طرابلس/ سيف الدين الطرابلسي/ الأناضول - تلقي أزمة شح السيولة النقدية التي تعيشها ليبيا منذ أشهر طويلة، بظلالها على كامل مناحي الحياة في البلاد، لدرجة أن أصحاب الودائع لا يملكون أموالاً في جيوبهم لعجزهم عن سحب الأموال. وفي أحسن أحوال البلاد في الوقت الحاضر، أصبح الانتظار يومياً لساعات طويلة أمام المصارف، أمر روتيني بالنسبة لعدد كبير من المواطنين المحتاجين لسحب جزء من أموالهم. "محمد الفيتوري" شاب ليبي (25 عاماً)، يقضي يومياً ساعتين إلى 3 ساعات أمام المصرف، على أمل الحصول على جزء من راتبه الشهري، أو راتب خالته التي اعطته توكيل منذ أشهر. "محمد" يقول للأناضول: "الناس هنا تعبت من الانتظار، حسابي فيه مال لكن موظف المصرف يقول لي، عندك في الحساب ألف، أو ألفين أوعشرة آلاف.. لكن للأسف ليس هناك نقود". وزاد: "أعرف شخصاً في حسابه 180 ألف دينار ولا يملك ديناراً واحداً في جيبه، ولكن مجرد أرقام لا يمكنه أن يستفيد منها، لا يجد كيف يوفر قوت أولاده اليومية". وتعاني ليبيا أزمة نقص في السيولة النقدية، تزامناً مع استمرار الصراع، وتراجع عائدات البلاد من مبيعات النفط بشكل حاد، وعدم إصدار أوراق نقدية محلية كافية، بسبب استمرار الصراع الإداري. ويضيف محمد أن "البنك لا يعطي أكثر من 200 دينار للفرد الواحد، أيا كان المبلغ الذي تملكه في حسابك، يعني كل هذا الانتظار هو من أجل هذا المبلغ الذي لم يعد يوفر شيء.. أحياناً أنتظر لكن يغلق المصرف قبل أن أصل إلى شباك السحب". "الناس هنا يتداورون على الأماكن في الطابور، أحيانا أغادر ويأتي أخي، كثير من الناس يفعلون هذا"، يقول الشاب محمد. أما طارق، وهو موظف حكومي في إحدى الوزارات، يعتبر نفسه محظوظاً، يصله راتبه إلى بيته دون الوقوف في الطابور ودون عناء الانتظار. يروي طارق للأناضول: "شقيقي يعمل في إحدى المصارف وهو من يتكفل بسحب راتبي لي.. الواسطة والمحسوبية انتشرت في القطاع البنكي للحصول على الراتب". وتنظر حكومة الوفاق الليبية، إلى أن سبباً آخر مرتبط بتفاقم أزمة السيولة في البلاد، هو أن المواطن لم يعد يثق في القطاع المصرفي لأغراض إيداع الأموال، ويبقيها لديه تحسباً لأزمة أكبر من الحالية. وقال الباحث في العلوم السياسية وليد الأطرش، إن أزمة السيولة التي تمر بها ليبيا "هي أزمة هيكلية مرتبطة ببنية الاقتصاد الليبي المعتمد أساساً على النفط". وأضاف الأطرش في حديث مع الأناضول، أن الأزمة لها سببين، الأول هو تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية، "من شأن ذلك أن يقلل من عائدات الخزينة الليبية، التي تعتمد على النفط فقط". والأمر الثاني بالنسبة لـ "الأطرش" هو تراجع إنتاج ليبيا للنفط جراء عدم الاستقرار السياسي والصراعات، وهو ما سبب تراجعاً كبيراً في مداخيل الخزينة من الدولار. ولم يجد التجار الليبيون ما يكفي من الدولارات والعملة الصعبة للتجارة واستيراد السلع إلى السوق المحلية الليبية، التي تعتبر سوقاً استهلاكية تعتمد على التوريد أساساً. ويقول الأطرش: "رغم كل محاولات الحكومة استيعاب هذه الأزمة بطرق مختلفة، من قبيل إمكانية الدفع من خلال البطاقات وهو ما يجنب الدفع نقداً، إلا أن هذا غير مجد، لان المشكلة عميقة ومرتبطة أساساً بمداخيل الدولة وبالثقة في المصارف". (الدولار = 1.41 دينار ليبي) الأخبار المنشورة على الصفحة الرسمية لوكالة الأناضول، هي اختصار لجزء من الأخبار التي تُعرض للمشتركين عبر نظام تدفق الأخبار (HAS). من أجل الاشتراك لدى الوكالة يُرجى الاتصال بالرابط التالي.