عرضنا في التحقيق السابق لموقف النظم والقوانين الوضعية من المرأة في الدول العربية واستكمالا لمنظومة (المرأة والقانون مفيدة ومستفيدة) نناقش في هذا التحقيق عمل المرأة العربية في المجال القانوني كمحامية او قاضية كيف يبدو وما مدى تأثيره وما ألحقه من تأثير على قضايا المرأة العربية كل في بلدها .. وبداية يذكر التاريخ العربي أن "ثمل القهرمانة" كانت أول امرأة مسلمة تتولى مهنة القضاء في التاريخ حيث اعتلت منصة القضاء في دار تسمى "دار المظالم" برصافة بغداد سنة 306 هجرية الموافق 918 ميلادية وكان يحضر في مجلسها القضاة والفقهاء والأعيان. وكتب بعض المؤرخين كالطبري الذي عاصرها بأنها قامت بمهمتها خير قيام، وبأن رفض الناس الأولي لتوليها القضاء تحول لاحقا إلى محبة بسبب الإصلاحات التي قامت بها. بينما ذكر التنوخي في كتاب "الفرج بعد الشدة" بأن "ثمل" كانت موصوفة بالشر والإسراف في العقوبة. واعتبرها عالم الدين ابن حزم الاندلسي من "غرائب الدهر" في التاريخ الإسلامي.! فماذا عن وقتنا الراهن ؟ هل عمل المرأة العربية في المجال القانوني كمحامية وقاضية في بعض الدول العربية خطوة كاملة على الطريق الصحيح ام ان هناك - لا تزال - بعض الثغرات فيه .. المملكة ونبدأ محليا حيث شهد السادس من اكتوبر من العام الماضي حصول اول اربع محاميات سعوديات على تراخيص مزاولة المهنة بشكل نظامي و هن بيان زهران، وجيهان قربان، وسارة العمري، وأميرة القوقاني، كأول سعوديات تمنحهن وزارة العدل رخص مزاولة المحاماة، وحول عمل السعودية في المجال القانوني تقول الاستاذة بيان زهران المحامية والمستشارة القانونية وعضو شبكة القانونيات العرب ومشاركة في نشر الثقافة الحقوقية بعدة منظمات محلية ودولية : بكل تأكيد خطوة موفقة بصفتها تمثل رأي المجتمع بشكل عام والمرأة ايضا في المطالبة بالحق واقراره وتشارك المنظومة العدلية حول احقاق العدل وازهاق الباطل وتغيبها يعتبر نقصا وتغييبا ل نصف المجتمع باعتبارها تمثله .. اما عن عدد القانونيات داخل المملكة فانا لا اعلم في الحقيقة فخريجات القانون كثيرات من عام 2008 الى الآن تتخرج دفعتان سنويا من عدة جامعات على مستوى المملكة ولا توجد احصائية بعدد العاملات القانونيات لحصرهن . زهران : القانونية باتت تشارك في المنظومة العدلية.. وتغييبها تغييب لنصف المجتمع حسينية: المحاماة في فلسطين لا تزال مهنة ذكورية وكأن الدفاع عن الحقوق يحتاج لقوة عضلية وليس فكرية فلسطين و من فلسطين تقول المحامية اصلاح حسنية أمين صندوق نقابة المحامين الفلسطينيين ومستشار تحكيم دولي : عمل المرأة فى المجال القانوني ليست خطوة كاملة , ولكنها تكاملية , وفلسطين تعتبر من اوائل الدول العربية التي تعين فيها قاضية حتى وصل عددهن مايقارب 12 قاضية ما بين قطاع غزة والضفة الغربية وأول قاضية شرعية عينت فى الضفة الغربية وذلك في السبعينات من القرن الماضي , كما وان عدد المحاميات يتجاوز سبعمائة محامية ما بين غزة والضفة الغربية , الا أن هذا العدد لايشكل نسبة متساوية مع عدد المحامين أو القضاة . وتضيف الحسينية : على اننا في فلسطين لا نزال نتعامل على ان المحاميات جزء من المجتمع الذى مازال يتمسك بعادات وتقاليد