يستعرض كتاب «مال ورمال» لمؤلفه فيصل العيار عددا من الاستثمارات الكويتية التي كانت مثار جدل وتجاذبات اقتصادية وسياسية منذ ثمانينيات القرن الماضي. ويتناول القسم الأول من الكتاب خمسة مشاريع حيوية، هي صفقة سانتافي، وصفقة البي بي، وحكاية الاستثمارات الكويتية الخارجية وما تضمنه الملف الإسباني لهذه القصة، وتجربة الكويت في استثماراتها في الكي - داو، وفي آخر القسم يتحدث عن تجربة المصفاة الرابعة. ويتناول في القسم الثاني الفرص الاستثمارية الضائعة التي خسرتها الكويت، وهي خصخصة الخطوط الجوية الكويتية، ومشروع مستودعات العبدلي، ومشروع المنطقة الحرة، واخيرا مشروع تطوير جزيرة فيلكا. ويقول العيار في مقدمة كتابه: «انطلقت من عدة أسئلة طرحتها على الباحثين، مثل: هل فعلا نعرف الحقائق عن كل تلك الأحداث، لاسيما الكبيرة واللافتة منها؟ ولماذا تضاربت الآراء إلى حد النزاع الحاد في قضايا دون اخرى؟ هل أنصفت الكويت أصحاب الإنجازات؟ وكيف حاسبت المقصرين إن لم نقل المستهترين أو الفاسدين؟». ويضيف: «انطلقت من فرضية أن القرار الاستثماري في الكويت مشوب غالبا بكثير من اللغط السياسي، لأسباب متصلة بكيفية ممارسة النظام الديمقرا السيرة الذاتية للمؤلف فيصل حمد العيار يتولى فيصل العيار منصب نائب رئيس مجلس إدارة شركة مشاريع الكويت (القابضة)، وقد انضم إلى الشركة في عام 1990 عندما كانت «المشاريع» شركة استثمارية إقليمية تدير أصولا بقيمة 220 مليون دولار. وتحولت الشركة تحت قيادته إلى إحدى الشركات القابضة الرائدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. وتتركز أنشطة الشركة الرئيسية في قطاعات الخدمات المالية، والإعلام، والعقار والصناعة، وتنشط في 24 دولة، ولديها أصول مجمّعة بقيمة 32 مليار دولار. وكان للعيار دور بارز في إنشاء وتطوير «OSN»، وهي أكبر شركة في مجال خدمات التلفزة الفضائية المدفوعة في المنطقة، وفي تطوير الشركة السعودية لمنتجات الألبان والأغذية (سدافكو)، التي تعد إحدى شركات إنتاج الألبان الرائدة في السعودية، وتوسعة وبيع شركة الوطنية للاتصالات، التي تعتبر من شركات تشغيل الهاتف المحمول الرئيسية في المنطقة. ويتولى فيصل العيار رئاسة مجلس إدارة شركة بانثر ميديا غروب - دبي، الإمارات العربية المتحدة (OSN)، وهو نائب رئيس مجلس إدارة كل من مجموعة الخليج للتأمين - الكويت، وبنك الخليج المتحد - البحرين، والبنك الأردني الكويتي (الأردن) ومبرة مشاريع الخير - الكويت. كما أنه عضو مجلس إدارة في كل من شركة سدافكو - السعودية، وشركة الخليج مصر للسياحة والفنادق - مصر. وهو أيضاً عضو مجلس أمناء الجامعة الأميركية في الكويت، والرئيس الفخري للجمعية الكويتية لاختلافات التعلم. بدأ العيار حياته المهنية طياراً في القوات الجوية الكويتية، وحصل على جائزة الإنجاز من جمعية المصرفيين العرب لأميركا الشمالية عام 2005، كما فاز بجائزة المنتدى الاقتصادي العربي في تونس، وجائزة المنتدى الاقتصادي العربي في بيروت عام 2007، إضافة إلى جائزة الملتقى المالي في الكويت عام 2009، تقديرا لدوره في قطاع الاستثمار ونجاحاته في السوق المالي العالمي. ملف التحقيق بعد الصخب المحلي الهائل، حولت القضية الى النيابة العامة في 1985 في أعقاب تهديد نيابي متكرر وحاد لاستجواب الشيخ علي الخليفة الصباح، الذي حظي آنذاك بدعم السلطات السياسية التي جددت الثقة به في 1 يونيو 1985 بدأ ضاري العثمان النائب العام التحقيقات، وفي يناير 1986 وبإعلان رسمي أقفل التحقيق في ملابسات الصفقة، مؤكدا براءة المؤسسة من 5 اتهامات أثارها النواب والصحافة. جاء ذلك في تقرير من 334 صفحة، بعد تقصي حقائق داخل الكويت وخارجها، وشمل ما يلي: 1- مدى مطابقة الشهادة الصادرة من إدارة التنفيذ بلجنة البورصة والأوراق المالية الأميركية بتاريخ 1/ 5/ 1985، للحقيقة فيما انتهت إليه من حيث صحة دلالتها على انتفاء مسؤولية مؤسسة البترول والمسؤولين الآخرين في المؤسسة أو بالإدارات الحكومية الأخرى عما حدث من تسريب المعلومات خلال مرحلة المفاوضات. 