×
محافظة المنطقة الشرقية

إصابتان بفيروس الكورونا لفتاة بحفر الباطن ومواطن بالأفلاح

صورة الخبر

يستعرض كتاب «مال ورمال» لمؤلفه فيصل العيار عددا من الاستثمارات الكويتية التي كانت مثار جدل وتجاذبات اقتصادية وسياسية منذ ثمانينيات القرن الماضي. ويتناول القسم الأول من الكتاب خمسة مشاريع حيوية، هي صفقة سانتافي، وصفقة البي بي، وحكاية الاستثمارات الكويتية الخارجية وما تضمنه الملف الإسباني لهذه القصة، وتجربة الكويت في استثماراتها في الكي - داو، وفي آخر القسم يتحدث عن تجربة المصفاة الرابعة. ويتناول في القسم الثاني الفرص الاستثمارية الضائعة التي خسرتها الكويت، وهي خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، ومشروع مستودعات العبدلي، ومشروع المنطقة الحرة، واخيرا مشروع تطوير جزيرة فيلكا. ويقول العيار في مقدمة كتابه: «انطلقت من عدة أسئلة طرحتها على الباحثين، مثل: هل فعلا نعرف الحقائق عن كل تلك الأحداث، لاسيما الكبيرة واللافتة منها؟ ولماذا تضاربت الآراء إلى حد النزاع الحاد في قضايا دون اخرى؟ هل أنصفت الكويت أصحاب الإنجازات؟ وكيف حاسبت المقصرين إن لم نقل المستهترين أو الفاسدين؟». ويضيف: «انطلقت من فرضية أن القرار الاستثماري في الكويت مشوب غالبا بكثير من اللغط السياسي، لأسباب متصلة بكيفية ممارسة النظام الديمقرا السيرة الذاتية للمؤلف فيصل حمد العيار يتولى فيصل العيار منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة مشاريع الكويت (القابضة)، وقد انضم إلى الشركة في عام 1990 عندما كانت «المشاريع» شركة استثمارية إقليمية تدير أصولا بقيمة 220 مليون دولار. وتحولت الشركة تحت قيادته إلى إحدى الشركات القابضة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتتركز أنشطة الشركة الرئيسية في قطاعات الخدمات المالية، والإعلام، والعقار والصناعة، وتنشط في 24 دولة، ولديها أصول مجمّعة بقيمة 32 مليار دولار. وكان للعيار دور بارز في إنشاء وتطوير «OSN»، وهي أكبر شركة في مجال خدمات التلفزة الفضائية المدفوعة في المنطقة، وفي تطوير الشركة السعودية لمنتجات الألبان والأغذية (سدافكو)، التي تعد إحدى شركات إنتاج الألبان الرائدة في السعودية، وتوسعة وبيع شركة الوطنية للاتصالات، التي تعتبر من شركات تشغيل الهاتف المحمول الرئيسية في المنطقة. ويتولى فيصل العيار رئاسة مجلس إدارة شركة بانثر ميديا غروب - دبي، الإمارات العربية المتحدة (OSN)، وهو نائب رئيس مجلس إدارة كل من مجموعة الخليج للتأمين - الكويت، وبنك الخليج المتحد - البحرين، والبنك الأردني الكويتي (الأردن) ومبرة مشاريع الخير - الكويت. كما أنه عضو مجلس إدارة في كل من شركة سدافكو - السعودية، وشركة الخليج مصر للسياحة والفنادق - مصر. وهو أيضاً عضو مجلس أمناء الجامعة الأميركية في الكويت، والرئيس الفخري للجمعية الكويتية لاختلافات التعلم. بدأ العيار حياته المهنية طياراً في القوات الجوية الكويتية، وحصل على جائزة الإنجاز من جمعية المصرفيين العرب لأميركا الشمالية عام 2005، كما فاز بجائزة المنتدى الاقتصادي العربي في تونس، وجائزة المنتدى الاقتصادي العربي في بيروت عام 2007، إضافة إلى جائزة الملتقى المالي في الكويت عام 2009، تقديرا لدوره في قطاع الاستثمار ونجاحاته في السوق المالي العالمي. ساد الاقتصاد الإسباني تفاؤل عارم في منتصف الثمانينيات، إيماناً بانتعاش غير