موروثة ... وان هذه المهنة مهنة ذكورية .. ولا تليق بفتاة ... ان الرجل أقدر على المرافعة والمدافعة من المرأة .. وكأن الدفاع عن الحقوق يحتاج لقوة عضلية وليس لقوة فكرية ... ومع ذلك لو قارنا المحامية والقاضية فى فلسطين مع مثيلتها فى الدول العربية نجدها حققت نجاحات بامتياز .. واثبتت وجودها على أرض الواقع وكانت مصر الأسبق فى تعيين مأذون شرعي امرأة ما بعد عام 2000 عدد القانونيات فى قطاع غزه 120 محامية مزاولة و70 محامية متدربة , أما في الضفة الغربية بسبب الكثافة السكانية فعدد المحاميات المزاولات 565 محامية وعدد المحاميات المتدربات 500 متدربة. الكويت من جانبها قالت الاستاذة عبير الحداد المحامية والحارس القضائي بالكويت :في الكويت لا زال عندنا خلل قانوني تحديداً فيما يتعلق بتولي المرأة منصب القضاء ولا شك انها ممارسة شاذة إذ من غير المعقول أن يسمح للمرأة أن تعمل كمحامية ومدع عام ومحققة بالتحقيقات تباشر الدعاوى العمومية في الجنح وتمنع من أن تكون وكيلة نيابة أو قاضية. البطوطي: عدد القاضيات بمصر 42 من اجمالي 14000 قاضٍ .. ونتطلع لمشاركة اكبر للمرأة في الهيئات القضائية الحداد : لدينا خلل قانوني في الكويت برفض تولية المرأة لمنصب القضاء من ناحية اخرى – تقول الحداد - القانونيات والمحاميات بالكويت كُثر بشكل يصعب حصره أما القضاء فلا تمارسه المرأة في الكويت رغم إقرار القانون بتمكينها من تولي منصب القضاء بالتالي نحن لانملك ولا قاضية في الكويت وذلك بذريعة سخيفة تذرع بها المعارضون لتولي المرأة منصب القضاء أن المرأة عاطفية بطبعها ومن غير المعقول ولا المقبول أن تستطيع الفصل في القضايا دون أن تتدخل وتؤثر عليها عاطفتها في الحكم على القضايا التي تنظرها وهذا الأمر مرفوض من وجهة نظري فالمرأة العربية عموماً والكويتية خصوصاً أثبتت جدارتها في شتى المجالات ووقفت صفاً بصف جانب الرجل وتقدمت عليه أيضاً . مصر ومن مصر التي قطعت شوطا بعيدا في مجال عمل المرأة بالقانون تقول القاضية جيهان وفيق البطوطي رئيس محكمة وعضو مكتب فني مساعد أول وزير العدل ومديرة مشروع مكاتب المساعدة القانونية بمحاكم الأسرة: بالطبع هي خطوة على الطريق الصحيح ولكننا نتطلع نحو مشاركة اكبر للمرأة في الحياة العملية بكافة المجالات وبالاخص في الهيئات القضائية حيث ان عدد القاضيات بمصر 42 قاضية من اجمالي 14000 قاض مصري وهذه نسبة ضئيلة جدا، وهناك 42 قاضية مصرية ومستشارتان بالمحكمة الدستورية بالإضافة الي العديد من القانونيات بالنيابة الإدارية وبهيئة قضايا الدولة والمحاماة. أما الاستاذة انتصار السعيد المحامية المصرية والناشطة في مجال حقوق الإنسان ومن مؤسسي مركز القاهرة للتنمية وحقوق الإنسان ، وعضو المجلس الاستشارى لصندوق الشراكة من أجل الديمقراطية والتنمية فتقول : بالطبع عمل المرأة العربية في المجال القانوني كمحامية وقاضية في بعض الدول العربية خاصة في مصر خطوة كاملة على الطريق الصحيح ولكن لا تزال هناك في مصر بعض الثغرات خاصة وانه على سبيل المثال لا يزال القضاء الخاص بمجلس الدولة في مصر يرفض تعيين النساء للعمل كقاضيات به بحجة ان العمل بقضاء مجلس الدولة غير مناسب للمرأة بسبب