2- مدى استفادة هؤلاء المسؤولين بطريق مباشر أو غير مباشر من الصفقة في عمومها، أو من التعامل في أسهم شركة سانتافي نتيجة تسرب أسرار المفاوضات. 3- الظروف التي اكتشفت تعامل أحد رجال الأعمال الكويتيين السيد فيصل المسعود الفهيد في أسهم شركة سانتافي، مما أدى الى تقديمه الى التحقيق في الولايات المتحدة الأميركية، للتأكد من أن تعامله لم يكن وليد معلومات وصلت إليه من قبل أحد المسؤولين في مؤسسة البترول. 4- استجلاء ما إذا كان تسرب المعلومات قد أدى في الجملة الى ارتفاع سعر الشراء من عدمه. الأمر الأول: قرر النائب العام أن الجانب الكويتي اتخذ من جانبه كافة التدابير والاحتياطات اللازمة للمحافظة على سرية المفاوضات في كل مرحلة من مراحلها. إن كل ما تلقاه الجانب الفني الملحق بالنائب العام من أوراق ووثائق، سواء تلك التي تقدم بها أصحابها من تلقاء أنفسهم أو تلك التي طلبها من الجهات المختصة، وكذلك أقوال من استمع اليهم لم تتضمن أن ثمة علاقة لأحد من مسؤولي المؤسسة بالتسرب الذي وقع. ومن ذلك يتضح بجلاء أن إجراءات تقصي الحقائق الى حين إعداد التقرير قد تلاقت في نتيجتها مع ما انتهت اليه شهادة لجنة البورصة والأوراق المالية المؤرخة في 1/ 5/ 1985 من حيث صحة دلالاتها في تاريخ صدورها عن انتفاء مسؤولية الجانب الكويتي عما حدث من تسريب لأسرار المفاوضات التي دارت. الأمر الثاني: عطفا على الأسباب السالف الإشارة اليها في معالجة الأمر، وبناء على ما تجمع من الوقائع والمعلومات التي تضمنها أبواب التقرير، فإنه لم يتأكد لدى النائب العام أن أحد المسؤولين بمؤسسة البترول أو من الإدارة الكويتية قد استفاد بصورة مباشرة او غير مباشرة من التعامل بأسهم سانتافي نتيجة لما حدث من تسرب لأسرار المفاوضات التي جرت بشأنها. الأمر الثالث: المتعلق بملاحقة أحد رجال الأعمال الكويتيين من قبل لجنة البورصة والأوراق المالية الأميركية بشأن حصوله على معلومات تسربت في مرحلة المفاوضات لإتمام الصفقة، مما جعله يحصل على مكاسب مالية من جراء ذلك، فقد قرر النائب العام أن ما يقدم من دلائل حول صدور ذلك منفردا أو مجتمعا للقول بأن ثمة علاقة لذلك العضو بالتسرب أو انه كان ضالعا فيه أو استفاد منه بأي صورة من الصور. الأمر الرابع: وبخصوص تأثير تسرب معلومات على سعر الشراء فقد أبان النائب العام أنه يشترط للقول بتأثير التسرب على سعر الشراء اجتماع أمرين لا ينفصل أحدهما عن الآخر: 1- أن يثبت على وجه يقيني أن التسرب الحاد قد أدى الى رفع سعر السهم. 2- أن تفصح الأوراق عن أن سعر السهم المتداول كان موضع اعتبار في تقدير سعر الشراء وأساساً من الأساس التي روعيت في تحديده أو في تقييم الشركة بصفة عامة. وحيث إنه بإمعان النظر لتلمس مدى توافر هذين الشرطين أحدهما أو كلاهما، فإن الأوراق تفسح بجلاء عن انحسارهما معا.. فالثابت من مطالعة التسلسل الزمني للأحداث المتعاقبة بتوقيع الاتفاقية المؤرخة في 5/ 10/ 1981 ومن البيان الذي تلقاه الجهاز من الجانب الأميركي بشأن سعر سهم الشركة الذي بلغ في أبريل 1981 والمفاوضات مازالت بظهر الغيب 21.25 دولارا، بينما بلغ في 1/ 10/ 1981، وهو اليوم السابق على وقت التداول توطئة لتوقيع الاتفاقية 24.7 دولارا، بزيادة طفيفة لا تذكر. ثم إن الذين شاركوا في المفاوضات خلت أقوالهم جميعا مما يفيد بأن سعر السهم المتداول كان موضع اعتبار في تحديد سعر الشراء. على صعيد آخر، أشار النائب العام الى أن الآراء قد اختلفت بشأن الجدوى الاقتصادية للصفقة، لكن هذا يخرج عن أمر التفويض، لذا ترك لتقدير السلطة التنفيذية. أما رد الوزير على الخليفة الذي جاء على أسئلة برلمانية، وتحديدا النائب عبدالله النفيسي، والمنشور في مايو 1985 فقال ما يلي: إن الاجتماعات التي عقدت كانت بسرية تامة ومواعيدها 26-27 يوليو و25-28 أغسطس و11 سبتمبر. والتحريات التي أجرتها لجنة البورصة والأوراق الأميركية شملت مئات المقابلات، وخلصت الى أن التسريب اتى من 6 مصادر: 1- عضو سابق في مجلس إدارة سانتافي من الأعضاء الخارجيين قام بالتداول لمعرفته المسبقة، طلب منه الاستقالة في حينه وخرج من الشركة. 