حسب ما فهمت منها، بأنّها مشاركة في ورشة عمل تستغرق 3 أيّام في بيروت. وبطبيعة الحال توقعت أن تكون مشاركتها في إطار التدريب على فهم ما استجد في البرمجة المعلوماتية، الّذي هو تخصّصها الأكاديمي الّذي خاضت غماره في زمن والدتي، واستحقّت عليه نيل منصب أستاذة جامعية في اثنتين من أهم جامعات أمريكا، قبل أن تعود وتستثمر علمها بالالتحاق مهنيا بقسم تكنولوجيا المعلوماتية في أكبر شركة نفط لدينا وتستقر فيها مهنيّا حتى بلغت سنّ التقاعد. جلّ خوفي كان أن لا يستغلّها سائق تاكسي حين تداعب لهجتها الخليجية شهوة نصب واحتيال عنده، بصفتها سائحة كبيرة في السّن وهو ما يحصل عادة. لكن حين التقينا وتحادثنا، كانت صدمتي الكبرى تتلخّص في كونها لم تكن ضمن طاقم التّدريب في ورشة العمل المذكورة، ولم تكن ورشة العمل عن البرمجة، ولا في تخصّصها الدّقيق «فلسفة المعلوماتية». بل إنّها ضمن المتدرّبين على «طرق العلاج بالألوان»! سألتها،، أنت في بيروت لتتعلّمي العلاج بالألوان؟ أوليس موضوعا إن وجدت في نفسك هوى للاطلاع عليه، فبإمكانك أن تفتحي مواقع بالمئات على الإنترنت لتقرأي عنه؟ أو تقتنين كتابا بخصوصه لا يكلّفك أكثر من 10 دولارات تتسلّين على مضمونه كما تتسلّى معظم المراهقات على كتب ما يسمّى عالم الأبراج! صدمتي كانت أكبر، حين فهمت من سياق حديثها بأنّ إحدى المرافقات لهم في الحملة «التّطويريّة المزعومة» أخذتها إلى دجّال يدّعي بأنه متخصّص في الطّب النبوي قام ببيعها مجموعة أعشاب لعلاج مشكلات عديدة صحيّة «هي لا تعاني منها في الأساس» بمبلغ 500 دولار!! حرفيّا جنّ جنوني.. وتساءلت: ما الذي يجري على العقول في بلادنا؟ هل هي بالفعل تتحجم وتضمر بشكل مأساوي..؟ أم إنّ هنالك من بلغت بهم الوقاحة مبلغ استغلال «وحدة» سيّدة فاضلة كبيرة في السّن، واستثمار اسمها كمشارِكة معهم كغطاء، على هراء أنشطتهم التدريبية الصّفراء، وما تعجّ به من ألوان الدّجل؟