صعوبته ، كما ان الجمعية العمومية الخاصة بمحكمة النقض المصرية قد رفضت منذ حوالى العامين تعيين قاضيتين من محكمة الاستئناف بها رغم توافر كل الشروط الخاصة بذلك بهن . د . سميرة التويجري : هناك إنجازات لا يمكن إنكارها والمرأة العربية وصلت لكل المناصب في القضاء والمحاماة بتفاوت ملحوظ بين مختلف البلدان الطرابلسي : عمل المرأة كمحامية وقاضية في تونس يندرج في نطاق المساواة المهنية وعدد القانونيات يقارب ألفي امرأة عبد الحميد: القانونيات السودانيات يعملن في كافة مجالات القانون بكل قوة ولدينا حوالي 15.000 قانونية ومنذ عام 1933 عملت المرأة المصرية كمحامية وكانت من اوائل المحاميات في مصر كل من الاساتذة نعيمة الايوبى ، مفيدة عبد الرحمن ، وغيرهن ، اما على مستوى القضاء فكانت السيدة تهاني الجبالي وهي عضو سابق في المحكمة الدستورية العليا المصرية, واول امرأة مصرية تتولى مهنة القضاء في الحقبة المعاصرة, و مازالت المرأة المصرية التي احتلت المنصب القضائي الاعلى في تاريخ مصر ، وذلك قبل استبعادها من هيئة المحكمة بعد إقرار الدستوري المصري الجديد عام 2012م ، وكانت هى القاضية الوحيدة في مصر حتى عام 2007حيث تم تعيين 31 امرأة في السلك القضائي بعد ذلك . تونس و من تونس تخبرنا الاستاذة رجاء الطرابلسي المحامية لدى التعقيب هناك : عمل المرأة كمحامية وكقاضية في تونس يندرج في نطاق المساواة المهنية مع الرجل وفي نطاق المكاسب الاجتماعية التي حصلت عليها البلاد منذ الاستقلال والتي أعطت للمرأة التونسية حقوقا وحريات، من بينها بالخصوص تعميم التعليم ومجانيته وإقرار المساواة مع الرجل في كافة مجالات العمل بما في ذلك المجال القضائي. والآن وبعد ما يقارب 58 سنة من الاصلاحات التعليمية وتطوير القوانين واقتحام المرأة سائر مجالات العمل في نطاق قوانين تضمن لها احترامها كفرد كامل الحقوق في المجتمع، فإن عمل المرأة التونسية أصبح مصدرا لثروة حقيقية لفائدة جميع المواطنين والمواطنات والحمد لله وبلغ عدد القانونيات في تونس ما يقارب الألفي امرأة يعملن بأعلى كفاءة بفضل الله . السودان و من السودان تشاركنا الاستاذة سمية عبدالحميد سيد أحمد المحامية المتخصصة في الملكية الفكرية برأيها حول عمل المرأة السودانية بالقانون قائلة : عمل المرأة العربية في المجال القانوني كمحامية وقاضية يعتبر خطوة كاملة على الطريق الصحيح وليس هناك أي ثغرات فيه والنساء في السودان في المجال القانوني يعملن أسوة بالرجال في كل مجالات العمل القانوني منذ زمن بعيد وقد تم تعيين أول قاضية سودانية في المحاكم الشرعية عام 1965 ثم بعد ذلك توالى تعيين النساء في كافة مجالات القضاء الشرعي ، المدني والجنائي وأول محامية منحت رخصة لمزاولة مهنة المحاماة كانت في العام 1962م ، وأن النساء القانونيات السودانيات يعملن في مجالهن القانوني في كافة مجالاته بكل قوة أسوة بالرجل وليس هناك أي عقبة تعترض طريقهن في أداء مهامهن. و تضيف "بالنسبة للنساء العاملات في مجال المحاماة في السودان حوالي 13.000 بالتقريب ، أما في مجال القضاء حوالي 79 قاضية وهناك حوالي 1000 في مجالات قانونية أخري (وزارة العدل ، الإدارات القانونية في البنوك والشركات) أي