مسبوق، بسبب الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي عام 1986، والتفاؤل مرده الانفتاح على سوق أوروبي كبير يوفر للشركات الإسبانية فرصا غير مسبوقة، ويجلب استثمارات هائلة. كانت الكثير من تلك الشركات بتقييمات أقل من قيمتها الحقيقية، إلا أن القانون التجاري الإسباني كان بدائيا نسبيا، مقارنة بالدول الغربية الأخرى، إذ كان بوسع شخص القيام بصفقات تعتبر غير قانونية في مكان آخر. رافق تلك المرحلة مضاربات مالية أتاحت لكثيرين فرص ثراء سريع، كما اتسمت بفساد سياسي ووسائل إعلام قابلة للانقياد، متأثرة بالمال والدعاية. تخلل تلك المرحلة الانتقالية نحو الانفتاح قصور خطير في المجال الرقابي، فسادت أعمال الابتزاز والفساد مع بروز نوع جديد من رجال الأعمال الجشعين تداخلت مصالحهم مع سياسيين وأصحاب نفوذ. البداية في 1984 اشترى مكتب الاستثمار الكويتي (لندن) التابع للهيئة العامة للاستثمار أسهماً في شركة صغيرة لإنتاج الحاويات (انباكسا) بمبلغ 30 مليون دولار، بمساعدة رجل أعمال ومصرفي معروف ومثير للجدل اسمه خافيير دي لاروسا، الذي احتل مقعد عضو في مجلس إدارة تلك الشركة، واستمر المكتب خلال سنة لاحقة بضخ أموال إضافية في «انباكسا» بلغت 40 مليون دولار. وفي يوليو 1986 تم حل مجلس الأمة في الكويت، وفي أغسطس من العام نفسه أقدم المكتب على صفقات لم يكن يقبل عليها سابقا. فقد شرع في برنامج شراء واسع النطاق لاستكمال مخطط اتضح لاحقا أنه كان مُعدا سلفا، ليس بحذافيره كلها، بل في بعض مآربه. توسعات محمومة عادت شهية الشراء لتنفتح على مصراعيها عندما اشترى مكتب الاستثمار 40% من أسهم شركة إسبانية لصناعة الورق (توراس)، وأنفق في السنتين التاليتين نحو 650 مليون دولار على شراء أسهم في تلك الشركة. ربح دي لاروسا كثيراً من الصفقة، لأن أسهم «توراس» بدت رخيصة جداً. فاشترى 18% منها، وأقنع المكتب بشراء 40%. دفع المكتب 6250 بيزيتا للسهم (سبتمبر 1986)، وخلال عام ارتفع السهم إلى 30 ألفا، ثم إلى 60 ألفا عشية انهيار الأسواق في 1987. حقق دي لاروسا من تلك الصفقة فقط 250 مليون دولار. ثم اشترى المكتب أسهماً في شركات أخرى، حتى وصل الاستثمار الإجمالي في فترة وجيزة إلى مليار دولار، وعندما لم يكن سهلا الإنفاق مباشرة من المكتب كان «المديرون» يلجؤون إلى الاقتراض بشكل كبير، لتلبية رغباتهم الجامحة بالشراء. بدا واضحا أن تلك العماليات شكلت منعطفا كبيرا في سياسات المكتب الاستثمارية، بعدما كان يكتفي بشراء حصص صغيرة في شركات كبيرة أو متوسطة الحجم. بعد «توراس»، اشترى المكتب في أكتوبر من العام نفسه حصة من أسهم بنك «سنترال»، الذي كان واحدا من البنوك الكبيرة، قيمة الصفقة بلغت 30 مليون دولار، ونفذت عبر شركة غامضة مسجلة في سويسرا. في مارس 1987، اتخذ المكتب قرارا بزيادة رأسمال «توراس» 500 مليون دولار، بغرض الانغماس أكثر في الإنفاق الضخم على عمليات الشراء الإضافية، وأصبح فهد المحمد الصباح، الذي كان رئيسا لمكتب الاستثمار في لندن، رئيسا لشركة توراس، وفؤاد جعفر (مدير عام المكتب) ودي لاروسا نائبين له. قبيل تلك الزيادة، شرعت مجموعة من الشركات الوسيطة التي يديرها المكتب بصورة مباشرة أو غير مباشرة بشراء أسهم في 3 شركات إسبانية، لتبلغ مبالغ الاستثمار في أشهر قليلة نحو 250 مليون دولار. بعد إنجاز زيادة رأسمال «توراس»، قامت الأخيرة بشراء تلك الحصص، كما اشترت حصة