2- موظفون في شركة سانتافي للمعادن في دالاس لاحظوا الأنشطة في مكاتب الشركة، وعرفوا ان جهات ستشتري، تداولوا وسربوا المعلومات. 3- موظف يعمل لدى شركة تمونز وشركاه، شركة متخصصة في العلاقات الحكومية فوضتها سانتافي 28 سبتمبر لتمثيلها في واشنطن في حال شراء المؤسسة، تداول وسرب لآخرين. 4- محاسب كان يقوم بأعمال لأحد أعضاء مجلس الإدارة، وكان مطلعا على ملفات سرية، تداول وسرب، ولم يشمل الاتهام عضو مجلس الادارة. 5- تداول حصل عن طريق بنوك سويسرية، بعد تسريب من العضو السابق. 6- لم يثبت تورط اي كويتي. ويذكر أن هيئة الأوراق المالية والبورصات الاميركية في وثيقة حكم صدرت عنها قالت إنها اتخذت ضد عدد من الأميركيين، متهمة إياهم بانتهاك قانون الهيئة الصادر سنة 1934 بشأن التداول على الأسهم بناء على معلومات من الداخل. تقول الهيئة في وثيقتها الصادرة عنها 29 يونيو 1984 إنه في 5 اكتوبر 1981، تم اعلان صفقة بين شركة سانتافي انترناشيونال ومؤسسة البترول الكويتية. العرض الذي قدمته مؤسسة البترول لشراء سهم سانتافي مقابل 51 دولارا رفع قيمته من 24.75 دولارا في 1 اكتوبر الى 43.75 دولارا في 6 أكتوبر. ويقول وليد الحسيني في كتابه «فضيحة مكتب الاستثمار الكويتي: دراسة حول توقعات التدقيق والمراجعة في سباق دولي»: «هذا الاستحواذ كان محاطا بادعاءات حول عملية تداول على أسهم الشركة بناء على معلومات من الداخل قبل شراء الصفقة بسعر مضخم، بالتالي فتحت السلطات الأميركية تحقيقا في الموضوع ولم تجد دليلا على تورط كويتيين في التداول بناء على معلومات من الداخل». في التحقيقات الأميركية ثبتت براءة رجل الأعمال الكويتي فيصل المسعود الفهيد بعد 3 سنوات. وفي مقابلة صحافية معه (القبس 24/11/2008) يقول: كنت وكيل شركة سي إف براون منذ 1975. تلقت تلك الشركة اتصالات ودعوة من الجانب النفطي الكويتي لزيارة الكويت. وهذا ما حصل، إذ علمت من الشركة أن هناك رغبة كويتية في تطوير المصافي والاستعانة لذلك بشركة براون التي أشارت الى أنني وكيلها، وكان الجواب ان هذه مشاريع كبيرة جدا، ولا يصح الا ان تكون تحت وكالة الدولة. ويضيف: قامت سانتافي بالاستحواذ على سي إف براون قبل الصفقة مع مؤسسة البترول. بعد ذلك جاءني رئيس سانتافي وقال لي: عمولتك 5% من سي إف براون، فرفضت عرضه واختلفنا. ويشير الى انه اشترى اسهما في سانتافي قبل شرائها من الكويت بـ10 أيام بـ24 دولارا للسهم، وحقق ارباحا بعد صعود السهم بنسبة كبيرة. وهكذا دخل اسمه في التحقيقات التي استمرت 3 سنوات لتظهر براءته، كما ظهرت براءته في التحقيقات المحلية. ويقول: في الكويت أجروا معي تحقيقا لمدة سبع ساعات. كان رئيس التحقيق عبدالعزيز الدخيل الذي كان نائب رئيس الوزراء وزير دولة، وإلى اليوم أتمنى أن يعطوني التحقيق، فأنا قلت الحقيقة عندما سألوني: هل هذا الاستثمار لمصلحة الشعب الكويتي؟ فكان جوابي «لا» هذا لمصلحة خاصة، لذلك أريد التحقيق لأقول للناس كل ما جرى وليعرفوا الحقيقة. وطلبت من الوزير فيصل الحجي أن يفتش عن هذا الملف، فحلف لي انه لم يجده. يذكر أن التحقيقات الخارجية شملت ايضاً: قسطندي ناصر رجل اعمال أردني لؤي توفيق السويدي رجل أعمال عراقي عبدالرحمن المناعي رجل أعمال قطري بالإضافة الى مؤسستين مسجلتين في ليخشنشتاين. التعثر عشية توقيع الصفقة كانت أسعار النفط بأحد أعلى مستوياتها التاريخية. ففي مايو 1981 وصل البرميل أكثر من 100 دولار (بحساب التضخم- أي أسعار اليوم)، وكان لذلك تأثير إيجابي على تسريع رغبة الكويت في استملاك الشركة المزدهرة الأعمال في تلك الاثناء بارتفاع الطلب على خدماتها. ثم تطورت الاسعار كالآتي (دائماً بحساب التضخم): 90 دولارا في أكتوبر 1981 أي شهر الصفقة 83 دولاراً في أكتوبر 1982 65 دولاراً في اكتوبر 1984 62 دولارا في اكتوبر 1985 32 دولارا في اكتوبر 1986 42 دولاراً في اكتوبر 1987 ثم بقيت الأسعار في متوسطها العام تحت 40 دولارا للبرميل من 1987 الى 1990، وأدنى من ذلك لاحقا، وصولا الى 24 دولارا