إنّها مراقب قطاع اللغات التابع لخدمة الأخبار العالمية «غلوبال نيوز». ليليان لاندور التي تعمل في مجال الإعلام منذ 25 سنة تملك حلم التغيير، فما الذي تسعى إلى تغييره بالضبط؟ تجيب: «أسعى إلى تغيير العلاقة بين الجمهور والعاملين في مجال الإعلام، وإلى مساواة بين الطرفين خصوصاً أنّ بعض الإعلاميين يقف على منصّةٍ عالية ويخاطب الجمهور بفوقية، بل هم يذهبون إلى أن يفرضوا أنماط تفكيرٍ محدّدة ويقولون لهم: هكذا يجب أن تفكّروا!» وترى لاندور أنّ الإعلامي يجب أن يتغيّر هو أولاً كي يستطيع أن يُحدث تغييراً، مشيرة إلى أنّ عليه اللحاق بكلّ مظاهر التطوّر كي يبقى على تواصل مع الناس. «علينا أن نسبق الناس بخطوةٍ أو خطوتين - لأنّهم إذا سبقونا فسنفقد التواصل معهم - شرط أن نحافظ على الحياد». وتشرح أنّ شبكة «بي بي سي» تدرك تماماً أين يتّجه الجمهور، فالراديو خفّ وهجه، وزاد الإقبال على التلفزيون، وأكثر على الإنترنت، وأكثر بعد على الخليوي». نسأل لاندور: هل الحياديّ قادر على إحداث تغيير؟ ألا يتأثّر الناس أكثر بمن يقودون حملاتٍ مكثّفة لدعمٍ فكرةٍ ما؟ «على العكس» تسارع إلى التأكيد، وتضيف: «الناس يتأثّرون اليوم بالأشخاص الحياديين، فالجمهور ليس غبياً ويدرك تماماً الفارق بين الإعلامي الذي يعرض أمامه كل وجهات النظر ويدعوه أن يختار بنفسه، وبين الإعلامي الذي يحاول أن يفرض عليه اتّباع وجهة نظره». حين نشير إلى أنّ الواقع يظهر أنّ فئة غير صغيرة من الجمهور تحبّ أن يُعرَض أمامها رأي جاهز للتبنّي، توضح أنّ هذه الفئة إنّما تبحث عن وسيلة إعلام تنقل لها ما تريد أن تسمعه، وليس الواقع كما هو. فإذا كان شخص يعتقد أنّ السماء حمراء فسيبحث عن إعلامي يقول له إنّ السماء حمراء، «ولكنّ الجمهور الذكي، وعدده كبير، يبحث عمّن يخبره عن كل ألوان السماء في كل حالاتها، وهذا الجمهور يجد ضالّته في شبكة بي بي سي». عن الصعوبات التي تواجهها «بي بي سي» اليوم تقول لاندور إنّ المشكلة الأساسية تكمن في قلّة الموارد، خصوصاً حين تتمّ مقارنتها بوسائل إعلامية أخرى مثل «الجزيرة» أو «العربية» أو تلفزيون «روسيا اليوم» أو القناة الصينية PPTV. ولكن، ألا يضع ذلك محطة «بي بي سي» في موضع ضعفٍ؟ «أبداً»، تقول بثقة، «لحسن الحظ يحلم كثر بالعمل في «بي بي سي» لأنّهم يعتبرونها مدرسة في عالم الإعلام، ونحن ننافس بقوّةِ المضمون الذي نقدّمه». هل نجحت «بي بي سي» مثلاً في أن تكون مرجعاً لأخبار الربيع العربي؟ أولاً تتحفّظ ليليان على تسمية «الربيع» العربي، ثم تخبر أنّ الجمهور اعترض في البداية لأنّ الشبكة لم تتحمّس لأي طرف. «الآن بات الجمهور يوافقنا الرأي، ويعود إلينا كي يتأكّد من الأخبار التي يسمعها، والأهم، يلجأ إلينا لأنّه يطلب تحليل الـ «بي بي سي» ومنطقها في مقاربة الأمور». غالباً ما تتكرّر فكرة أنّ الناس يلجأون إلى «بي بي سي» للتأكّد من المعلومات، ألا تطمح الشبكة في أن تكون الوسيلة الإعلامية الأولى التي يبحث فيها الناس عن حدثٍ مفاجئ؟ تقول ليليان أنّ الناس اليوم لا يتّجهون أولاً إلى وسيلةٍ إعلامية، بل يسارعون إلى «تويتر» أو «فايسبوك» لمعرفة ما حصل فجأةً. برأيها، الخبر في هذه الأيام يمكن أن يصل بألف طريقة وطريقة، فوصول الخبر إلى الناس ليس الأهم، الأهم هو تحليل هذا الخبر وما يختبئ خلفه. وتشير الإحصاءات، بحسب لاندور، إلى إنّ أكثر المتابعين لشبكة «بي بي سي» في المنطقة العربية، هم المصريون والسعوديون الذين يلجأون إلى إحدى وسائل الشبكة (تلفزيون، راديو، موقع إلكتروني) للاطّلاع على الأخبار. شبكة «بي بي سي» ترفع شعار «أسئلة بلا قيود»، فنسأل ليليان: هل يجب أن تُكسر كل القيود حول الأسئلة خصوصاً أن فكّ القيود حول بعض المواضـيـع يمكن أن يـسبّـب مـشكلةً ما؟ تـشرح أنّ القيـود التي تُكسر في أسئلة «بي بي سي» هي تلك التي تخاف على مصلحتها الشخصية أو تخاف من الاعتبارات السياسية. «القيــود هي قيود الخوف، فنحن لا نقوم بحسابات تكتيكية قبل طرح السؤال، بل نسأل ما ينتظر منّا المُشاهد أن نـــسأله، حتّى لو كان فتــح مــوضوع ما يقود إلى عتب بعضهم». بي بي سيليليان لاندور