×
محافظة المنطقة الشرقية

جامعة الشارقة تطلق «صندوق الأفكار والابتكار»

صورة الخبر

* ينبغي المحافظة على مكانة مصر تلك بعدم الانسياق إعلاميّاً بردود أفعالٍ تستجرُّ إليها أبواقُ الإعلام المصريِّ ممَّا يصعِّبُ عودة مصر إلى صفِّها العربيِّ ولدورها العربيِّ .. قد تقعُ بين الدول ممثلةً بأنظمتها السِّياسيَّة اختلافاتٌ في توجُّهاتها ومواقفها السياسيَّة، والحنكة السياسيَّة تقتضي ألَّا تمتدُّ اختلافاتها إلى العلاقات فيما بين شعوبها، فالأنظمةُ السِّياسيَّة قد تتبدَّل بغيرها أو تتغيَّر في توجُّهاتها ومواقفها فيما الشُّعوب باقيةٌ في أوطانها، فاختلافاتُ بلادنا فيما يتعلَّق بقضايا وأزماتٍ عربيَّة وإقليميَّةٍ ودوليَّة في توجُّهاتها ومواقفها السياسيَّة مع مصرَ قد يعدُّ طبيعيّاً في العصر الراهن، ولكنَّه ليس كذلك إذا انعكست تلك الاختلافات مع النِّظام السِّياسيِّ المصريِّ على العلاقات الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة والثقافيَّة مع شعب مصر، على الرَّغمِ من أنَّ تحليلاتٍ سياسيَّة كشفتْ بأنَّ النظامَ المصريَّ يختلق أزماتٍ سياسيَّةٍ أو يوجِّهها تحتَ وطأة ضغوطاتٍ اقتصاديَّة تعاني منها مصر فيلوِّح لدول الخليج بما تظنُّه قياداتُ النِّظام مؤثِّراً يدعوها للعمل عليه لتليين مواقفهم السِّياسيَّة بالزيتِ وبالمعونات؛ بل ولوحظ بأنَّ الإعلامَ المصريَّ قد أعدَّ أبواقاً وهيَّأها لتتولَّى مهمَّات الضغط السِّياسيِّ على دول الخليج العربيَّة لتعزيز منطلقات النظام السياسيِّ المصريِّ لابتزازها للتخفيف من مشكلاته وعثراته الاقتصاديَّة. وفي ضوء هذا المدخل كما تستقرئه تحليلاتٌ سياسيَّة لمجريات علاقات مصر السياسيَّة ببلادنا في فترات توتُّرها خلال العقود السبعة الماضية بل وتؤكِّدُ عليه، وأحسبني لا أخرج عن ذلك الاستقراء ولا أبتعد عن ذلك التأكيد وأنِّي لن أعجز عن إثباته بحثيّاً ولكنَّ ذلك ما لا تهدف إليه مقالتي هذه الهادفة للتأكيدِ على جوانبَ واعتباراتٍ أخرى ذات صلةٍ به ممَّا ينبغي أخذها بالاعتبار ووضعها بالحسبان في الظروف التي تهتزُّ فيها العلاقات بين وطني ومصر، وأبرز هذه الجوانب والاعتبارات هو التفريق بين مصر النِّظام ومصر الشَّعب، فينبغي ألَّا نخسر شعب مصر بتأثير من مواقف نظامها السياسيِّ. فمكانة مصر باعتبارها الدولة الأكبر سكَّاناً في الوطن العربيِّ، والرابطَ الإسترتيجيَّ بين دوله العربيَّة الآسيويَّة والعربيَّة الأفريقيَّة، ومقرَّ الجامعة العربيَّة المؤمَّل فيها أدواراً إيجابيَّة في علاج المشكلات العربيَّة البينيَّة في مسار التنمية العربيَّة ووحدة الكلمة وتوحيد الصفِّ في القضايا الإقليميَّة، بل ينبغي المحافظة على مكانة مصر تلك بعدم الانسياق إعلاميّاً بردود أفعالٍ تستجرُّ إليها أبواقُ الإعلام المصريِّ ممَّا يصعِّبُ عودة مصر إلى صفِّها العربيِّ ولدورها العربيِّ أو أن يجعلها تتطلَّبُ وقتاً أطول في عالم متغيِّرِ المصالح والتحالفات، وفي عصرٍ تشعَّبتْ فيه أخطارُ الدول الإقليميَّة والغربيَّة على الوطن العربيِّ، وألَّا نساعد هذه الدول بتحقيق هدفها الإستراتيجيِّ بعزل مصر عن محيطها العربيِّ وعن قضايا أمَّتها العربيَّة ومشكلاتها، فهذا هدفٌ تسعى إليه إيرانُ وإسرائيل ودولٌ أخرى. اختلفَ وطني مع مصر إبَّان فترة رئيسها جمال عبدالنَّاصر الذي تبيَّن أهداف جماعة الإخوان المسلمين