المكتب في بنك سنترال، وحققت الشركات الوسيطة نحو 35 مليون دولار أرباحاً، وفقاً لتقرير أعده مكتب المحاسبة البريطانية «بيت مارويك» لاحقا، الذي أكد أيضاً مسلسل صفقات شراء أخرى كانت تطبخ عبر حسابات خارجية. في أغسطس 1987 وصلت حصة مكتب الاستثمار إلى 47% من شركة توراس، ثم بدأت الجولة الثانية من الشراء المحموم في 5 قطاعات رئيسية: * الورق * الكيماويات * المواد الغذائية * التمويل * العقارات ففي ذلك العام امتلكت «توراس» 14% من شركة الكيماويات (إي آر تي)، و5% من بنك آخر، و7% من شركة السكر (ايبرو)، لتضاف إلى ملكيات سابقة في بنك سنترال وانباكسا. في أشهر لاحقة من ذلك العام «الذهبي»، أنفق مكتب الاستثمار مليار دولار لشراء حصص في أكثر من 30 شركة، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، ليتضح لاحقا أن بعضها تم تأسيسه بغض النظر عما اذا كان الاستثمار فيها بجدوى اقتصادية أم لا، كما ان ضمنها شركات وسيطة إن لم نقل وهمية أو ورقية، كما تبين لاحقاً. في ديسمبر 1987 اتضحت إستراتيجية المكتب على نحو لا يحمل أي التباس: فالمقصود هو السيطرة على بعض تلك الشركات وليس الاستثمار فيها بحصص أسهم وحسب. وتزامن ذلك مع حماس شراء أكثر من 22 في المئة من شركة بريتيش بتروليوم في لندن، الصفقة التي أثارت جدلا كبيرا، وكانت مؤشرا على نوايا استحواذية لا استثمارية بحسب البريطانيين. هكذا بدأ مكتب الاستثمار يتخلى عن حذره التقليدي وعن سرية عملياته، مندفعا وراء صفقات كبيرة وعلنا الى جانب آخر غامضة وسرا، وانخرط في إدارة قطاعات لا خبرات له فيها مثل الكيماويات والغذاء والورق. في الصناعات الكيماوية كانت «توارس» تملك 14 في المئة من أسهم «آي آر تي». وفي نوفمبر1987 اشترت 52 في المئة من أسهم شركة أخرى (كروس) في هذا القطاع استخدمت لشراء المزيد من أسهم «آي آر تي»، لتبلغ الحصة فيها أيضا 52 في المئة، رغم قيام إدارة الشركة بحملة لإفشال ذلك، كما أن الحكومة عبرت عن حذرها، لأن الشركة إضافة الى نشاطها الكيماوي كانت واحدة من الشركات الرئيسية المتعهدة بالتصنيع العسكري، ومع ذلك نجحت توراس في دمج الشركتين لتشكل شركة جديدة وسميت إيركروس للكيماويات تمتلك فيها توراس 37 في المئة. في مارس 1988 اشترت «توراس» 20 في المئة من أسهم «ايبرو لإنتاج السكر»، ثم قررت زيادة ملكياتها الى 51 في المئة، وأعلنت أنها ترغب في طرح عام لأسهم الشركة، واجه المكتب معارضه شديدة من الشركة ومن خارجها، ورغم تلك الحملة استطاع السيطرة على 51 في المئة منها! حملات وشكوك تلك الحملة إضافة الى حملات أخرى، كانت تركز على إثارة الرأي العام الإسباني ضد النفوذ المتنامي للكويتيين على اقتصاد البلاد، وأطلقت أوصاف كثيرة: مثل أن الكويتيين حولوا إسبانيا الى كازينو، وصورت كاريكاتوريات الكويتيين كأخطبوطات تخنق الاقتصاد الإسباني أو أسماك قرش تلتهم الشركات الواحدة تلو الأخرى. وقال مسؤول في وزارة الاقتصاد لصحيفة نيويورك تايمز في 23 سبتمبر 1993: الحكومة حذرت مكتب الاستثمار في البداية من السيد دي لاروسا بأنه شخص غير جدير بالثقة، ردوا علينا بألا نتدخل وأنهم أحرار باستثماراتهم، وأضاف: كنا نعلم أن الكيماويات والأسمدة والصناعات الورقية قطاعات غير تنافسية، لكن عندما ازدهر الاقتصاد الإسباني قفزت أسعار الأسهم على نحو هائل، مع ذلك بقيت الحكومة الإسبانية حذرة، وفوضت عددا من الأجهزة للتحقيق في نشاطات