتجربة أولى مبكرة لإقامة تصالح وتفاهم مع المختلف يؤكد على المشترك الإِنساني ويدفع غائلة الاختلاف المؤدي إلى التصادم وإهدار الطاقات وتعطيل الحياة. وليست هذه المرة الأولى التي توفق فيها هذه المؤسسة العلمية في اختيار مرتكز حوار يؤصل ويبني علاقة إِنسانية مع الشعب الياباني، فقد سبق أن عقد المعهد ندوتين مهمتين؛ الأولى بعنوان «الحوار الإسلامي الياباني - المملكة العربية السعودية نموذجاً» 1426هـ، والثانية بعنوان «العلاقات السعودية اليابانية - الواقع وآفاق المستقبل» 1427هـ. أنشئ المعهد عام 1402هـ وأسند الإشراف عليه ووضع مناهجه واختيار إدارته إلى جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية لينهض بما تنهض به المعاهد الإسلامية في دول عربية وعالمية عدة تابعة للجامعة؛ كإندونيسيا وجيبوتي وموريتانيا وأمريكا وغيرها. وتتابع سفارة المملكة في طوكيو نشاط المعهد وتدعمه وتسهل له دروب النجاح والتأثير بتنسيق مشترك وفاعل مع الراعية الأم لهذا المعهد وما يماثله في أنحاء العالم جامعة الإمام الرائدة في تأكيد نشر الوسطية والاعتدال وخدمة اللغة العربية ونقل الصورة الخيرية لبلادنا إلى العالم. وقد أشار معالي مدير الجامعة الاستاذ الدكتور سليمان بن عبد الله أبالخيل في معرض حديث عن آفاق تطوير المعهد في المستقبل القريب إلى أن النية منعقدة على تحويله إلى كلية تمنح شهادة البكالوريوس في العلوم الدينية واللغوية. وهذا الخبر السعيد يستحق الشكر والتقدير لمساعي مدير الجامعة الدؤوبة نحو التطوير والتجديد وتوسيع نطاق تأثير الجامعة في الداخل والخارج. ولي وقفة أخرى لا بد منها نحو ضرورة تنشيط التواصل مع الحضارات الأخرى؛ وعلى الأخص اليابان.