أننا نستطيع أن نجملهم بحوالي 15.000 امرأة عاملة في مجال القانون. رصد الامم المتحدة والى ممثلة الامم المتحدة في الدول العربية الدكتورة سميرة مزيد التويجري مديرة المكتب الإقليمي للدول العربية لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في القاهرة التي تحدثت عن عمل المرأة العربية في المجال القانوني قائلة : لا توجد احصاءات كاملة وشاملة لا على مستوى العالم ولا على مستوى المنطقة لحصر عدد النساء العاملات في المجال القانوني ولكن ثمة إنجازات لا يمكن إنكارها وقد وصلت المرأة العربية إلى كل المناصب في القضاء و المحاماة (مثلا في التسعينات كانت جزائرية ترأس محكمة أمن الدولة وفي بداية الالفية الثالثة كانت جيبوتية رئيسة المحكمة العليا الامر الذي كان يتيح لها القيام بمقام رئيس الجمهورية دستوريا في حالة شغور المنصب لأي سبب كان لحد انتخاب رئيس جديد). ولكن لابد أيضا من التنويه بالتفاوت بين البلدان العربية مع تفوق بالنسبة للمغرب العربي وبالذات الجزائر، المغرب، تونس مقارنة بالشرق الأوسط وبلدان الخليج حيث لايزال وصول المرأة إلى هذا المجال محدودا ومحددا بمرجع الشريعة الإسلامية أو على الأقل البعض من تأويلاتها وفي ما يلي بعض الأرقام على سبيل المثال فقط لان وزارات العدل التي من المفروض أن توفر هذه الاحصائيات لا تغطيها من منظور التوزيع على أساس الجنس والنوع الاجتماعي بالنسبة لبعض المناصب: -في الجزائر كان عدد النساء في السلطة القضائية في 2006 فقط 1056 قاضية أي ما يقارب 36 من جميع القضاة، من ضمنهن 25 قاضية في المحكمة العليا من ضمن 149 أي حوالي 17 كما كانت 6 نساء رئيسات أقسام. ويمكن القول بأن معدل القاضيات يتقارب من 50 % إن لم يتجاوزه. -يوجد في الأردن 148 قاضية من ضمن 850 أي ما يساوي 17. -أما عن الإمارات العربية المتحدة فهناك تقدم منذ 2008، ليس فقط بالنسبة لتعيين النساء في السلك القضائي وإنما أيضا بالنسبة للعدد إذ لدى دبي، مثلا، ثلاث قاضيات وتم تعيين 17 عضو في النيابة العامة، في حين أن أبوظبي لديها قاضية واحدة، و 10 نائبات قاضيات وكذلك عدد من أعضاء النيابة العامة من الإناث. وللإشارة كان عمر أول قاضية 27 سنة عندما أدت اليمين الدستورية امام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء من دولة الإمارات العربية المتحدة وحاكم دبي -وحسب دليل القاضيات التونسيات لسنة 1997، كانت نسبة التونسيات داخل السلطة القضائية، 23 بمجموع 265 امرأة مقابل 885 رجلا. وتبين آخر الاحصاءات المتوفرة حاليا بأنه ومن ضمن 1875 قاض في السلك القضائي في الفترة 2010-2011، كان عدد النساء 607 أي ما يساوي 32,4 . -أما في موريتانيا فقد عينت لأول مرة في تاريخ البلد أول قاضية وأعلن هذا الخبر يوم 03/01/2014 في جميع وسائل الإعلام الوطنية والإقليمية نظرا لأهمية الحدث إذ كان حتى المبدأ مرفوضا في هذا البلد بفهم خاص للشريعة الإسلامية. ويعمل مكتب الدول العربية لهيئة الأمم للمساواة والتمكين حاليا بالتعاون مع شريكه مركز المرأة العربية على إعداد قاعدة بيانات الكترونية تغطي 20 دولة عربية في جميع مجالات الحقوق القانونية والإنسانية للمرأة سيتم نشره بعد 6 اشهر .