دي لاروسا ومكتب الاستثمار، وأوعزت الى البنك المركزي بإعداد تقارير حول تجارة الأسهم تلك، وأرسلت مندوبين الى لندن التقوا فؤاد جعفر. تطور مفاجئ لسبب أو لآخر سيتضح لاحقا، توقف مكتب الاستثمار عن ضخ أموال مباشرة في إسبانيا، لذلك بدأت توراس بالاقتراض من البنوك لشراء شركات إضافية في الكيماويات، ومساعدة ايبرو على شراء شركات مواد غذائية أخرى، والتوسع في مجال شركات إنتاج الورق... لتلك الغايات التوسيعة، كانت توراس تلجأ لرهن بعض الشركات التي تمتلكها وفي أحيان أخرى توقع الضمانات بنفسها وعلى نفسها. مع حلول ديسمبر 1988 تبين أن المجموعة مبعثرة ومنكشفة على الديون، فقررت زيادة رأسمالها على أن تبيع أسهما بقيمة 400 مليون دولار، في ذلك الوقت كان المكتب يمتلك 43 في المئة من مجموعة توراس. إلا أن أسلوب التعويم هذا لم ينجح، وقرر المكتب شراء الأسهم من خلال شركة «وسيطة سرية» حصلت على قرض، واشترت 18 في المئة من توراس، ولأن العملية كانت غير قانونية وفقا للوائح الإسبانية، فقد تم الشراء باسم دي لاروسا. مع حلول 1989، أصبحت توراس أكبر مجموعة صناعية غير حكومية في إسبانيا يعمل فيها 30 الف موظف. فقد وصلت ملكياتها الى 37 في المئة في أكبر الشركات الإسبانية المتخصصة في التصنيع الكيماوي (ايركروس) و100 في المئة من شركة تصنيع الورق (توراس بيبر) و51 في المئة من شركة ايبرو الأكبر في قطاع السكر. بالإضافة الى عشرات الحصص الأخرى في شركات صغيرة ومتوسطة الحجم. إلى ذلك، كان المكتب يمتلك مباشرة 63 في المئة من أسهم واحدة من أكبر شركات الممتلكات العقارية الإسبانية (بريما) وعشرات الحصص الأخرى. في أواخر 1989 بعد تملك 100 في المئة من «توراس»، اتضح أن الهدف هو البيع لسداد الديون التي تراكمت بفوائد باهظة. وبدأت مفاوضات لبيع شركات إنتاج الورق بمبلغ 1.4 مليار دولار، لكن الصفقة فشلت، ثم جرى تخطيط لبيع 60 في المئة لمجموعة من المستثمرين الإسبان، إلا ان الصفقة فشلت أيضا. أخذ الوضع المالي يسوء أكثر فأكثر، ولم تعد المجموعة قادرة على سداد ديونها كما يجب. ظهرت إشارات أولية لا تكذب عن تعثر ما في الاستثمارات الكويتية في إسبانيا، ووصلت للكويت معلومات عن أساليب مثيرة للجدل يعتمدها مكتب الاستثمار الأجنبي، كما توفرت معلومات إضافية عن ممارسات دي لاروسا غير السوية. لقاء المصالح لمعرفة الأسباب كلها أو بعضها يجب العودة الى نهاية 1984، عندما كان دي لاروسا يعاني مشكلة في منصبه كمدير لبنك غاريغا نوغيس، بعدما منح قرضا لشركة صغيرة اسمها انباكسا. تلك الشركة تعثرت لتقف عاجزة عن سداد 80 مليون دولار، ما يعني خسارة لذلك البنك ومالكه بنك بانستو. في تلك الأثناء، كان صيت مكتب الاستثمار ذائعاً حول العالم، واسمه يتصدر عناوين الصحف الدولية على أنه ينفق مبالغ طائلة بحماس بالغ، حصل تواصل بين دي لاروسا ومسؤول في المكتب هو ريتشارد روبنسون الذي طلب زيارة مصانع انباكسا، طار دي لاروسا فرحاً لبدء نجاح خطته، أعد العدة اللازمة لذلك وقام بعروض من كل نوع للإغراء والإقناع. وفي أسابيع قليلة حصلت أولى خطوات المشوار الاستثماري الطويل والمثير، ضخ المكتب 30 مليون دولار في شركة انباكسا، ثم 40 مليوناً أخرى في أشهر قليلة. حصل ذلك رغم ان استقصاء سريعا آنذاك اكد لبعض العاملين في المكتب ان انباكسا لم تكن الا جزءا يسيرا من مشاكل دي لاروسا، وان والده هارب من البلاد لتجنب المثول امام