أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الخلافات بين روسيا والولايات المتحدة حول أوكرانيا قائمة، لكنه دعا إلى «تجنب تضحية البلدين بالعلاقات بسبب خلاف على مشكلة دولية واحدة، على رغم أهميتها الشديدة، خصوصاً أن علاقاتهما مهمة جداً لضمان الاستقرار والأمن في العالم». وغداة اتخاذ الاتحاد الأوروبي، خلال قمة طارئة أول من أمس، عقوبات «محدودة» شملت تعليق محادثات مع موسكو في شأن تأشيرات السفر ومعاهدة استثمار جديدة، عن نتائج سريعة، اتهمت الأخيرة الاتحاد بـ «انتهاج موقف غير بنّاء»، وقالت وزارة الخارجية الروسية: «لن نقبل لغة العقوبات والتهديدات، وسنرد إذا فرضت عقوبات». كما نددت وزارة الخارجية الروسية بقرار الحلف الأطلسي (ناتو) تعليق تعاونه مع موسكو بسبب أزمة أوكرانيا، قائلة إنه «أسلوب منحاز، يظهر محاولات خطرة جداً لجلب الحلف إلى أوكرانيا، حيث الوضع معقد وحساس، ما يزيد التوتر، ويقوض احتمالات التسوية». ولوّح وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس بحزمة عقوبات أوروبية ثانية على روسيا، إذا لم تسفر الحزمة الأولى عن نتائج سريعة. وأشار إلى أن العقوبات الجديدة قد تفرض على مسؤولين ومؤسسات روسية، إذا لم يفهم الروس أهمية استئناف العلاقات الطبيعية، وتتضمن تجميد ممتلكات أو إلغاء تأشيرات الدخول أو رفضها». وشدد فابيوس على أن الأزمة الحالية في أوكرانيا «غير مقبولة»، وصف الاستفتاء المقرر في القرم بأنه «غير شرعي وفقاً إلى القانون الدولي». ولفت إلى أن الوزراء الفرنسيين لن يحضروا الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة في مدينة سوتشي الروسية، و «هو موقف منطقي جداً». لكن كشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «انفراتيست ديماب» لحساب تلفزيون «أي آر دي» الألماني عدم رغبة نسبة 72 في المئة من المستفتين الألمان بفرض عقوبات اقتصادية على روســـيا بسبب تدخلها في أوكرانيا، لكنهم أيدوا الحكومة الجديدة في كييف، وأبدوا عدم ثقتــهم بالرئيس الروسي بوتين. وأفاد بيان للكرملين بأن «الرئيس بوتين أبلغ نظيره الأميركي باراك أوباما في مكالمة هاتفية بأن السلطات الجديدة في أوكرانيا انبثقت من انقلاب غير دستوري على الرئيس فيكتور يانوكوفيتش، واتخذت قرارات غير شرعية في مناطق شرق البلاد وجنوب شرقها والقرم». واعتبر بوتين أن روسيا «لا تستطيع تجاهل طلب إقليم شبه جزيرة القرم (جنوب أوكرانيا) بمساعدتها. وهي تتصرف على هذا الأساس بما يتفق مع القانون الدولي»، علماً أن الناطق باسمه ديميتري بيسكوف أسف لأن «جهود بوتين لنزع فتيل الأزمة في أوكرانيا تقابل بعدم فهم»، مضيفاً: «إنه أمر محزن، والأسوأ هو أنه يجلب العواقب، وموسكو لا تدير الأحداث في أوكرانيا، بل العكس». وكان برلمان إقليم القرم وافق أول من أمس على الانضمام إلى روسيا وإجراء استفتاء حول هذا الأمر في 16 الشهر الجاري، وهو ما وصفه الزعماء الموالون للغرب في كييف بأنه «انتهاك للقانون الدولي»، علماً أن البرلمان الروسي أعلن اثر لقاء بعض أعضائه بوفد من برلمان القرم في موسكو أمس، أنه سيحترم «الخيار الحر والديموقراطي التاريخي» للقرم في الاستفتاء المقبل. وصرحت فالنتينا ماتفيينكو، رئيسة المجلس الفيديرالي الروسي (الشيوخ) بأن الحرب لن تندلع بين روسيا وأوكرانيا «فهذا الأمر هراء مطلق، ولا يعكس نياتنا ومشاعر التعاطف والألم التي نشعر بها تجاه الشعب الأوكراني». وفيما حض أوباما في المكالمة التي استمرت ساعة، الرئيس الروسي على قبول شروط حل ديبلوماسي للأزمة التي فجرت أسوأ أزمة في العلاقات الأميركية - الروسية