×
محافظة حائل

ضواحي حائل الشمالية تشهد هطول أمطار وزخات البرد

صورة الخبر

مفتاح شعيب يقف المسيحيون الفلسطينيون مع أشقائهم المسلمين في الأرض المحتلة وقفة تضامنية رائعة ضد قرار سلطات الاحتلال الصهيوني بحظر رفع الأذان عبر مكبرات الصوت في المساجد المحتلة، وهو إجراء يمهد لقرارات أشد خطورة تطبخها حكومة التطرف بقيادة بنيامين نتنياهو بعد حظر الأذان، إذا لم يجابه هذا الاعتداء الشائن مقاومة شاملة تشنها ضده مكونات الشعب الفلسطيني كافة. لم تخل ردود الفعل من مفاجآت، وبالإضافة إلى المسيحيين قام يهود السامرة، وهم يهود فلسطينيون أصلاء، برفع الأذان من كنسهم في نابلس تضامناً مع المسيحيين والمسلمين من أبناء الوطن الواحد. وقد تكون هذه الخطوة قد أربكت سلطات الاحتلال، ودفعت بعض أصوات من داخلها للمطالبة بإلغاء هذا القانون أو تعديله في مرحلة أولى على الأقل، بعدما جوبه بانتقادات شديدة من مختلف الاتجاهات، وفجر انتفاضة في وسائط التواصل الاجتماعي تظهر قيمة الأذان، باعتباره قيمة ذات أبعاد غير دينية، منها أنه جزء من بيئة تربى فيها الفلسطينيون على مدى مئات السنين مسلمين ومسيحيين ويهوداً أيضا. وحين ينتفض غير المسلمين على إجراء يشوه تلك البيئة، فهم يدافعون عن خصوصية فلسطينية صنعت مجتمعاً متنوعاً استطاع أن ينصهر ويتعايش جيلاً بعد جيل. ووفق هذا التشخيص، فإن مساعي الاحتلال لكسر هذه البنية سترتد عليه، وسيجد غطرسته محاصرة بثقافة متماسكة ووحدة وطنية فلسطينية تضرب جذورها عميقاً في التاريخ وتعود إلى العهدة العمرية التي وحد من خلالها الخليفة عمر بن الخطاب مصير المسلمين والمسيحيين في القدس بعد فتحها، ومازالت تلك العهدة سارية، ومازالت مبادئها تبث روح التضامن بما يجعل الاعتداء على المسجد اعتداءً على الكنيسة، وحظر الأذان بمثابة منع لقرع الأجراس. هذه الوطنية الفلسطينية الزاخرة هي التي تقف في وجه مخططات الاحتلال الصهيوني، وتقدم في كل مناسبة درساً وعبرة، وسيفضي تواترها إلى ردع السياسة المتطرفة للكيان الذي ظل يعمل على تفريق الفلسطينيين وتعميق شروخ الانقسام بينهم، كما هو الحال في الخلاف المزمن بين حركتي فتح في الضفة الغربية وحماس في قطاع غزة، وحاول طوال السنوات العشر الأخيرة اللعب على سلطتين متناحرتين وبينهما يحاول أن يمرر مخططات سلب الأرض والحقوق وصولاً إلى المقدسات كما هو حاصل الآن، وهو واقع يفرض على الفلسطينيين من جميع الطوائف الدينية والسياسية أن يتواضعوا للقضية وينحّوا خلافاتهم جانباً والتصدي لمحاولات الصهيونية سرقة الوطن بكل رموزه وأعرافه. لقد صنع الأذان إلى الصلاة عبر التاريخ أمة إسلامية ووحد بين شعوب وقبائل وميزها عن غيرها، ولو يتدبر الفلسطينيون هذه المحنة فربما يجدون في التضامن ضد حظر الأذان فرصة للتعالي على الجراحات والخلافات وإعادة بناء الموقف الوطني اعتماداً على التقلبات الجارية إقليمياً ودولياً، وهي تقلبات يبدو أنها لن ترحم من خنع للضعف ورضي بما يراه قدراً لا مفر منه. يمكن للفلسطينيين أن يستعيدوا ما فاتهم، فهم شعب الجبارين، الوصف الذي كان يردده الزعيم الراحل ياسر عرفات ويتحبب به في أيام الأزمات، ومواجهة مشاريع التهويد والاستيطان أخطر ما يواجه مستقبل الشعب الفلسطيني، وهو ما يتطلب مقاومة نوعية عمادها الأساس الوحدة الوطنية على مستوياتها المختلفة، وخصوصا في بنيتها العميقة التي تجمع المسلمين والمسيحيين والبعض من يهود تلك الأرض. chouauibmeftah@gmail.com