في بداية 1994، و16 دولاراً في اكتوبر 1998. بموازاة ذلك استمر الجو السياسي المحلي محيطاً بالصفقة سنوات طويلة، فبعد 4 سنوات من توقيعها بقيت حاضرة بقوة وتهدد الشيخ علي الخليفة باستجواب في 1985. في الأثناء كان هناك شبه سباق بين التداعيات السياسية والتداعيات الاقتصادية، وما زاد الطين بلة، تراجع أسعار النفط حتى سجلت الموازنة عجزاً بنحو 735 مليون دينار في 1981/1982 مقابل فائض 988 مليونا في 1980/1981، واضطرت مؤسسة البترول إلى زيادة رأسمالها في 1982 بنسبة 150 في المئة، ثم سجلت الموازنة العامة عجوزات تبعاً لانخفاض اسعار النفط. استثمارات وتوسعات وكما وعدت المؤسسة، فقد تم ضخ مبالغ كبيرة في شركة سانتافي، وللمثال قدم رئيس الشركة إدوارد شانون طلب ميزانية 80 مليون دولار في البداية، إلا أن الجانب الكويتي رفع الميزانية أكثر من ذلك بكثير، بحسب تصريح لشانون في 16 يناير 1982 لدى زيارته للكويت، إذ بدا مرتاحاً جداً لذلك. وحصلت توسعات، ففي أغسطس استحوذت شركة سانتافي انترناشيونال كوربوريشن على شركة اندوفر اويل المتخصصة بالتنقيب عن النفط وإنتاجه، مقابل 150 مليون دولار، علماً بأن «اندوفر» كانت تعاني ضائقة مالية شديدة، فأتت الصفقة لتنقذها وأعلنت «سانتافي» أن شركة اندوفر ستكون شركة تابعة لها. كما أنفقت الشركة 200 مليون دولار على أعمال التنقيب في 1982 (الاستكشاف والاستملاك)، وكانت توقعاتها لعام 1983 بـ500 مليون دولار، أي 10 أضعاف ما كان في 1981 سنة الصفقة. واشترت إحدى شركة أوكلاهوما للتنقيب، ودخلت في اتفاقية تنقيب مشتركة مع شركة ستاندارد اويل في انديانا. ووقعت اتفاقية مشتركة للتنقيب في مناطق بحرية في الصين الشعبية. فزاد عدد الموظفين إلى 15200، في وقت كانت شركات أخرى منافسة بدأت تسرح موظفين مع هبوط أسعار النفط. في 1983 بدأت مشاكل بالظهور، فالشركة التابعة سي اف براون، التي تعتبر «الجوهرة» الهندسية في المجموعة، أظهرت خسائر ونتائج مخيبة للآمال، ومن هنا تولدت الرغبة الأولى ببيعها، إلا أن ذلك تأخر حتى عام 1989، عندما أقدمت شركة براون اند روت التابعة لشركة هاليبرتون على استكمال الاستحواذ على سي اف براون، بسعر لم يتجاوز 100 مليون دولار، وفقا لـPlsx بتروليوم ليستيغ سرفيس. إلى ذلك، وبعد الاستحواذ الكويتي عليها، خسرت «سانتافي» وشركاتها التابعة فرص عمل في دول تابعة لمنظمة «اوبك»، وتفاقم وضعها أثناء تراجع دورة النشاط الاقتصادي بعد تراجع تنافسيتها في سوق اتسم بالصعوبة في فترة الثمانينيات. كان واضحاً أن «سانتافي» بدأت التحول من صفقة كبرى إلى ما يشبه العبء مالياً وسياسياً، لكن مؤسسة البترول حاولت تجاهل ذلك بتصريحات تطمينية مثل تصريح للمساعد التنفيذي للعضو المنتدب للشؤون المالية عبدالهادي العواد في مارس 1985، عندما قال: «استثمارنا في سانتافي طويل الأجل وليس عبئاً، والعوائد لا يمكن أن تحتسب على فترات قصيرة». وطوال الثمانينيات حاولت المؤسسة تعزيز استثمارها الأول بضخ أموال في الشركة ومشاريعها، حتى بلغت تلك الاستثمارات الإضافية ما بين 1.8 و2.5 مليار دولار حتى بداية التسعينيات. واختلاف الأرقام هو باختلاف المصادر، علماً بأن تقريراً لديوان المحاسبة قال في معرض جردة حساب مدقق حتى 30/6/1990 إن الخسائر بلغت 2.89 مليار دولار، آخذاً في الاعتبار الشركات التي تم شراؤها واضافتها لمجموعة سانتافي، وكذلك المبالغ التي تم تزويدها بها لزيادة رأسمالها، والأصول التي تم تحويلها إليها بمبالغ إجمالية وصلت 2.5 مليار دولار، أي بقدر قيمة الصفقة الأولى. في 1994 بلغت الديون المتراكمة 6.5 مليارات دولار بطريق مباشر أو غير مباشر، وفي نفس السنة اطلقت التصريحات الرسمية عن نية البيع والتصفية التدريجية. وفي دراسة صادرة في يوليو 2008 عن برنامج الطاقة والتنمية المستدامة في جامعة ستانفورد للباحث بول ستيفنز، جاء ان شركة سانتافي في الفترة بين 1981 و1990 خسرت ما مجموعه 2.9 مليار دولار لأسباب عديدة، بينها تراجع أسعار النفط والغاز بحدة بعد عام 1986، وبعد الغزو العراقي الغاشم للكويت في 1990 تعطلت كل خطط توسع «سانتافي» لأسباب مالية وغير مالية، علماً بأن الشركة لعبت دوراً في عمليات السيطرة على حرائق النفط التي اشعلتها قوات الاحتلال العراقية في 1990، وساعدت في إطفاء مئات الآبار في غضون 8 أشهر، لكن بيع «سي اف براون» أقصى «سانتافي» من السباق كمنافس للمقاولين الرئيسيين في عملية إعادة اعمال حقول نفط الكويت بعد الحرب، لأنها خسرت ذراعها المسؤولة عن الأمور الهندسية والإنشائية. الاختلاف الثقافي كتاب «مؤسسة البترول الكويتية واقتصاديات النظام العالمي الجديد» للمؤلفة ماري ان تيترولت، أشار إلى أن بعض المسؤولين في شركة سانتافي إنترناشيونال، فسّر تاريخ التعثر والخلافات المالية بسبب اختلاف ثقافي بين الأميركيين والكويتيين، كنتيجة لتقليد دارج في الشرق الأوسط حول طريقة التفاوض التي ترتكز على المركز بدلا من الفائدة. وأضافوا: «كان هناك زعم أن سلوك مؤسسة البترول الكويتية في الصفقة كان عبارة عن ثقافة شركة، لكن عمر مؤسسة البترول الشاب جدا لم يتح تشكيل تلك الثقافة. توقعات سانتافي التي تقف وراء اندماجها مع مؤسسة البترول مردها الى استثمارات وخبرة تشغيلية للشركة الأميركية في الكويت عمرها 20 عاما لكن المصاعب التي واجهتها الشركة بعد الاندماج تعارضت مع تجاربها السابقة من خلال عملها في الكويت وثقافتها الخاصة وتاريخها الطويل من العمل بتناغم وانسجام في بلدان اخرى من انحاء العالم بحسب مسؤولين ذكرهم الكتاب، الذي اضاف: «على الرغم من ان التغير الذي طرأ على العلاقة بين سانتافي ومؤسسة البترول يعود جزء منه الى تغير السلطة نسبيا بعد عملية الاستحواذ، فإن بعضا منها ناجم عن طريقة تعامل مؤسسة البترول مع تدهور السوق والانتقادات المحلية الحادة لاداراتها. هذا الوضع ظل يلقي بظلاله القاتمة على العلاقة بين المؤسسة والشركة الأميركية». وفيما يشبه اللوم المكرر نقل الكتاب عن اولئك المسؤولين ان بيع سي اف براون مثلا اخرج سانتافي من دائرة التنافس على مركز المقاول الرئيسي في عملية اعادة بناء وتأهيل حقول النفط بعد الغزو. واستمر ما يشبه التفكيك بعد بيع سي اف براون، إذ ان اصول سانتافي في بحر الشمال بما فيها حصتها في حقل ثيزل نقلت الى شركة انشئت في 1989 سميت sfx ومقرها لندن. وكانت من أنجح وأسرع الشركات نموا في بحر الشمال مع استطاعتها تمويل نفسها وسمحت لها مؤسسة البترول بالاحتفاظ بأرباحها للتوسع. وتقول الكاتبة ماري ان تيترولت نقلا عن كويتيين من منتقدي الصفقة ان سانتافي شركة اميركية ذات خبرة اميركية. ليس من السهولة ان تندمج مع غيرها، فهي لا تزال شركة اميركية. عليها ان تتبع القوانين الخاصة بشركة اميركية. لا تستطيع ان تحل شركة كويتية مكان اميركية بدون توافر الاسباب اللازمة لذلك. ولا يمكن استيعاب «سانتافي» ككل داخل نظام مؤسسة البترول بالطريقة التي يمكن للمؤسسة ان تستفيد من نقاط قوتها وهذا ينطبق على اصعدة عديدة ابرها هدف نقل التكنولوجيا الذي لم يتحقق كما يجب. وفي الكتاب نفسه ورد ايضا ما يلي: واجهت سانتافي مشاكل ثقافية مع مؤسسة البترول وتفاقم ذلك مع الوضع السياسي العدائي الذي ووجهت به الصفقة في الكويت. وأضاف نقلا عن مسؤولين بالشركة: الأسوأ كان رفض مجلس إدارة مؤسسة البترول تخفيض قيمة اصول سانتافي التي صار اداؤها ضعيفاً اثناء تراجع اسعار النفط. وعرض هذا الأمر الشركة لمخاطر. وفي لقاء مع مسؤولين في الشركة اعترفوا ان نقاط قوة شركة براون على سبيل المثال هي التزامها بالجودة، وبرروا بعض مشاكلها على الأقل بأنها نتيجة غير مباشرة لدمجها في مؤسسة البترول الكويتية، وقالوا ان براون لم تستطع تنويع انشطتها، عندما تشابكت مع مشارع الكويت. وأضاف هؤلاء: حين تمت الصفقة كانت الأصول تدر أرباحاً عالية جداً لذا من الناحية القانونية، من الطبيعي تقييم تلك الأصول بناء على قدرتها على توليد الأرباح، حصلنا على قيمة تلك الاصول عالية مقارنة مع الشركات الأخرى. ظاهرياً اذا نظرنا الى دفاتر الشركة، كنا نخسر مالاً» . هذا الأمر فاقم من المشاكل المحلية لشركة سانتافي في الكويت عندما بدأ اداؤها من سنة لاخرى سيئا مقارنة مع الشركات الأخرى لم يحل هذا الأمر شيئاً لأن المعدات انخفضت قيمتها من جانب، والنقاد الكويتيون اعتبروا هذا الأمر دليلا اضافيا على خسائر رأسمال الشركة، مما ضايق مسؤولي سانتفي الذين كانوا منزعجين بالأصل مما ادعوا انه خسائر تشغيلية ورقية لم تعكس الأداء الفعلي لشركة سانتافي». ويضيف الكتاب: «اشتكى مسؤولون في شركة سانتافي بشكل غير رسمي من ان الكويتيين لم يعترفوا رسميا يوما امام ممثل شركة سانتافي او سي اف براون بأن العمل الذي أنجزته الأخيرة في الكويت كان متقنا. الافتقار الواضح الى التقدير اضاف الخلاف بين الكويتيين وموظفي سي إف براون، مما خلق مسافة بين سانتافي ومؤسسة البترول الكويتية». هذا الصدام بين الثقافتين ترافق ايضاً مع توقعات متباعدة. على سبيل المثال فإن المساعدة الأجنبية من الولايات المتحدة الأميركية كانت تقريباً على الدوام مشروطة بشراء خدمات وسلع اميركية، بينما المساعدة الأجنبية من الكويت كانت اقل اشتراطات بالعموم، ومسؤولو سانتافي لم يدركوا ذلك الا متأخرين. كما كان المسؤولون في شركة سانتافي اقل رضا عن الممارسات المالية لمؤسسة البترول الكويتية، وكرد جزئي على تفجر الانتقادات المحلية بعد شراء سانتافي، ركزت مؤسسة البترول الكويتية على تخفيض التكلفة، وهي خطوة اشتدت مع تدهور السوق وهبوط الأرباح وهنا تضاءلت توقعات سانتافي من ان المزايا الرئيسية التي ستحظى بها من الاندماج مثل وصول اوسع الى رأس المال والفرص المجزية من العمل في مشاريع بمساعدات اجنبية. زادت التوجهات بتخفيض التكلفة من حدة الخلافات بين الشركات المنتسبة والتابعة لمؤسسة البترول الكويتية. فكل شركة حاولت فصل تكاليفها الداخلية عن التكاليف الخارجية. بما فيها تكاليف الشركات التابعة. هذا الأمر على سبيل المثال، فاقم تعثر العلاقة بين سي إف براون، وشركة البترول الوطنية الكويتية، خلال مشروع تحديث المصافي، إذ رفض مديرو الشركة الكويتية سداد أجور إضافية حصلت نتيجة تغيير في التصميم، هم أنفسهم طلبوه بعدما بدأ الإنشاء. بعض مسؤولي سانتافي يخلص ليفسر تاريخ هذه الخلافات المالية كنتيجة للاختلافات الثقافية بين الأميركيين والكويتيين، وثمرة لتقليد شرق أوسطي عن المساومة الصعبة. التصفية التدريجية بلغت قيمة المبيعات السنوية لشركة سانتافي مليار دولار بداية التسعينيات، أي إنها لم تتطور مقارنة بـ1981 سنة الصفقة. بالموازاة، استكملت إعادة هيكلة الشركة عام 1993 لتضم كل الأنشطة والشركات التابعة في شركة واحدة في يناير 1993، ونقل مقرها إلى «دالاس»، وتم تسريح مئات الموظفين. وقال رئيس الشركة غوردون أندرسون لوكالات الأنباء آنذاك أن تخفيض الوظائف يسبب التغيير في بيئة العمل، وأن سانتافي تقلص حجمها. تقرر بيع أصول بعد تراكم الديون وانكشاف حجم الخسائر، التي منيت بها مؤسسة البترول جراء جملة عوامل متراكمة، بينها المشاكل التي واجهت شركة سانتافي، لذا أكدت المؤسسة أوائل التسعينيات، أنها تسعى إلى التخلص من أصول قالت، في حينها، إنها غير استراتيجية لتبرير البيع. وفي نوفمبر 1994 بتصريح لصحيفة نيويورك تايمز، قال نادر سلطان نائب رئيس مجلس إدارة مؤسسة البترول ورئيسها التنفيذي، إن المؤسسة لم تعد مهتمة كثيراً باستكشاف وإنتاج النفط في الخارج، وإن العديد من المشترين عبروا عن اهتمامهم بشراء عمليات سانتافي في الأشهر الأخيرة، بالتالي نرى أنه من المنطقي في هذا الوقت طرح هذه الأصول للبيع: (نيويورك تايمز، 11 نوفمبر 1994) وحينها كان أسطول الشركة مكوناً من 39 برج حفر بحري وشبه غاطس أو منصات حفر، إضافة إلى 36 برجاً ومنصة للحفر البري تملكها بالاشتراك مع زبائنها في أميركا الشمالية والجنوبية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا، وبعد البيع الذي تقرر، تتراجع قوة العمل الى 4000 موظف فقط. وفي بيانات وتسريبات أخرى للمؤسسة تبين أن قرار البيع متخذ على أعلى المستويات منذ 1990، ليكون ذلك على مراحل ضمن سياسة تقضي بتصفية بعض الأنشطة «غير الاستراتيجية»، مثل العمليات الاستكشافية