أكد عضو مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بجدة وعضو مجلس إدارة الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية سعيد بن زقر على ضرورة الاهتمام بأصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، ودعم منتجاتهم وتطويرها وتنميتها، بهدف استقطاب رؤوس أموال جديدة، وتوسيع قاعدة القطاع الخاص للمشاركة بحصة في تنويع الإيرادات، وخلق وظائف تمتص معدلات البطالة. وقال ابن زقر خلال حواره لـ«اليوم» إن المملكة عازمة على تطبيق سياسات اقتصادية متنوعة، وبناء مناطق صناعية ذات تخطيط سليم وجودة وخدمات وبرامج متكاملة تؤّمن البقاء والاستدامة للمصانع، بما ينعكس على المستقبل الصناعي للمملكة. وتطرق ابن زقر، إلى معايير الأمن والسلامة في مصانع المملكة، والتي يصفها بأنها من أساسيات استدامة الصناعة الوطنية وارتقائها، لافتا إلى أن (مدن) وضعت استراتيجية ناجحة لتحويل المدن الصناعية إلى واحات حية لائقة بالعمل والحياة وتمتاز بالهواء النقي والطبيعة والحيوية. وطالب ابن زقر ببنيات متكاملة لأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة تكشف طبيعة أعمالهم وحجم إنتاجهم ومشوار أعمالهم ومراحل العمل في حياة ملاكها ومستثمريها وتشجيع دمج العديد من النشاطات المتشابهة في شركات مساهمة بين ملاكها لتجاوز فشلها او تعثرها في خارطة الاقتصاد بين أصحاب المشروعات الصغيرة... وإلى نص الحوار.. الدعمان الفني والتثقيفي ¿ ما السبب الرئيسي وراء خروج عدد من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من سوق العمل مؤخرا؟ المؤسسات الصغيرة في دول صناعية كبرى مثل اليابان وكوريا والصين والدول الأوروبية تشكل رقما كبيرا قد يقارب النسبة التي تشكلها هذه المنشآت هنا ولكنها بحق مؤسسات منتجة وفاعلة في خارطة الاقتصاد ويعول عليها في الإنتاج الصناعي والتجاري والخدمي بشكل كبير وتنمو ولا تتدهور بسبب الإجراءات، قد تضعف بسبب انتقال ملكياتها ولكنها تظل نشطة. للأسف هنا أدركت حجم معاناتهم حينما دخلت في خدمة الغرفة التجارية الصناعية بجدة كعضو في مجلس الإدارة وبدأت التمس معاناة الكثير منهم سواء في رسوم خدمات الغرفة التجارية أو رسوم العمل في وزارة العمل أو في التأمينات وغيرها إضافة إلى قلة الدعم الفني والتثقيفي الذي تجده هذه المؤسسات ومستثمروها. ومؤخرا أطلقت الحكومة هيئة عليا للمنشآت الصغيرة والمتوسطة كلف برئاستها الدكتور غسان السليمان وهو رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية بجدة سابقا ورئيس العديد من الشركات الناجحة وهو أفضل من يمكن اختياره لهذه المهمة ومكسب كبير لها وإن شاء الله تنطلق معه الهيئة بثبات وقوة. ويجب علينا تنمية البيئة الخصبة للعمل العصامي بتقليص البيروقراطية وتخفيض التكاليف وتمكين الشباب وتوفير التمويل الرخيص والمدعوم بعلم ينمي خواص العمل العصامي ويوفر له المهارات والثقافات. تنويع الايرادات ¿ هل ترى أن الأسر المنتجة سيكون لها دور مؤثر في اقتصاد المملكة؟ بالطبع، التجارب الناجحة تبرر استنساخها، وتجارب بعض الدول أثبتت ان المنشآت الصغيرة والمتوسطة هى عصب الاقتصاد، وبالتالي ينبغي أن يكون من أولويات خطة 2030 الاهتمام بالأسر المنتجة ودعم منتجاتهم وتطويرها وتنميتها، بهدف استقطاب وتوسيع قاعدة القطاع الخاص للمشاركة بحصة في تنويع الإيرادات، وتكوين وظائف جديدة تمتص معدلات البطالة. استراتيجيات ناجحة ¿ وماذا عن تجربة «مدن» في احتضان إنشاء المصانع الوطنية؟ بلا شك أفضل مكان للمصانع هي الهيئة السعودية للمدن الصناعية والمناطق التقنية (مدن)، ويرجع ذلك إلى الإستراتيجية الناجحة في 34 مدينة حول المملكة، واستطاعت (مدن) تحويل المدن الصناعية إلى واحات حية لائقة للعمل والحياة الكريمة، وعاما تلو الآخر نجد داخلها هواء أنقى وطبيعة أكثر حيوية وإرتقاء في مستويات الأمن والسلامة للزائر والعامل والساكن. التفاعل الايجابي ¿ بم تصنف مرجعية تقييم وتصنيف المصانع الوطنية؟ العلم والخبرة من أهم العوامل لتصنيف وتقييم ومتابعة المصانع الوطنية ومن ثم التفاعل الإيجابي، وهو ما تقدمه وتوفره (مدن) ويصعب تواجده في بلدية أو أي جهة أخرى غير متخصصة، ولذلك ونحن في القرن الحادي والعشرين يجب عينا النظر للاقتصاد الشامل المتكامل، وليس حالات قديمة لمصانع قديمة تم تشييدها من وقت طويل ومن ثم لحق العمران بها. خدمات لوجستية ¿ هل تلتزم المصانع باستدامة النظافة البيئية أم يبحثون عن الربحية فقط، ولماذا يتم نقل المصانع الملتزمة باشتراطات الامن والسلامة؟ الاستدامة غاية من جعلها بوصلته بعد توكل القلوب على الله وتشغيل الجوارح، سيسعى دائما وراء الربحية بأقل التكاليف البيئية السلبية، وأكبر عوائد تنموية اجتماعية واقتصادية. ليست عوائق بالمعنى الحرفي للكلمة، ورغم وجود مصانع ملتزمة باشتراطات الأمن والسلامة ولا توجد بها انبعاثات أو مواد خطرة، لكن هذا لا يعني السماح لها بالتواجد في الكتل السكنية، نظرا لأن هذه المصانع يكون لها خدمات لوجستية مستمرة مثل عمليات النقل والتوزيع والشحن، وهو ما يتطلب تواجد شاحنات نقل ومعدات تفريغ، الأمر الذي يسبب ازعاجا كبيرا للسكان واختناقات مرورية. والمملكة تمتلك 3660 مصنعا 40 % منها داخل المدن الصناعية، أما الباقي فهي خارج المدن، وهو سوء تخطيط لا يلام فيه صاحب المصنع وإنما الجهة التي منحت التراخيص، وأعتقد أن مثل هذه الجهات لا تمتلك رؤية وخططا مستقبلية لما قد تكون عليه المنطقة المصرح فيها بعد سنوات، وبالتالي، يجب أن يكون هناك تنسيق بين جميع الجهات المعنية المختصة بالتنظيم الكامل من البلديات ووزارة التخطيط وهيئة المدن الصناعية ومصلحة الأرصاد وحماية البيئة وغيرها قبل اعتماد أي منطقة ستكون مقرا للمصانع ودراستها دراسة مفصلة لمعرفة ايجابيات وسلبيات إقامة تلك المصانع في هذه المنطقة على المدى القصير والمتوسط والبعيد حتى لا تتضرر البيئة والمجتمع والمستثمرون. وبناء مناطق صناعية ذات تخطيط سليم وجودة وخدمات وبرامج متكاملة تؤّمن البقاء والاستدامة للمصانع في المواقع المخصصة لها، وهو ما يبشر بمستقبل صناعي واعد بالمملكة، بالاضافة إلى أهمية أن تكون السياسات الاقتصادية الجديدة تتوافق مع التنمية الصناعية وطموح قادة المملكة. تطوير اقتصاد المملكة ¿ أطلعنا على رؤيتك لاقتصاد المملكة في ظل توّجه الدولة، وضع حلولا جذرية لمشاكل المصانع؟ الاقتصاد الوطني واعد وأصبح اقتصادا ذا دعامات متعددة، خاصة بعد لجوء الدولة إلى نظام اقتصاد ما بعد النفط وفق رؤية 2030، والاقتصاد في عالم اليوم يبنى على التكنولوجيا المبنية على المعرفة، والتي تستلزم تعميق السعة الإنتاجية، وتسريع وتيرة الاختراعات والإنجازات في كل مجالات التقنية الجديدة، فضلا عن استهداف زيادة الطبقة الوسطى لأنها تؤدي لرفع الطلب الكلي داخل الاقتصاد، مع تمكين ومساعدة المنشآت الصغيرة والمتوسطة بما ينعكس إيجابا على تطوير اقتصاد المملكة. تشجيع القطاع الخاص ¿ ما آليات تشجيع (مدن) للقطاع الخاص على إقامة مناطق صناعية مطورة؟ المتابع للنهضة الصناعية في المملكة يعرف جيدا أن (مدن) تهتم بتوفير الأراضي الصناعية المهيأة بكافة الخدمات وتسهيل إجراءات الترخيص، لتشجيع القطاع الخاص على إقامة مدن صناعية، وحث المستثمرين على الدخول في برامج تطوير وتشغيل وصيانة المدن الصناعية وإقامة بنى تحتية صالحة لإقامة المنشآت الصناعية، كما أن إحدى آليات (مدن) تكوين بيئة مثالية لتطوير ورفع مستوى مناطق التقنية في المملكة العربية السعودية، وجعل الصناعة السعودية قادرة على المنافسة محليا وعالميا. حياة الإنسان أولا ¿ وكيف ترد على ما تردد بشأن وجود مشاكل في توفير الأراضي لاقامة ونقل المصانع الوطنية؟ توفير الأراضي الصناعية لم يعد مشكلة وهناك مساحات متوافرة من الأراضي بداخل المدن الصناعية، صحيح أن نقل وتركيب مصنع عملية مكلفة لكنها ليست بأثمن من حياة الناس، وثمة عوامل متعددة تحدّ من استمرار وجود مثل هذه المصانع في مناطق سكنية أو خارج المدن الصناعية، ولعل وجودها داخل المدن الصناعية سيساعد على مضاعفة وزيادة إنتاجها وراحة بال العاملين فيها، كما أن المدن الصناعية حاليا تتمتع بأعلى درجات الجودة والتصميم والمعايير الحديثة، وكذلك توافر إمكانية وصول العاملين في المصانع داخل المدن والأحياء وسهولة تنقلهم. وبالطبع لن يُسمح بترخيص إقامة أى مصنع خارج المواقع المخصصة، وبقاء المصانع خارج المدن الصناعية يعرضها لخطر الإغلاق، كما أن (مدن) أطلقت فكرة إنشاء (المصانع النموذجية) وهى جاهزة لمن يريد أن يبدأ مشروعه الصناعي دون الحاجة لبناء مصنع، وهذه المصانع مثال يحتذى من جميع النواحي، سواء من حيث التصميم الخارجي أو الداخلي.