×
محافظة المنطقة الشرقية

12 مليون تفاعل و 160 ألف متابع على شبكات التواصل الاجتماعي

صورة الخبر

الروائي اليمني محمد الغربي عمران: تاريخنا مزيف الإبداع حر أو لا يكون، لكن مازلنا في أوطاننا العربية نعاني من مصادرة حرية الإبداع بكل صنوفه، بحجة المساس بالمقدس أو تناول قضايا محظورة كالجنس والسياسة والدين، وهي ثالوث المحكمة التي يقف أمامها كل مبدع عربي لتجيزه أو لا، فغالبا لا تكون الأهمية للعمل الإبداعي بقدر أهمية صكّ الغفران الذي يعطى للمبدع. العرب التقت الكاتب اليمني محمد الغربي عمران الذي عانى ويلات هذه المحاكمات عن آرائه ما أدى حتى إلى سحب جائزة منه. العربصالح البيضاني [نُشرفي2016/11/17، العدد: 10458، ص(15)] الإبداع يعني الحرية مرة أخرى يتسبب عمل روائي جديد للكاتب اليمني محمد الغربي عمران في إثارة عاصفة من الانتقادات، تجاوزت المشهد النقدي إلى واحدة من كواليس الجوائز الأدبية التي حصل عليها الغربي، غير أنها ما لبثت أن سحبت منه، إثر جدل مزدوج سببته الاتهامات للرواية بالإساءة لأحد الرموز التاريخية والدينية في اليمن عموما، ولدى أبناء الطائفة الإسماعيلية على وجه الخصوص، والحديث في الأوساط الثقافية عن تعمده طباعة عمل مقدم للتنافس على جائزة مخصصة للأعمال غير المنشورة. لم يقرأوا روايتي وكانت جائزة “كتارا” قد أعلنت في أكتوبر الماضي عن قرارها سحب الجائزة التي حصل عليها الغربي عمران عن روايته “ملكة الجبال العالية” بعد اتهامات وجهت للرواية بأنها خرقت أنظمة الجائزة التي تشترط المشاركة برواية غير منشورة في الفرع الذي فازت به رواية عمران، والتي قالت هيئة الجائزة إنها نشرت قبيل إعلان النتائج تحت اسم “مسامرة الموتى” عن دار الهلال المصرية، كما اتهم كتاب يمنيون عمران بتعمد الإساءة للملكة اليمنية أروى بنت أحمد وتشويه تاريخها. وفي تعليقه على الضجة التي أحدثتها أحدث رواياته وملابسات قرار سحب الجائزة منه قال عمران لـ”العرب”، “قالوا بأني نشرت الرواية قبل إعلان النتائج بشهر وعشرين يوما، مع العلم أني قدمتها قبل سنة وقد نسيت بسبب تأجيلهم الإعلان عن النتائج بعذر كثرة الأعمال المقدمة، أي أن الرواية طبعت مؤخرا، ومع ذلك أنا من وصفوني بالمحتال، وقالوا إنني قدمت لهم رواية مطبوعة”. وفي رده على الاتهام الذي وجه له بتعمد إثارة غضب طائفة بعينها من خلال روايته “ملكة الجبال العالية” التي تتطرق إلى الملكة أروى بنت أحمد الصليحي، يقول الروائي محمد عمران لـ”العرب” إنه “لا يوجد في العمل الإبداعي وبالذات في الرواية أن يتعمد الكاتب شيئا، أن يقضي سنتين من أجل أن يثير طائفة. فهم مثارون بالأصل، فالطوائف في حروب تكفيرية بين بعضها البعض. الرواية تتحدث عن حياة اجتماعية تتداخل فيها العلاقات وتتمازج جنسيا وأخلاقيا وقيميا، فلم يعد هناك من محظور هناك مجموعة من الكتاب حاكموني قبل أن يقرأوا الرواية، واتهموني بأني حولت الملكة أروى إلى أنثى داعرة، وأني ازدريت مذهبا شيعيا، وأني أتعمد تشويه التاريخ الوطني. وحين سألتهم هل قرأتم الرواية، تبيّن أنهم لم يقرؤوها. وبذلك عرفت بأن مسألة مهاجمتي تدخل ضمن موقفي من الحرب في اليمن، ومن ضدها، وأنا ضد الحرب دوما. ولذلك كان رد فعل مناصري الحرب حملة منظمة، لكنهم يظلون أصدقاء وإخوة وأقول ربنا يقويهم، وسعيد لأنهم يرتزقون من مهاجمتي”. تهمة أخرى وجهت لرواية الغربي عمران الأخيرة وهي تهمة تلاحق أغلب أعماله الأدبية، التي تتهم بأنها تلعب على وتري الجنس والتاريخ، ويرد هو على هذا الاتهام بالقول إنه يستخدم الجنس والتاريخ ولكن في سياقه الموضوعي والفني، مضيفا في سياق حديثه عن روايته المثيرة للجدل “ملكة الجبال العالية” أن “الرواية تتحدث عن حياة اجتماعية، والحياة الاجتماعية تتداخل فيها العلاقات وتتمازج جنسيا وأخلاقيا وقيميا، لم يعد هناك من محظور، ووظيفة الكتاب والفنانين اختراق ما كان يوصف بالتابو. لا حدود للإبداع لا يوجد في الإبداع حدود ومسلمات وما نسميه ‘تابو’ تجاوزته المجتمعات البشرية، إلا نحن، الإبداع يعني الحرية، والجنس وتوظيفه أساس في العمل الإبداعي وتعرية السياسي الفاسد من صلب العمل الإبداعي، وطرح الأسئلة حول الديني وظيفة من وظائف الإبداع، ولا يوجد وكيل حصري لله”. الرواية ليست من وظيفتها كتابة التاريخ ينفي محمد الغربي عمران أن تكون أعماله محاولة لإعادة كتابة التاريخ، ساردا العديد من الفروق الجوهرية بين كتابة الرواية والتاريخ، مؤكدا “أنا أكتب الرواية، ولا أفكر في كتابة التاريخ، أنا أختلق خيالا وإن وردت بعض الأسماء الحقيقية. ثم أي تاريخ نتحدث عنه، كل تاريخنا مزيف، فماذا تريد من المنتصر أن يكتب، أو صبيان السلطان أن يكتبوا. ما يعرف من تاريخ كتبه مقربون من بلاط السلطة. ولذلك كله زيف، حين أقرأ التاريخ أبحث بخيالي عما بين السطور وأتخيل أبطالا ليسوا من ذوي السلطان، أنا أكتب للمهمشين فهم أبطالي، أحاول أن أتخيل الإنسان العادي في زمن حاكم معين، إعادة إنتاج لتاريخ ليس صحيحا”. وعن الفرق بين التاريخ والرواية يسترسل ضيفنا “دعني أحدثك عن الفرق بين التاريخ والرواية، فحين يتخيل الروائي شخصيات وأحداثا في زمن ماض، لا يعني أنه يكتب عن شخص حقيقي، بل شخص متخيل، فقط الروائي يتكئ على التاريخ، أو يستدعي بعض الأسماء أو الأحداث، لكنه لا يتقيد بحرفية ما حدث، فالرواية على عكس التاريخ، الرواية أن يحلق الكاتب في سماوات الخيال، والتاريخ علم من يكتبه يتقيد بتسلسل أحداثه كما وقعت وبأسماء من أداروا تلك الأحداث ومواقعها والرواية ليس من وظيفتها كتابة التاريخ، وظيفتها تفجير الجدل وهدم الثابت وبناء المتحرك ورفع مستوى النقاش حول أفكار وجودية وحول مسلمات تريد الرواية نقض التسليم بها، الرواية خيال، هناك من كتب الرواية التاريخية كجرجي زيدان وباكثير وقد تقيدا به، وما نقرأه اليوم فضاء من الحرية والفن يثير فينا جدلا لا ينتهي ومن انتقدني واتهمني لم يقرأ أعمالي، فكيف هذا؟”. :: اقرأ أيضاً هل تنقذنا القصص من حماقاتنا البشرية المرآة لا تعكس بالضرورة صورنا المتطابقة جائزة كتارا هل هي للرواية أم للتجارب الروائية؟ غياب الطفل عن الدراما العربية دليل خلل ثقافي