والإنتاجية في الولايات المتحدة الأميركية، التي لم تعد بين الأولويات بحسب مؤسسة البترول آنذاك، وحصل بيع جزء من الاستثمارات في الولايات المتحدة الأميركية بمبلغ قدّرته مصادر آنذاك بنحو 435 مليون دولار. ثم شهد أغسطس 1996 تعيين مستشارين لبيع أصول الشركة في بحر الشمال وأيرلندا. وفي ديسمبر من العام نفسه، وافقت شركة النفط النرويجية ساجا بتروليوم على شراء سانتافي- المملكة المتحدة بقيمة 1.23 مليار دولار، ضمن صفقة تضمنت دفع ديون مستحقة بنصف مليار دولار، وتبين من خلال هذه الصفقة أن قرار البيع والتصفية يشمل كل العمليات وليس الأنشطة الاميركية وحسب. في 15 أبريل 1997 أعلنت مؤسسة البترول عن احتفاظها بغولدمان ساكس مستشاراً مالياً لها لتقييم عدة خيارات تتعلق ببيع جميع حصص أو حصة كبيرة من شركة سانتافي إنترناشيونال. ثم طرحت سانتافي أسهماً للاكتتاب في نيويورك عام 1997 لبيع 35 مليون سهم بسعر 28.5 دولاراً للسهم الواحد، وذهبت نسبة كبيرة من حصيلة الطرح إلى مؤسسة البترول، التي انخفضت حصتها إلى 69 في المئة. وفي عام 2000 باعت شركة سانتافي 30 مليون سهم آخر لتنخفض حصة مؤسسة البترول إلى 39 في المئة. وفي الطرحين الآخرين، كانت الحصيلة المالية لمصلحة مؤسسة البترول، علماً أن بعضها كان موجهاً لسداد الديون أيضاً. إلا أن تصريحات لمسؤولين أكدت أن المؤسسة حققت أكثر من 1.5 مليار دولار، مشيرة إلى أن هذا المبلغ هو الفارق بين سعر الشراء في الثمانينيات وأسعار البيوع المذكورة أعلاه. في عام 2001 اتفقت شركة سانتافي مع شركة غلوبل مارين على الاندماج بصفقة تبادل أسهم بقيمة 3 مليارات دولار، ويذكر أن غلوبل مارين كانت تأسست في 1946 متخصصة بالحفر البحري، وطرحت للاكتتاب في 1962 وفي السبعينيات واجهت مشاكل وسجلت خسائر ثم عادت لتزدهر ومع انهيار اسعار النفط في الثمانينيات تعثرت من جديد وطلبت الحماية من الإفلاس في 1986، وفي 1989 خرجت من تعثرها وعادت مرة أخرى، واحدة من أقوى شركات الحفر البحري في العالم. وخلق اندماجها مع شركة سانتافي في 2001 ثاني أكبر مقاول حفر بحري في العالم وسميت الشركة غلوبل سانتافي. وذكرت وول ستريت جورنال أن الصفقة كانت عبارة عن ضم غلوبل مارين إلى سانتافي بمبادلة أسهم بقيمة 3 مليارات دولار وديون بقيمة 900 مليون، أما العلاوة التي دفعتها سانتافي فكانت 17 في المئة، وحتى بداية 2002 لم يكن قد تبقى من حصة لمؤسسة البترول إلا 18 في المئة. أعلنت مؤسسة البترول في 12-4-2005 أنها ستبيع حصة كبيرة من ملكيتها في شركة غلوبل سانتافي بمبلغ 1.2 مليار دولار لمصلحة الشركة ذاتها وفقا لاتفاق مسبق. وكانت المؤسسة آنذاك تملك 18.2 في المئة عندما قررت سانتافي طرح اسم للاكتتاب العام بقيمة 1.2 مليار دولار واستخدام حصيلة البيع في شراء عدد مماثل من اسهم المؤسسة في الشركة، وتوقعت المؤسسة ان تنخفض ملكيتها الى ما دون 5 في المئة عند اتمام العملية في 20 ابريل 2005. وقالت المؤسسسة في بيان: إن تلك الخطوة تأتي منسجمة مع التوجهات الاستراتيجية المعتمدة من مجلس ادارتها والمجلس الاعلى للبترول من أن استثمار المؤسسة في شركة غلوبل سانتافي لا يعتبر من الاستثمارات الاستراتيجية، وأن على المؤسسة بيع حصتها. ومع اعادة شراء غلوبل سانتافي 43.5 مليون سهم من أسهمها المملوكة لشركة سانتافي انترناشيونال (القابضة) مقابل 799.5 مليون دولار في 2005 انخفضت حصة مؤسسة البترول في غلوبل سانتافي الى نحو 8 في المئة. في اكتوبر 2005 اتخذ في مؤسسة البترول قرار نقل نشاط تقديم الخدمات الاستشارية والتدريبية والهندسية البترولية التي كانت تقوم بها سانتافي الكويت، الى شركة خدمات القطاع النفطي التابعة للمؤسسة. وفي عام 2007 قامت شركة ترانز اوشن التي تعد اكبر شركة لحفر الآبار البحرية في العالم بشراء غلوبال سانتفي مقابل نحو 17 مليار دولار. وبعد عملية الاندماج اصحبت الشركة أكبر مقاول حفر بحري في العالم. شملت الصفقة مبادلة أسهم بالاضافة الى مدفوعات للمساهمين في الشركتين. وأتت هذه الخطوة من جانب اكبر شركتين للحفر في