أعلنت مصادر دبلوماسية أن إدارة أوباما خففت ضغطها الدبلوماسي الذي أرادت به حمل سوريا على التخلص من كل مخزونها من مادة الكلور والقنابل البرميلية التي تستخدمها في الهجوم على المواقع التي تسيطر عليها المعارضة. وكان «كينيث وارد» ممثل الولايات المتحدة في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية قد جادل الشهر الماضي بأن على سوريا، بعد ثبوت استخدامها الكلور كسلاح كيماوي أن تعلن عن مخزونها من الكلور والمواد الكيماوية السامة بموجب بنود معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية. وكان فريق من الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية قد توصل في الآونة الأخيرة إلى أن سوريا استخدمت أسلحة كيماوية في عامي 2014 و2015. وأضاف «وارد» أنه يتعين على سوريا أيضاً أن تعلن عن كل عتاد يتعلق بهذه الأسلحة مثل البراميل المتفجرة والمنشآت التي تستخدم في إنتاج هذه الأسلحة الكيماوية وتدمرها. وسعى «وارد» إلى الحصول على موافقة على مسودة قرار يطالب سوريا بالإذعان لتفتيش كل المواقع المشتبه بأن لها صلة بالأسلحة الكيماوية وإلا فقدت حقها في التصويت ومزايا أخرى في منظمة حظر الأسلحة الكيماوية. وتصدى للمسعى روسيا التي طالما عبرت عن استعدادها لاستخدام حق النقض في مجلس الأمن ضد أي مسعى لفرض عقوبات على سوريا لاستخدامها أسلحة كيماوية. كما واجهت الولايات المتحدة في لاهاي، مقر منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، مقاومة من دول نامية جادلت بأن مجلس الأمن الدولي هو المكان الملائم لفرض عقوبات على دولة ما. وبعد ذلك حاولت الولايات المتحدة جسر الفجوة، فسحبت واشنطن مسودتها وأفسحت الطريق لمسودة قرار إسباني يدين أنشطة الأسلحة الكيماوية السورية، لكنه لا يهدد بفرض عقوبات. ويوم الجمعة الماضي أيدت الولايات المتحدة الإجراء التوفيقي الإسباني الذي يدين استخدام الحكومة السورية و«داعش» للأسلحة الكيماوية، ويطلب من «منظمة حظر الأسلحة الكيماوية» القيام بعمليات تفتيش في مواقع معينة لها صلة بأنشطة الأسلحة الكيماوية. ولم يتطرق الإجراء إلى فرض أي عقوبات على دمشق، ولم يطلب منها الإعلان عن مخزونها من الكلور والقنابل البرميلية. وكان مسؤولون أميركيون وأوروبيون يأملون في استجابة أقوى لكن الموافقة يوم الجمعة الماضي على القرار الإسباني تمثل تقدماً مهماً في مساعي محاسبة المسؤولين عن استخدام الأسلحة الكيماوية مع الأخذ في الاعتبار القيود السياسية الشديدة في الأمم المتحدة. وقرار يوم الجمعة يعطي منظمة حظر الأسلحة الكيماوية الحق في التفتيش مرتين كل عام في منشأتين في برزة وجمرايا اللتين وجدت فيهما المنظمة آثاراً لغازات الأعصاب مثل (السارين وفي. إكس). وتزعم سوريا أن المنشأتين لم تلعبا دوراً في برنامج الأسلحة الكيماوية السوري الذي كان سرياً ذات يوم. لكن الولايات المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لا تريان هذا. وذكر دبلوماسيون أن المسودة الإسبانية التي أُقرت يوم الجمعة ووافقت عليها 28 دولة على الأقل، ورفضتها روسيا والصين والسودان وإيران، وامتنعت تسع دول عن التصويت عليها. ويؤكد المسؤولون الأميركيون، رغم التراجع عن مخططاتهم الأولية، أنهم ما زالوا ملتزمين بمحاسبة الضالعين في الهجمات الكيماوية. لكن الزمن قد ينفد من إدارة أوباما قبل أن توفر دعماً داخل الأمم المتحدة لفرض عقوبات شديدة. لكن مسؤولين أميركيين يأملون أن يتمكنوا على الأقل من تمديد مدة بقاء المفتشين للقيام بعملهم. وعبر مسؤول من وزارة الخارجية الأميركية عن اعتقاده بأن الهدف هو نشر رسالة واضحة مفادها أن استخدام الأسلحة الكيماوية لن يتم التهاون معه. وهذا الموقف الأميركي، من المرجح أن يضع الرئيس المنتخب دونالد ترامب في اختبار مبكر فيما يتعلق بمدى قدرة إدارته على الالتزام بالأعراف الدولية فيما يتعلق باستخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا وهي البلد الوحيد الموقع على معاهدة الأسلحة الكيماوية لعام 1997 التي تمتلك أسلحة كيماوية. وكان ترامب قد أكد في الحملة الانتخابية ضرورة التعاون مع سوريا وداعميها الروس لتعزيز الضربات ضد «داعش» المتهمة باستخدام أسلحة كيماوية أيضاً. لكن هناك أدلة متزايدة على أن سوريا ربما احتفظت سراً ببعض عناصر برنامجها الكيماوي وواصلت استخدام بعض العناصر الكيماوية المحظورة كسلاح مثل الكلور. *مراسل دبلوماسي في مقر الأمم المتحدة ينشر بترتيب خاص مع خدمة «واشنطن بوست وبلومبيرج نيوز سيرفس»