ذكرى أربعينية الإمام الحسين التي ترتدي هذا العام طابعا استثنائيا مع الهجوم الذي تشنه القوات العراقية ضد الجهاديين في الموصل. ويقطع معظم الزائرين مسافات طويلة سيرا على الأقدام تصل إلى نحو 500 كيلومتر، ويمشي هؤلاء بمواكب لطم وندب على وقع أناشيد حسينية، ويحملون رايات خضراء وسوداء وحمراء، تحمل أسماء بعض الذين قتلوا في معركة الطف. وتقول أم علي (45 عاما) "جئت مع عائلتي المكونة من بنتين وولد. زوجي مقاتل في الجيش العراقي. جئت من السماوة إلى النجف بالسيارة ومن النجف إلى كربلاء سيرا على الاقدام للايفاء بالنذر على سلامة زوجي بعد معارك تحرير الفلوجة التي شارك فيها". وتضيف أم علي "ليس لنا طلب سوى أن ينصرنا الله على الدواعش وتحرير الموصل وأن يهدي سياسيينا ليراعوا هذا الشعب الذي ضحى كثيرا". ويحيي الملايين من المسلمين الشيعة الاثنين ذكرى أربعينية الإمام الحسين بن علي (ثالث الأئمة المعصومين لدى الشيعة الاثني عشرية)، حفيد النبي محمد الذي قضى على يد جيش الخليفة الأموي يزيد بن معاوية، في واقعة الطف في العام 680 ميلادي، بمدينة كربلاء جنوب بغداد. وبدأ الزوار بالتوافد إلى كربلاء قبل أسبوعين، للتجمع حول القبة المذهبة لمرقد الإمام الحسين. وعلى جوانب الطرق في المدينة التي لا تزال متشحة بالسواد منذ بداية شهر محرم مع إحياء ذكرى عاشوراء، نصبت الخيم وفتحت الحسينيات لاستقبال الزوار الوافدين من محافظات العراق المختلفة وخارجه، وتقديم الخدمات مجانا. وتعد ذكرى الأربعين من المناسبات الأشد حزنا عند الشيعة، كونها تذكر بعودة رأس الإمام وأصحابه إلى كربلاء من مقر الخلافة في دمشق، كما وعودة السبايا، عائلة الإمام، ودفن ضحايا الواقعة. ويقول جابر كاظم خليف (40 عاما) الآتي من البصرة "جئت مع زوجتي وأولادي الثلاثة من البصرة إلى كربلاء مشيا. هذه هي المرة الثالثة". ويضيف "انطلقنا منذ 13 يوما ووصلنا كربلاء مساء الاحد وبتنا الليلة الماضية في أحد المواكب"، لافتا إلى أنه لن ينسى هذا العام الدعاء "لجيشنا وحشدنا الشعبي بالنصر". وضع أمني حساس وتتزامن الذكرى مع تواصل العملية العسكرية الواسعة التي تقوم بها القوات العراقية مدعومة من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة لاستعادة مدينة الموصل، آخر معاقل تنظيم الدولة الإسلامية في شمال العراق. وفي هذا السياق، ومع توقع أن تتخطى أعداد الوافدين عتبة 17 مليون شخص، تنفذ القوات الامنية إجراءات مشددة في بغداد ومحافظات إخرى تشمل تخصيص طرق لمرور الزوار بهدف حمايتهم من أي اعتداءات محتملة. وتعرض الزوار في السنوات الماضية إلى هجمات انتحارية وتفجير عبوات ناسفة أسفرت عن مقتل العشرات، وتبنى معظمها تنظيم الدولة الاسلامية. وقال قائد عمليات الفرات الأوسط اللواء الركن قيس خلف رحيمة ان 24 ألف عنصر من الجيش والشرطة يشاركون في الخطة الأمنية. ويشارك في الذكرى زوار عرب وأجانب من مناطق عدة في العالم. بين هؤلاء مجدي المسلم (35 عاما) الآتي من منطقة القطيف في السعودية، والذي يقول "في كل عام ننصب موكبنا هنا عند باب قبلة الإمام الحسين، وأطلقنا عليه اسم موكب القطيف، ونقدم الخدمات للزائرين من طعام وشراب".