العالم من حيث القيمة السوقية للأسهم بعد تكهنات استمرت شهوراً عن ان القطاع سيشهد اندماجات للاستفادة من الزيادات الكبيرة في الإنفاق من جانب منتجي النفط خاصة على تطوير الحقول البحرية. ووافقت الشركتان على صفقة مبادلة اسهم في حين استفادتا من عقودهما التي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 33 مليار دولار في اقتراض 15 مليار دولار تدفع للمساهمين في الشركتين كتوزيعات أرباح. وأظهرت البيانات المالية لسنة 2014 لشركة ترانز اوشن ان اجمالي ايرادات الشركة بلغ 9.21 مليارات دولار، وصافي الدخل 1.91 مليار دولار. بتاريخ 13/1/2008 قال رئيس اللجنة المالية في المجلس الأعلى للبترول خالد بودي إن التخلص من شركة سانتافي كان لأسباب اقتصادية، إذ لم يكن هناك من داع للاحتفاظ بها وهي كانت تشكل عبئاً مالياً على المؤسسة، مشيرا الى ان المعطيات التي كانت ايام ابرام الصفقة في 1981 تغيرت تماماً. في 21/2/2008 ضمت مؤسسة البترول نهائيا سانتافي- الكويت (التي كانت للخدمات الاستشارية والتدريبية) الى شركة خدمات القطاع النفطي التي نقلت إليها اصول ونشاط العاملين في سانتافي وتوحدت الهوية باسم شركة التنمية النفطية. في مارس 2013 أسدل الستار على كل حقبة سانتافي وتداعياتها وبقاياها عندما اعتمد المجلس الأعلى للبترول تصفية كل من شركتي سانتافي- الكويت والتنمية النفطية، وزيادة رأسمال الشركة الكويتية للاستكشافات البترولية الخارجية كوفبيك من 200 الى 1200 مليون دينار. وزيادة رأس المال تلك أكدت بما لا يقبل الشك ان الاهتمام بالاستكشاف والتنقيب خارج الكويت بقي من الأولويات بخلاف كل التصريحات السابقة التي صدرت لتبرير بيع سانتافي. التسلسل الزمني 1946: تأسيس شركة سانتافي في ولاية كاليفورنيا الأميركية. 1950: الشركة تتوسع في عدة دول، وتبدأ العمل في المنطقة المقسومة بين الكويت والسعودية. 1963: سانتافي تدخل في شراكة مع مستثمرين كويتيين، لتأسيس شركة حفر، إلا أن هذه الشركة تأممت لاحقا. 1980: قيام مؤسسة البترول الكويتية، لتضمن تحتها كل الشركات النفطية الحكومية، وأدرجت بين أغراضها أهداف توسعات خارجية. 1981: مؤسسة البترول تستحوذ على سانتافي، في صفقة بلغت قيمتها 2.5 مليار دولار، وفورا قامت اعتراضات أميركية وكويتية، وتخلل ذلك اتهامات وتحقيقات. 1983: الكويت ترد على الاعتراضات الأميركية على الصفقة، وتنجح في تبيان جملة حقائق. 1985: إحالة القضية إلى النيابة العامة في الكويت، بعدما تفاقم صداها شعبيا ونيابيا عدة سنوات متتالية. 1986: (يناير) إقفال الملف من دون أي اتهامات أو إدانات. 1986: أسعار النفط تواصل الهبوط بشدة، وبقيت هابطة لمدة سنوات لاحقا، ما أثر سلبيا على أعمال الحفر والإنتاج، وتأثرت سانتافي بذلك. 1990: كانت الاستثمارات الكويتية المتراكمة في شركة سانتافي وصلت إلى نحو ملياري دولار تضاف إلى 2.5 مليار قيمة الصفقة نفسها. 1990: (يونيو) صدور تقرير لديوان المحاسبة يشير إلى تراكم خسائر سانتافي، لتبلغ 2.89 مليار دولار. 1990: تراكمت الديون، لتصل إلى 6.5 مليارات دولار. 1994: ظهور أولى إشارات نية البيع أو التصفية التدريجية. 1994: (نوفمبر) رئيس مؤسسة البترول يقول إن المؤسسة لم تعد مهتمة كثيرا باستكشاف وإنتاج النفط في الخارج! 1996: بيع جزء من الشركة بقيمة 1.23 مليار دولار. 1997: طرح أسهم سانتافي للاكتتاب بسعر 28.5 دولارا للسهم (سعر الشراء في 1981 كان 51 دولارا). وتنخفض حصة الكويت إلى 69%. 2000: بيع أسهم إضافية، لتنخفض حصة الكويت إلى 39%. 2001: اندماج بين سانتافي وشركة غلوبل مارين. نشأ من ذلك الاندماج ثاني أكبر مقاول حفر بحري في العالم (غلوبل سانتافي). 2002: انخفضت حصة الكويت إلى 18%. 2005: الكويت تعلن بيع حصة إضافية ليبقى 8% من الملكية. 2007: شركة ترانز أوشن، أكبر شركة لحفر الآبار البحرية في العالم، تشتري غلوبل سانتافي بنحو 17 مليار دولار. 2008: ضمت مؤسسة البترول نهائيا أنشطة سانتافي في الكويت إلى شركة أخرى تابعة للمؤسسة. 2013: إسدال الستار وتصفية سانتافي في الكويت.