ابن الديرة متفقون جميعاً على أن المعلم هو الركن الأساسي في العملية التعليمية. نردد هذا بمناسبة ومن دون مناسبة كما نردد البدهي، لكن بعض المقولات أو الأفكار يظلم أو يهمل نظراً لفرط بدهيته، وكونه يندرج في الحقيقة المطلقة التي لا تحتمل أي جدل أو خلاف. ليس من المتصور أبداً أن يأتي أحد فيقول العكس، ويذهب إلى أن المعلم ليس طرفاً أساسياً في التعليم. عندئذٍ سيكون ضد العقل والمنطق. الاتفاق على سؤال المعلم يؤدي، بالضرورة، إلى أسئلة تليه وتتصل به، أسئلة صغيرة وكبيرة، سهلة وصعبة ومتشعبة، أسئلة بعضها جوابه بدهي، وأسئلة تدور في فلك الحيرة منذ زمن ولا تزال. السؤال الأول عن الحضور الحقيقي للمعلم في الحركة التعليمية في الإمارات. عبارة الحركة التعليمية أشمل من عبارة العملية التعليمية، فهل للمعلم الإماراتي رأي ابتداء، وكيف يستمع إليه؟ هل هناك آليات معتمدة منظمة لهذا الجانب؟ هل هناك آلية أخرى غير صيغة مجلس المعلمين الذي يتم اختياره بمعرفة وزارة التربية والتعليم، ويقال في أسلوب اختياره ودوره وتأثيره كلام كثير؟ السؤال هنا عن آلية حية مفعلة طوال العام الدراسي، فهل يعتبر المعلم الإماراتي بالفعل شريكاً في وضع الخطة واتخاذ القرار؟ السؤال الذي يلي عن مدى قدرة المعلم الإماراتي على ذلك. ليس تشكيكاً في قدرة أحد، فنحن لا نتكلم عن أفراد بعينهم وإنما عن المعدل العام؟ هل المعلم الإماراتي، مع الإدراك الكامل للفروقات الفردية، قادر على المشاركة الفاعلة في إبداء الآراء ووضع أو تعديل الاستراتيجيات؟ باختصار: هل المعلم الإماراتي مؤهل؟ وهل المعلم الإماراتي مؤهل لهذه المهنة إجمالاً ومطلقاً؟ يفترض أن أجوبة معظم الأسئلة المطروحة هنا إيجابية، فالمعلم الإماراتي يتعلم في أفضل المدارس والجامعات، ويفترض أن الذي يتجه لمهنة التدريس يحبها ويشغف بها، ويفترض أن النجاح يكون حليف المعلم الذي يكون على هذا القدر من الاستعداد. اذا أين المشكلة؟ متابعة الواقع تقول بوجود مشكلة في مكان ما، فالمعلمون، في المجمل، دائمو الشكوى والتذمر من عدم إشراكهم، وقد رأينا، بأم أعيننا، كيف كان المعلم الأجنبي يفضّل عليهم ويوضع في مواضع تتيح له تدريبهم والإشراف على عملهم، مع تساوي الدرجة العلمية وسنوات الخبرة، وفي أحيان كثيرة، مع تفوق المعلم المواطن علماً وخبرة. اللهم إني سهوت، جلّ من لا يسهو. هنالك فرق، فعيون هؤلاء خضراء وشقراء، وشعرهم أشقر، ويرطنون بالإنجليزية الفصحى. إذا أردنا نهضة تعليمية حقيقية فعلينا أولاً، وقبل أي شيء آخر، إعادة الاعتبار للمعلم، مواطناً وغير مواطن، مع العمل على مواجهة واقع المعلمين كما هو، من دون تهوين أو تهويل، وإشراك المعلمين في النهضة التعليمية، رأياً وقراراً، من أوسع الأبواب، وفتح باب الترقيات وفق معايير معلومة ومعلنة، والعمل على تعديل وتحسين مساقات كليات التربية والأقسام التي تخرج معلمين في مختلف الكليات، وإنصاف المعلمين مادياً ومعنوياً. بعض ما يجب علينا تجاه معلمينا، محل فخرنا واعتزازنا على الدوام. ebn-aldeera@alkhaleej.ae