المحكمة بتهمة الاحتيال، وأن بنك غاريغا نوغيس غارق ايضا في مشكلات اخرى يرد اسم دي لاروسا فيها كطرف بشكل أو بآخر، لكن الصفقة بذاتها كانت واعدة لتحقق للمكتب ربحاً «معتبرا». في يوليو من السنة التالية أي في 1985، وصل ذلك البنك الى حافة الإفلاس ثم افلس واغلق أبوابه الى الأبد، بعدما اختفت مبالغ هائلة منه، وترك دي لاروسا خلفه قائمة من العمليات المثيرة للشبهة، لكن الصعبة التفسير في آن معاً. لقاؤه مع الكويتيين فتح له أبوابا جديدة لم يكن يحلم بها، وتبين أن بين أهدافه المبيتة الأولى دفع مكتب الاستثمار الى الاستحواذ المصرفي. فقد تأسست شركة تدعى «كارتيرا سنترال» بالشراكة مع رجال أعمال إسبان لشراء حصة في بنك سنترال، وبعمليات منسقة بين نيويورك ولندن وزيوريخ، تملكت تلك الشركة 3 في المئة من أسهم البنك لمصلحة مكتب الاستثمار، وبدأت تلك الشركة المطالبة بمقاعد في مجلس الإدارة منتقدة الطريقة التي يدار بها البنك. حصلت مقاومة من بنك سنترال، الذي كان يرتب لاندماج مع بنك بانستو، ثاني أكبر البنوك الإسبانية، فإذا بمكتب الاستثمار بمساعدة دي لاروسا وآخرين (شركات وأفراد) يبدأ بشراء أسهم في بانستو لاحتلال مقاعد في مجلس إدارته. وكان ذلك بتخطيط من دي لاروسا لان بنك بانستو كان يبحث مقاضاته على خلفية قضية احتيال، عندما كان يتولى إدارة البنك التابع غريغا نوغيس، وبامتلاك حصة أراد دي لاروسا ممارسة ضغوط لمنع الإجراءات القضائية. رباط المصلحة كانت فضائح دي لاروسا غير مثارة إعلاميا على نطاق واسع، عندما ارتبط بمصالح مع مكتب الاستثمار الكويتي، لكن سرعان ما بدأت تلك الفضائح تطل برأسها رويدا رويدا، اعتبارا من اوائل 1988. فمشاكله مع بنك غاريغا نوغيس، التي بدأت في 1985، تغطت الى حين من إدارة ذلك البنك لأسباب ما، ثم عادت لتنفجر مطلع 1988 بعد مجيء ادارة جديدة لإدارة بنك بانسيتو (الذي كان يملك بنك نوغيس). أمرت الإدارة بفتح تحقيق خلص الى ان مليار دولار اختفت، اي 16 مرة رأسمال ذلك البنك، في يونيو 1988 تناولت الصحافة القضية بشكل واسع لتسلط الضوء على تعيين أصحاب النفوذ، وتعاقدات مع وسطاء بعمولات. مبالغ فيها، وجذب ودائع بمعدلات فوائد عالية جداً، وقروض غير موقعة وغير مسددة، وتركز انكشافات على شركات معينة، وتلاعب في التدقيق، وتورط دي لاروسا في قرض لشركة صديق له ما هو الا رئيس غرفة تجارة كتالونيا، علما ان الشركة متعثرة، وتراكم ديوان على صديق اخر له اورثت خسائر، وخسارة 500 مليون دولار في مشروع زراعي فاشل قاده أيضاً أحد اصدقاء دي لاروسا لاستصلاح اراض صحراوية جنوب إسبانيا، ما لبث أن وقع المشروع بحضن البنك بسعر يزيد على ضعفي سعر الأرض. وهناك مشروع زراعي اخر قاده دي لاروسا بنفسه لإنتاج فاكهة بغير موسمها، لكن الشركة لم تستطع تغطية نفقاتها ووصلت خسائرها إلى 90 مليون دولار، فإذا به يسعى لدعم سياسي بتعيين مسؤول كبير مديراً عاماً فحصل على دعم حكومي وصل إلى 250 مليون دولار، توقف الدعم عندما وصل الاشتراكيون الى الحكم، ثم اقنع مستثمراً عربياً بشراء جزء من شركة ذلك المشروع بشرط ان يدفع البنك عائدات حتى لو لم يحقق المشروع ربحاً(!) فتحول بنك غريغا نوغيس بعد فترة الى مدين لذلك المستثمر العربي بـ20 مليون دولار. عثر محامو بانستو على أدلة تشير الى مسؤولية دي لاروسا، لكن البنك لم يستطع رفع دعوى لان مكتب الاستثمار الكويتي اصبح مالكاً لنسبة في ذلك