حذر فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام بمكة المكرمة الشيخ الدكتور سعود الشريم من الأثرة والأنانية، وقال في خطبة الجمعة أمس: «لقد طغت الأثرة في كثير من المجتمعات، وضربت بأطنابها في الأسرة والجيران وساحة المعرفة وسوق العمل، فأفرزت الكسل في العمل التطوعي، وأكدت التنافس بالعمل المصلحي، كما أنها وأدت الشفاعة ونفع الناس وأكدت الرشوة والغلول والابتزاز»، مستشهدا بقول ابن القيم ــ رحمه الله: (وليحذر كل الحذر من طغيان «أنا، ولي، وعندي»، فإن هذه الألفاظ الثلاثة ابتلى بها إبليس وفرعون وقارون). وأكد أن قيمة المجتمع بأخلاقه، فإن لم يحتسب كل فرد منه أنه جزء من هذا المجتمع، فإنه سيرى أنه المجتمع وحده، وهذه هي الأثرة الموجعة، مضيفا أن المجتمع لن ينجح ما دام كل واحد فيه لا يعرف إلا كلمة «أنا»، فالمجتمع أسرة يشترك جميع أفرادها في رعاية ما يصلحها والابتعاد عن ما يفسدها، بالنظر إلى الصالح العام فيجلب، وإلى الفساد العام فيتقى، ضاربين بكلمة «أنا» عرض الحائط؛ لأنه لن يحيى مجتمع كل فرد من أفراده لا يرى فيه إلا نفسه، ولا تقوم قائمة المجتمعات دون أن يتحقق فيها الشعور بالآخرين واستحضار حقوقهم التي أوجبها الله على كل فرد ليحسن رعايتها بما يرضي الله ــ جل وعلا ــ لا بما يرضي نفسه. وأوضح أن الأثرة تعني حب النفس المفضي إلى تقديم رغباتها وشهواتها دون الاهتمام بحقوق الآخرين العامة والخاصة، وهى حب الذات في الرغبة بالمطالبة من زاوية واحدة لمصلحة النفس، دون النظر إلى مصالح المسلمين، فليس لمصلحة الأسرة أو المجتمع دور في قاموس المتصف بتلك الصفة، فهو يرى في الحياة كلها معنى نفسه لا معنى الناس، لافتا إلى أن الله حرم حلاوة الإيمان الشخص الذي يتخلق بمثل هذه الصفة لقوله ــ صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه». وفي المدينة المنورة، تحدث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ عبدالباري الثبيتي عن معاني الموت والحياة الحقيقية والمجازية، وقال في خطبة الجمعة من المسجد النبوي أمس: «إن الحياة ضدها الموت، فحياة الأرض بالإنبات، وحياة العقل بالعلم، وأن الله ــ عز وجل ــ أنقذ عباده بالإسلام من موت الروح الذي هو أشد من موت الجسد، وإن العبد ما لم تشرق في قلبه شمس الرسالة وينال من حياتها وروحها، فهو في ظلمة وهو من الأموات» مستشهدا بقول الله تعالى (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها). وحذر المسلمين من ضياع الوقت وموته، فموت الوقت هو موت الإنسان في الحياة ويفرز عواقب وخيمة في السلوك والأخلاق والعقيدة، وذكر أن من صور الموت موت القلوب بضعف الإيمان، فالقلب الميت لا يعرف ربه ولا يهتدي بنوره والحياة الحقيقية هي حياة القلب، مضيفا أن العبد إذا أعرض عن الله ــ عز وجل ــ واشتغل بالمعاصي ضاعت عليه أيامه الحقيقية، قال تعالى (فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء).