عماد عبد الهادي - الخرطوم لم تمض سوى أيام على قرار الحكومة السودانية تحرير أسعار الدواء في البلاد حتى وجد محمد علي الحاج ابن إحدى المريضات نفسه أمام امتحان هو الأصعب في حياته وهو كيفية الحصول على دواء لوالدته بضعف سعره السابق. ومحمد علي الذي وصل إلى العاصمة الخرطوم قبل أسبوع مرافقا لوالدته التي تعاني بعض المشكلات الصحية يواجه مشكلة اختفاء أو ندرة أو غلاء الدواء بكثير من الصيدليات العاملة في البلاد. وبين آلام الوالدة كما يقول محمد وضيق ذات اليد في مقابل غلاء فاحش لأي عقار طبي، تتزايد شكاوى المواطنين الآخرين وأصحاب الصيدليات معا من ارتفاع لا مثيل له طرأ على أسعار الأدوية لا سيما تلك المنقذة للحياة. وأوجد تحرير أسعار الأدوية والعقاقير الطبية في السودان حالة من الخوف واليأس لدي كثير من المرضى والفقراء الذين تساءل بعضهم عن أهداف رفع سعر الدولار لاستيراد الدواء من 7.6 إلى 15.800 جنيها سودانيا مقابل دولار واحد. ويبدو أن ارتفاع أسعار الدواء في البلاد إلى أضعاف مضاعفة أصبح واقعا معيشا وهو ما تجسده رواية محمد علي الذي ظل يحمل وصفة طبية لمجموعة من العقاقير الطبية الموصوفة لوالدته يجوب بها الصيدليات الواحدة تلو الأخرى دون أن يتمكن من شرائها لتجاوزها سقفا لم يكن في حساباته من قبل. ويرفض علي الذي كان يتحدث للجزيرة نت مبررات المسؤولين، ويرى أنهم لا يحسون بمعاناة المواطن. مرقص: قرارات البنك المركزي مضللة وغير حقيقية(الجزيرة) خوف الصيادلة غير أن غالبية الصيادلة يرفضون الخوض في تفاصيل هذا الغلاء لسبب آخر هو الخوف من إجراءات عقابية قد تطال صيدلياتهم. وقضت ضوابط البنك المركزي السوداني بتحرير سعر صرف الدولار لاستيراد الأدوية عبر لجوء الشركات المستوردة إلى شراء الدولار بسعر السوق الموازية، بعدما كان البنك يمنحها الدولار بسعر 7.6 جنيه، لتضطر إلى شرائه بما يتجاوز بنحو 16 جنيها سودانيا للدولار الواحد. وبرر مسؤولون حكوميون القراراتبقولهم إن توفر الدواء وبأسعار مرتفعة أفضل من عدمه، فضلاً عن أن عدم اللجوء إلى هذه القرارات من شأنه أن يشكل كارثة ويصيب قطاع الدواء بالانهيار الكامل. ووصفت اللجنة التمهيدية للصيادلة قرار تحرير أسعار الدواء بالكارثي، محذرة من أنه سيؤدي إلى انهيار الخدمة الطبية ومضاعفة أسعار الأدوية وجعلها فوق مقدرة المواطن. رئيس شعبة الصيدليات نصري مرقص يؤكد ما ذهبت إليه اللجنة أن قرارات البنك المركزي سترفع أسعار الدواء إلى 300%، خلافاً لما قدره البعض بنحو 130%، مشيرا إلى أن الفقراء من المرضي هم من سيدفعون ثمن هذا الخطأ. ويرى مرقص عدم وجود أية إيجابيات لقرارات البنك المركزي، واصفا مبرراته بأنها مضللة وغير حقيقية. ويعتقد أن القرار قد جانبه الصواب "والمعايير الأخلاقية والقيم الإنسانية"، مشيرا إلى أنه كان على الحكومة أن تعالج الأمر عبر خفض "الصرف البذخي على الأمن والمؤتمرات بدلا من تحرير سعر الدواء". غير أن عضو لجنة الصحة بالبرلمان السوداني هاشم سوار الدهب يرى أن نتائج هذه الزيادة ستظهر خلال الشهر المقبل، وربط استقرارها في معدلات محددة بضرورة توفير البنك المركزي للعملة الحرة. وعاد ليقول في تعليقه للجزيرة نت إن تغيير سعر صرف للدولار من سبعة جنيهات إلى 15.800 جنيها سيرفع الأسعار "لكن هذه النسبة لن تصل بأي حال إلى ثلاثة أضعاف". واستبعد سوار الدهب حدوث شح في الأدوية "لأن ذلك كان سيحدث بسبب فشل البنك المركزي في توفير العملات الحرة المطلوبة للاستيراد"، مضيفا "أما الآن فيمكن للشركات أن تلجأ إلى السوق الموازية لتوفير الأدوية".