على المستشارين أن يُعلِموا ترامب أن التخلي عن خطة العمل الشاملة المشتركة مع طهران سيؤدي إلى أسوأ التطورات، فمن شبه المستحيل إقناع الأوروبيين، وقبلهم روسيا والصين، بإعادة فرض عقوبات على إيران في غياب أي انتهاك خطير منها، فضلاً عن ابتهاج تلك الدول بنجاح الصفقة سياسياً وتجارياً. يحاول أوباما مواساة نفسه باحتمال أن ترامب قد لا يبدد في النهاية كل إرثه، ولاشك أن تخمين ما قد يُقدِم عليه ترامب بالغ الصعوبة لأن تصريحاته كانت متباينة جداً، كذلك لا نعرف يقيناً ما إذا كانت الصفقة الإيرانية، التي أصبحت سارية المفعول في مطلع هذه السنة، ستُعطى الأولوية، في حين أن مسائل أقل تقنية وأكثر إلحاحاً تتدافع لتحظى باهتمام ترامب السنة المقبلة. يذكر المسؤولون عن مراقبة خطة العمل الشاملة المشتركة أنها تحقق النجاح رغم بروز بعض الحوادث البسيطة التي تعكس عدم الالتزام الإيراني (تخطي سقف إنتاج الماء الثقيل، علماً أن هذه المادة تُستعمل في إنتاج البلوتونيوم الذي يُستخدم في صنع الأسلحة). والمسألة تعتمد على مَن يختاره ترامب لمنصب وزير الخارجية، وحسبما يؤكد روبرت إينهورن، وهو مسؤول سابق في وزارة الخارجية ساهم في صوغ إستراتيجية أوباما بشأن إيران، فإن ثلاثة من الرجال الأربعة المرشحين لهذا المنصب وهم: جون بولتون، ونيوت غينغريتش، ورودي جولياني، سيفككون هذه الصفقة، أما الرابع، بوب كوركر، رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، فيتبنى مقاربة أكثر عملانية، في وقت يعتقد بولتون أن الطريقة الفاعلة الوحيدة لمنع إيران من تطوير سلاح نووي تبقى قصف بنيتها التحتية النووية، ولكن مما لا شك فيه أن ترامب يستطيع بسهولة تقويض الصفقة، إذا عقد العزم على ذلك. وعلى المستشارين المسؤولين أن يُعلِموا ترامب أن التخلي بكل بساطة عن خطة العمل الشاملة المشتركة سيؤدي إلى أسوأ التطورات العالمية، فمن شبه المستحيل إقناع الأوروبيين (وبالأحرى بالطبع روسيا والصين) بإعادة فرض العقوبات في ظل غياب أي انتهاك خطير من الجانب الإيراني، فضلاً عن ابتهاجهم بالنجاح الذي تحققه الصفقة سياسياً وتجارياً. علاوة على ذلك، يخدم التخلي عن هذه الصفقة مصالح المتشددين في إيران، الذين لطالما كرهوها، على غرار نظرائهم في واشنطن، كذلك قد تلقي إيران كامل مسؤولية انهيار الاتفاق على عاتق الولايات المتحدة لتستأنف بحذر أجزاء من برنامجها النووي، ولن تقلق بشأن مواجهة العقوبات مجدداً، بخلاف العقوبات الأميركية، ما دامت ملتزمة بمعاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. يعتقد إينهورن أن ترامب سيحاول نتيجةً لذلك الحصول على الدعم الأوروبي لصفقة أفضل، وربما صفقة تحظر الأبحاث وتطوير أجهزة طرد مركزي جديدة فترة أطول وتطيل تاريخ انتهاء الشروط المفروضة على عدد أجهزة الطرد المركزي، لكنه يعتقد أن فرص النجاح ستكون محدودة لأن الأطراف الأخرى في الصفقة ستعتبرها مناورة تخريب، فضلاً عن أن إيران سترفض هذه الخطوة بالتأكيد، لذلك لن يتبقى لترامب سوى تهديد إيران باللجوء إلى الخيار العسكري. أما متشددو إيران الأكثر عدائية، فسيُسَرُّون من جهتهم بامتحان تصميم ترامب، وستعمد إيران عندئذٍ إلى الانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية لتعيد بناء بنيتها التحتية النووية عميقاً تحت الأرض، في وقت يعتقد خبراء عدة أن العمل العسكري الأحادي الجانب سيضمن بالتأكيد أن تقرر إيران التحوّل إلى دولة متسلحة نووية، مهما كان الثمن، مع كل ما يترتب على ذلك من تداعيات على مصالح الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة.