حينما كانت أندية أسبانيا وإنجلترا وإيطاليا وألمانيا تعاني تخمة الديون، بل والعديد منها كان قاب قوسين من الإفلاس، كما حدث لأحد عمالقة أندية أوروبا بروسيا دورتموند في مطلع الألفية، وإعلانه للإفلاس، كانت تلك الأندية تتجه تدريجيا نحو الخصخصة وفتح باب الاستثمار لرجال الأعمال والشركات العملاقة من أجل رعاية أنديتها، ليتحول الأمر في عقدين من الزمن من أندية تعاني من خطر الإفلاس إلى مؤسسات رياضية تدر المئات من الملايين، وكل ذلك يعود إلى تطبيق الاحتراف الحقيقي المتمثل بالخصخصة. وبعد قرار تاريخي تمثل في إنشاء صندوق التنمية الرياضية وتخصيص أندية الدرجة الممتازة في خطوة يراها البعض تحولا جذريا في مسار الرياضة السعودية، ها هي الأندية السعودية تدخل مرحلة جديدة في عالم الاحتراف الحقيقي وكل المؤشرات تدل على أن الخطوة المباركة في الموافقة على تخصيص الأندية السعودية، ستساهم بقوة في رفعة الرياضة السعودية وتقوية أعمدتها الاقتصادية والمساهمة في مواكبة التطور الحاصل في مختلف الرياضات وخاصة كرة القدم والتي أضحت رياضة تدر الملايين، وكل ذلك يتماشى مع رؤية الحاضر لمستقبل المملكة 2030. أشار فضل البوعينين المتخصص في الشؤون الاقتصادية والقطاع المصرفي إلى أن ملف الخصخصة أخذ الكثير من الوقت بالرغم من اكتماله، حيث ربما أن المعاناة كانت تكمن في القدرة على اتخاذ هكذا نوع من قرارات مفصلية وهذا ما تسبب في بطء تنفيذ الخصخصة. وأضاف: إن الخصخصة ستكشف حقيقة نظام الاحتراف المتعامل عليه حاليا، بسبب عدم اكتمال المنظومة وتهيئة البيئة الحاضنة لها، وأن الخصخصة هي الأداة الأضمن لتحقيق كفاءة الاحتراف. وحول الفوائد المرجوة من الخصخصة، بين الاستاذ فضل أن كرة القدم في المملكة رياضة تدر الكثير من الأموال الطائلة، غير أنها مهدرة لأسباب تنظيمية صرفة، وأن قرار الخصخصة سيساهم في معالجة هذا الإهدار، فملاك الأندية سيحرصون على العوائد المالية وتحقيق الربحية قدر المستطاع وتحقيق التوازن المالية لأنديتهم. ونبه البوعينين إلى أن الخصخصة لن تكون مجدية ما لم تصاحبها تشريعات موازية لكل ماله علاقة بكرة القدم والأندية بشكل عام، حيث نقل التشريعات والأنظمة الأوروبية المطبقة هناك هو الأجدى بدلا من التجارب المؤلمة. وربط فضل البوعينين بين صناعة الرياضة وبين جميع القطاعات، ضاربا بالقطاع السياحي مثالا على ذلك، مستشهدا باسبانيا التي أثرت فيها كرة القدم على القطاع السياحي عوضا عن الانعكاسات الجانبية الأخرى. واكد محمد الرتوعي رئيس هيئة الاستمثار في نادي القادسية أن قرار خصخصة الأندية السعودية سيشكل تغيرا جديدا ونقلة نوعية في تاريخ الرياضة السعودية على كافة الأصعدة. وأشار الرتوعي إلى أن القرار سيساهم في توفير فرص عمل كثيرة لشباب الوطن، ناهيك عن تخفيف العبء المالي من على كاهل الدولة، بالإضافة إلى فتح سوق جديدة من المنافسة من قبل الشركات التي ستدخل هذا المضمار والتي ستشهد حراكا اقتصاديا إيجابيا يصب في مصلحة الوطن تماشيا مع رؤية سمو ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز 2030. وأضاف الرتوعي: إن أغلب توجهات رجال الأعمال في الخارج تكون عبر الاستثمارات في الأندية، وهذه الخطوة ستعيد تفكير هؤلاء بل وستجذب العديد من رجال الأعمال للاستثمار الرياضي في المملكة. وأوضح مشهور الحارثي المدير التنفيذي للجنة الاستثمار الرياضي بغرفة جدة المدير العام لشركة الفريق المحترف الرياضية أن ما حدث خطوة عظيمة طال انتظارها من قبل الجميع، وستتبعها خطوات أعظم لتكملة الخطط المرسومة التي ستنقل الرياضة في المملكة إلى مصاف الدول المتميزة في المجال الرياضي والوصول إلى احتراف حقيقي على جميع الأصعدة. وأوضح الحارثي أن الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل خاص بدون خصخصة تشكل عبئا ثقيلا على ميزانيات الدول، وبالتالي فإن الرياضة أصبحت صناعة بحد ذاتها وذات عوائد اقتصادية ضخمة، وهو ما يتماشى مع التوجه العام للدولة نحو تنويع مصادر الدخل وسيشهد القطاع الرياضي نقلة نوعية تتناسب مع حجم الملف الضخم. وأضاف: إن تشكيل لجنة برئاسة رئيس الهيئة العامة للرياضة بالإضافة إلى ممثلين من الجهات ذات الارتباط المباشر يؤدي إلى تكامل في إنجاز المشروع ويحد من البيروقراطية -على حد وصفه-. وطالب مشهور بأن تكون آلية التنفيذ عن طريق التخصيص الجزئي والمتدرج متمثلا في رياضة كرة القدم أولا عن طريق أحد الأندية الجاهزة وذي القاعدة الجماهيرية ونادٍ آخر ذي قاعدة جماهيرية صغيرة وتلافي السلبيات في التجربتين مستقبلا وتعزيز الإيجابيات وتعميمها على بقية الأندية.