البنك مع أعضاء في مجلس الإدارة. وهناك تأكد مرة اخرى ذلك الرباط «الوثيق» الذي جمع بعض قياديي المكتب مع دي لاروسا، لا بل في سبتمبر 1988 (فترة نشر الفضائح) وقع المكتب سلسلة عقود اضافية عالية الربحية مع شركة كوايل المالية الوسيطة المرتبطة بأسماء أبرزها دي لاروسا ومقربون منه. تلك الشركة الوسيطة سبق أن وقعت مع مكتب الاستثمار عقداً تنتقل بموجبه إدارة انباكسا اليها مقابل عمولات ثم حصلت كوايل على 50 مليون دولار جراء إنهاء هذا العقد! علما ان كوايل كانت قد حصلت على عمولات من زيادة رأسمال توراس للورق ومن شراء أسهم 5 شركات بينها ايبرو الغذائية وشركة كيماويات ومصرفان. تمرس دي لاروسا في تقديم النصح لمكتب الاستثمار حول اي الشركات الاسبانية التي يمكن تحقيق أرباح منها مع معرفته التامة ان الاستثمار الاستحواذي على عكس الملكيات الصغيرة له اثر كبير في اسعار السوق. ومن كان يحصل على معلومات داخلية يحقق ارباحا كبيرة وسهلة عن طريق الاستثمار في اي شركة قبل ان يدخل مكتب الاستمار شارياً لاسهمها في السوق. هذا الشبل من ذلك الأسد علاوة على ذلك ارتبط اسم دي لاروسا بفضيحة والده أنطونيو الذي كان سكرتيرا منتصف التسعينيات لمشروع في برشلونة تديره الحكومة، نظم مع زميل له عملية احتيال وسجلا 119 قطعة ارض من الممتلكات التي دخلت ذلك المشروع لاستخدامها محطات شاحنات للطرق السريعة. لكن على ارض الواقع بقي للمشروع 43 قطعة فقط والباقي ذهبت حصيلته الى انطونيو بشكل اساسي. عاش حياة مترفة واشترى يخوتاً واشتهر بحبه للنساء والسيارات الفارهة، بدأت بلدية برشلونة التحقيق فحاول انطونيو التغطية بعمليات مزيفة لكن سرعان ما انكشفت وهرب خارج اسبانيا، استقر به الأمر في البرازيل والى هناك حول الابن دي لاروسا اموالاً اضافية لتأسيس بنك، ومارس الابن ضغوطات سياسية للتغطية على والده وصلت إلى رئيس البلدية والسكرتير الشخصي لشخصية قيادية عليا. وسعى لتأكيد ان لا ملاحقة لوالده ولا تفويض دوليا لاعتقاله، ولم يحضر الأب جلسات محاكمته. تحت غطاء الغزو في مايو 1990 طلب فهد الصباح من اللجنة التنفيذية لمكتب الاستثمار السماح تحويل قرض 450 مليون دولار الى توراس، لكن طلبه قوبل بالرفض، وتمت تنحية فؤاد جعفر عن إدارة المكتب من قبل اللجنة لتعيينه مستشاراً وفي صيف ذلك العام، حصل الغزو الغاشم للكويت، وتغيرت معادلات كثيرة، فإذا بالقرض يصل إلى «توراس» بطريقة ما، فثارت ثائرة اللجنة التنفيذية، وأثناء الغزو وتحديداً في أكتوبر 1990 تم تحويل المزيد من الأموال على شكل قروض. وفي يونيو 1991 بلغت التحويلات 1.75 مليار دولار، ومع ذلك بقيت المجموعة تعاني ديونا كبيرة رغم إهدار تلك المبالغ الضخمة. علي الخليفة يذكر أنه في الأيام الأولى للغزو، تحدث وزير المالية آنذاك الشيخ علي الخليفة مع محامين في لندن شددوا على ضرورة إرسال تفويضات عاجلة قبل أن يحاول النظام العراقي وضع يده على الأرصدة الكويتية، وأرسلوا نسخة من الكتاب الذي يحتاجون إليه منتصف ليل يوم الغزو. أعاد الوزير الكتاب بواسطة الفاكس من المملكة العربية السعودية، مانحاً سلطات للتعامل مع الأرصدة الكويتية لثلاثة أشخاص هم: علي الخليفة، ومن مكتب الاستثمار في لندن فهد المحمد وخالد الناصر، فاحتج كبار المسؤولين من جراء فقدان صلاحياتهم، كما اشتكى بعض أفراد الطاقم الكويتي في لندن من أن رئيس المكتب فهد المحمد يعمل على تنحيتهم جانباً. وبموجب