ومخطَّطاتها تجاه مصر خاصَّة والوطن العربيِّ عامَّة فواجهها بحزمٍ معتقلاً معظم رموزها وقياداتها ومنظِّريها آنذاك، في حين استقبل وطني فلولَ الجماعة الهاربين من مصر واللاجئين إليه فمكَّنهم من مفاصل إعلامه وتعليمه العام والجامعي ِّوجمعيَّاته الخيريَّة فكانت تأثيراتهم في نشر الفكر الإخوانيِّ بين السُّعوديِّين عاملاً أنتج المتأخونين السعوديِّين المسيَّرين في ضوء أهداف جماعة الإخوان المسلمين ومخطَّطاتها فاستهدفوا معاً أمن بلادنا واستقرارها إلى أن تنبَّهت بلادي لخطرهم فتداركتْه في فترة لاحقة، ورحل جمال عبدالناصر وعاودت الجماعة نشاطاتها داخل مصر وخارجها، وأوصلتْ محمَّد مرسي العيَّاط لرئاسة مصر فنشَّط جماعة الإخوان المسلمين لمواصلة مخطَّطاتها فلوَّحتْ بها تقارباً مع إيران وإسرائيل للضغط على دول الخليج العربيَّة ابتزازاً لها، وحفزاً للمتأخونين فيها لتحقيق أهداف الجماعة فيها، فقد انكشفت مصر الإخوانيَّة برئاسة محمد مرسي العيَّاط بمخطَّطٍ شاركت فيه إيرانَ وباستخدام المتأخونين السعوديِّين يستهدف المملكة في المشاعر المقدَّسة في موسم حجِّ عام 1434هـ باضطرابات شعبيَّة تحاكي الربيع العربيِّ مساراً ثوريّاً. وتنبَّه وطني لذلك المخطَّط الإخوانيِّ الإيرانيِّ فأحبطه ودعم ثورة التصحيح للشَّعب المصريِّ التي قادها الفريق عبدالفتاح السيسي فقضى على الجماعة واعتقل رموزها بمن فيهم محمَّد مرسي ومرشدها ومحرِّكو مظاهراتها، ووجدتْ مصرُ من وطني دعماً سياسيّاً وماديّاً تُوِّج بتصنيف جماعة الإخوان المسلمين جماعةً إرهابيَّة من قبل دول الخليج العربيَّة ومعظم الدول الإسلاميَّة والصديقة، ولكنَّ مصر عادت من خلال نظامها السياسيِّ الحالي وتحت ضغط مشكلاتها الاقتصاديَّة لتمارس ضغطاً سياسيّاً بمواقفها السياسيَّة في أزمتي اليمن وسوريَّا على دول الخليج العربيِّ لتتوتَّر علاقاتها بالمملكة على الرغم من مجموعة الاتِّفاقيَّات السِّياسيَّة والاقتصاديَّة المتزامنة مع اتِّفاقيَّة استعادة المملكة لسيادتها على جزيرتي تيران وصنافير، وتحرَّكت أبواقُ الإعلام المصريِّ لتساند نظامها السِّياسيَّ في محاولات ابتزازيَّة مستجدَّة وللتشكيك بسيادة المملكة على الجزيرتين المستعادتين. وهكذا تتعاقب الأنظمةُ السياسيَّة في مصر وتتوالى محاولاتها الابتزازيَّة تحت ضغوطات مشكلاتها وعثراتهاالاقتصاديَّة، إلاَّ أنَّ الثابتَ أنَّ مصر بمكانتها في الوطن العربيِّ ستظلُّ جزءاً من الأمَّة العربيَّة يحتضن جامعتها العربيَّة ولن يستطيع أعداء العرب عزلها من محيطها العربيِّ مهما عملت أنظمتها السياسيَّة ومهما حاولت أبواقُها الإعلاميَّة؛ لذلك فإنَّه ينبغي على الإعلام الخليجيِّ ألَّا يخسر شعبَ مصر، فخسارته وهو الثابتُ فيها بتأثير أنظمة سياسيَّة ستتبدَّل أو ستصحِّح مساراتها وتوجُّهاتها سياسيّاً في ضوء التوجُّهات العربيَّة ولخدمة القضايا العربيَّة قصر الزمن أو طال، فعلى كتَّاب الرأي في صحف الخليج والمعلِّقين على مقالاتهم، وعلى المغرِّدين في جهات التَّواصل الاجتماعيِّ والمعلِّقين على تغريداتهم وكتَّاب المدوَّنات الإلكترونيَّة أن يتنبَّهوا لمخطَّط أعداء العرب لعزل شعب مصر عن محيطه العربيِّ وعن أمَّته العربيَّة فلا يعينوا على تمرير هذا المخطَّط العدوانيِّ، فالشُّعوب لا تتحمَّل أخطاء أنظمتها السياسيَّة ولا تنسى الإساءات إليها فلا تسيئوا لشعب مصر.