منذ نهاية الحرب الباردة، دافع بوتين عن تحركات بلاده في «البلد الشقيق» أوكرانيا، وقال: «لسنا وراء السيطرة على القرم» التي يتمركز فيها الأسطول الروسي في البحر الأسود، مشدداً على أن المسلحين الذين استولوا على مبانٍ هناك «أعضاء في وحدات الدفاع الذاتي المحلية». وأعلن بوتين أنه اتفق مع أوباما الذي أقرّ قيوداً على منح تأشيرات سفر لمسؤولين روس وأوكرانيين، وأصدر مرسوماً يسمح بتجميد أصول أفراد أو كيانات «تهدد السلام في أوكرانيا وأمنها واستقرارها»، على مواصلة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره الأميركي جون كيري «الاتصالات المكثفة» في شأن أزمة أوكرانيا التي يرى أن حلها «يجب أن يستند إلى اتفاق 21 شباط (فبراير) الماضي الذي وقعه، بوساطة من الاتحاد الأوروبي، الرئيس المعزول يانوكوفيتش مع زعماء المعارضة الأوكرانية السابقة. وكرر أوباما في المكالمة مطالبته بإجراء روسيا وأوكرنيا محادثات مباشرة بمساعدة الأسرة الدولية، ونشر مراقبين دوليين للتأكد أن الأوكرانيين، وبينهم الأقلية الروسية، محميون، وعودة القوات الروسية إلى ثكناتها، مؤكداً رغبة الأسرة الدولية في مساعدة الأوكرانيين في تنظيم انتخابات 25 أيار (مايو) المقبل. وفي مكالمة هاتفية أخرى، اتفق أوباما مع رئيس الوزراء الياباني شينزو على دعم طوكيو الجهود التي تبذلها واشنطن في أزمة أوكرانيا بأمل «تحقيق تقدم سريع لإنهائها»، والعمل مع الشركاء الآخرين في «مجموعة الــسبع» لإنجاز هذا الأمر. وشددا على أن «أفعال روسيا خطر على السلام العالمي». في المقابل، أعلنت وزارة الخارجية الصينية بأن فرض عقوبات ليس أفضل وسيلة لحل أزمة أوكرانيا، وقال الناطق باسمها تشين قانغ: «نعارض دائماً استسهال استخدام العقوبات في العلاقات الدولية أو التهديد بها، ونأمل بأن تتخذ كل الأطراف خطوات لتجنب تصاعد التوترات والعمل جدياً لإيجاد سبيل لحل سياسي للأزمة. فهذا الطريق أساسي للخروج من الأزمة». ولم تبد الصين حتى الآن اهتماماً بتقديم مساعدات مالية لأوكرانيا أو التدخل ديبلوماسياً، منتهجة سياستها المعتادة في التعامل مع غالبية القضايا الدولية. استفتاء القرم وغداة إعلان سلطات القرم تنظيم استفتاء الانضمام إلى روسيا، أعلن القائم بأعمال الرئيس الأوكراني ألكسندر تيرتشينوف أن البرلمان سيبدأ إجراءات لإقالة برلمان القرم وعرقلة الاستفتاء. وأكد رئيس الوزراء الأوكراني أرسيني ياتسينيوك «استعداد كييف لإجراء محادثات مع روسيا، لكن يجب أن تسحب موسكو أولاً قواتها والتزام الاتفاقيات الدولية، ووقف دعمها «للانفصاليين والإرهابيين» في القرم. وكشف انه طلب إجراء مكالمة هاتفية ثانية مع رئيس الوزراء الروسي ديميتري ميدفيديف، بعد أولى أجرياها السبت الماضي. ويعتزم إيفان سيمونوفيتش، مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لحقوق الإنـــسان، زيارة غرب أوكرانيا وشرقها قريباً، وبينها القرم التي طرد منها مبعوث آخر للأمم المتحدة في وقت سابق من هذا الأسبوع، كما مُنِع للمرة الثانية خلال يومين، مراقبون عسكريون لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا من دخول القرم. وعرض المجلس الأوروبي الذي يراقب حقوق الإنسان في القارة التحقيق في أعمال عنف ومعاملة الأقليات في أوكرانيا، في محاولة لتهدئة التوترات المتصاعدة بين كييف وروسيا. إلى ذلك، طالبت كييف الشرطة الدولية (انتربول) بإصدار مذكرة توقيف في حق الرئيس الأوكراني المخلوع يانوكوفيتش بتهمة «استغلال السلطة والقتل». وقال «الانتربول» إن مكتب الشؤون القانونية للمنظمة يدرس الطلب حالياً. روسيااوكرانيا