تفويض السلطات أعاد فهد المحمد المدير العام السابق فؤاد جعفر إلى مكانه. وقد سبق قبل 6 أشهر أن استدعت اللجنة التنفيذية جعفر وعينته مستشاراً. الاجتماع المثير في 18 ديسمبر 1990 عقد مجلس إدارة «توراس» اجتماعا في لندن برئاسة نائب الرئيس خافيير دي لاروسا، وتمخض ذلك الاجتماع عن: 1 – القرار الأول قضى بقيام مجموعة توراس بشراء شركة إسبانية للأقمشة (بيوريس) كانت تعاني مشاكل مالية، إذ خسرت ذلك العام 34 مليون دولار، علما بأنها تدار بواسطة دي لاروسا نفسه، ويمتلك معظم أسهمها من خلال شركة «كوايل» العائدة له أيضا، وطرحت في الاجتماع فكرة دمج مع شركة أقمشة أخرى اسمها «كوما واي كروس» تملكتها مجموعة «توراس» قبل عام من ذلك، رغم أنها تعاني مشاكل مالية أيضا، وتعود ملكيتها إلى أحد المقربين من دي لاروسا. بعد التحرير وفي شهر يوليو تحديداً باعت المجموعة أسهمها في شركة «كوما واي كروس» لشركة «كوايل» التي يملكها دي لاروسا، وفي اليوم نفسه دمجت مع بيوريس. بعد أسبوع باع دي لاروسا ثلث أسهمه إلى «توراس» بضعف الثمن الذي دفعه فيها، وفوق ذلك حصل على عمولة مليونية مقابل خدماته كوسيط، وأكد مكتب الاستثمار لاحقا أن التكلفة التي تكبدها وصلت إلى 68 مليون دولار. 2 – القرار الثاني الذي اتخذ في اجتماع 18 ديسمبر 1990 كان أكثر كلفة، فعندما كانت شركة «ايركروس»، التي تعتبر أكبر الشركات الكيماوية وتملك فيها «توراس» 40 في المئة بصدد طرح أسهم جديدة بقيمة 166 مليون دولار، كان الطلب على شراء الأسهم ضعيفا، لذا قرر مجلس الإدارة تأسيس شركة لشراء الأسهم غير المكتتب بها ومنحها كفالة بنكية لتستطيع الاقتراض ودفع ثمن الأسهم. واتضح لاحقاً أن دي لاروسا وأحد الإسبان الآخرين من مجموعة توراس أسسا شركة تجارية صغيرة حصلت على تسهيلات من توراس لتشتري 18.8% من أسهم شركة «ايركروس» وكانت مدينة لمجموعة توراس بـ37 مليون دولار. لكنها استمرت في الاقتراض حتى بعد توقفها عن شراء الأسهم، ليصل مجموع ديونها المستحقة لـ»توراس» إلى 120 مليون دولار في مايو 1990، ثم حصلت قبيل خروج دي لا روسا من المجموعة على 70 مليونا إضافية، واعترفت لاحقاً أن الأسهم التي تملكها تعود إلى المجموعة قدرت خسائر «توراس» من هذه العملية بنحو 150 مليون دولار. بيع «ايرتويل» 3 – القرار الثالث متعلق ببيع شركة «ايرتويل» النفطية التابعة لشركة ايركروس الكيماوية، ففي يناير 1991 وافق دي لاروسا على البيع لشركة تجارية مجهولة مسجلة في لوكسمبورغ، وبعد اشهر قليلة أعادت الشركة بيع «ايرتويل» لشركة البترول الإسبانية CEPSA التي كانت سبق أن تقدمت للشراء من قبل ولم يوافق دي لاورسا على الصفقة، علماً أنها عرضت 430 مليون دولار. أما الفارق بين السعرين فتحول محل شبهات احتيال تضاف إلى عمولات بالملايين دفعها المكتب وحصد منها دي لاروسا نفسه. 4 – القرار الرابع يتعلق بقيام «توراس» بشراء شركة ورق أخرى تبين لاحقا أن معداتها قديمة وتحتاج إلى مالا لتشغيلها، ومع ذلك دفعت «توراس» 40 مليون دولار لقاء الصفقة، بالإضافة إلى 9 ملايين لسلسة من الشركات مقابل المشورة التجارية ذهب بعضها إلى شركات متصلة بدي لاروسا، والصفقة مريبة لأن «توراس» تملك شركة صناعة ورق كبيرة (توراس بابل) كانت تريد بيعها قبل الغزو بـ1.4 مليار دولار. التسلسل الزمني 1984: مكتب الاستثمار الأجنبي يشتري حصة في شركة إسبانية لإنتاج الحاويات بمساعدة رجل الأعمال والمصرفي خافيير دي لاروسا. 1986: تم حل مجلس الأمة. 1986: انضمام إسبانيا إلى الاتحاد الأوروبي. 1986: مكتب الاستثمار يشتري حصة مرموقة في شركة توراس للورق. 1987: عدة استحواذات إضافية ليصل إجمالي الاستثمار إلى مليار دولار خلال فترة وجيزة، مع دور كبير لدي لاروسا. 1987: زيادة ضخمة لرأسمال «توراس» التي تحولت إلى قابضة تمتلك حصصا في شركات كيماويات وأغذية ومصارف وتمويل وورق... وشراء شركة عقارات. 1988: حملة إسبانية ضد النفوذ الاستثماري الكويتي. 1988: (ديسمبر) تبين أن شركات في المجموعة متعثرة ومنكشفة على ديون ضخمة. 1988: بدء تداول اسم خافيير دي لاروسا على أنه متورط في أعمال احتيالية، بعدما كانت السلطات الإسبانية حذرت مكتب الاستثمار الكويتي منه قبل ذلك. عمليات احتيالية 1989: تملك المكتسب 100% من «توراس» بهدف البيع لسداد ديون. 1989: بدء نشر معلومات إضافية عن عمليات احتيالية كان سبق لدي لاروسا التورط فيها منذ بداية الثمانينيات. 1990: (مايو) هيئة الاستثمار ترفض تحويل قرض بقيمة 450 مليون دولار من مكتب الاستثمار إلى «توراس». 1990: بعد الغزو العراقي الغاشم للكويت، ووفق تفويضات استثنائية تحولت أموال وفيرة الى «توراس»، لكن المجموعة بقيت رازحة تحت ديون كبيرة. 1990: (ديسمبر) اتخاذ جملة قرارات مثيرة للجدل في مجلس إدارة «توراس» لتغطية الخسائر والاختلاسات، فأثار ذلك احتجاجات من اعضاء في مجلس إدارة مكتب الاستثمار. 1991: تعيين مجلس إدارة جديد لهيئة الاستثمار، فخاض بعض الأعضاء الجدد معركة كشف حسابات «توراس» وشركاتها التابعة. 1991: تقرير تدقيق محاسبي يشير إلى تورط رئيس الاستثمار فهد المحمد الصباح، ومدير المكتب فؤاد جعفر بعمليات استغلال لموقعهما الوظيفي، مع إشارات إلى خيانة الأمانة والاستيلاء على مبالغ بالاحتلال، كما شملت الاتهامات دي لاروسا وآخرين. 1991: (ديسمبر) تقرير لديوان المحاسبة يحصي خسائر كبيرة. وصدرت تقارير أخرى توكد ضخ أكثر من ملياري دولار في المجموعة بلا جدوى. 1992: (أبريل) استبعاد فهد المحمد ليحل محله علي البدر. 1992: (يونيو) عزل دي لاروسا. 1992: (ديسمبر) وضع «توراس» تحت الحراسة القضائية، وطلب إفلاس عدد من شركاتها التابعة. 1993: تقدر الخسائر بنحو 5 مليارات دولار معظمها عن سوء إدارة واستثمارات رديئة واختلاسات، واعتبار 1.2 مليار دولار «مفقودة» الأثر! تحقيقات ومحاكمات 1993: رفع دعوى في إسبانيا، إلا أن التحقيقات تأخرت عدة سنوات لأسباب متعلقة بثغرات قانونية وضغوط سياسية. 1995: اتفاق كويتي - إسباني بتدخل سياسي رفيع لمساندة وتطوير الاستثمارات الكويتية في إسبانيا، هذا الاتفاق دفع الدعوى في إسبانيا قدما لتبدأ فيها التحقيقات والمحاكمات. 1996: حكم بريطاني بأحقية «توراس» بمبلغ 800 مليون دولار، مع توجيه اتهامات محددة لعدد من العاملين في مكتب الاستثمار. وفي موازاة ذلك، جمع القضاء الإسباني خيوط سرقات بنحو 460 مليون دولار، ووجه اتهامات إلى دي لاروسا وعدد من المقربين منه، فضلا عن متواطئين بينهم من له صلات أو علاقات سياسية. 1998: القضاء البريطاني يصدر حكماً بإفلاس فهد المحمد والحجز على ممتلكاته، إلا أن المعني كان هارباً في البهاماس، وصدرت لاحقاً أحكام غيابية في الكويت بسجن فهد المحمد وفؤاد جعفر. 1998-2014: الأحكام مستمرة بالصدور في قضايا مرفوعة بقيمة 3.9 مليارات دولار لم يتحصل منها إلا 25 في المئة.