×
محافظة المنطقة الشرقية

حالة الطقس المتوقعة ليوم الأربعاء

صورة الخبر

الحكمة خير عظيم وهبة ربانية كبرى من نالها فقد امتلك سمات متعددة من بُعد النظر والدراية والذكاء والاستقراء واتخاذ القرار، فإن ظلت في مسارها الأمثل خدمت الإنسانية جمعاء، وإن غلبت عليها المصالح الذاتية تبلورت في مسار «الأنانية»، وعندما يمتلكها إنسان فإنها «المطلب» والمبتغى» ويتحوَّل صاحبها إلى «مرجع للرأي» و»منطلق للقرار»، وإن امتلكها حاكم من الحكام فإنه إما أن ينقل بلده للمراتب الأولى، أو أن يهوي بشعوبه للقاع وينأى بمصالحة وذاته وأهدافه. على مرِّ التاريخ خرج لنا من الأزمنة حكام حكماء وهم قلة، ومن كان منهم مهتماً بشعبه شغوفاً بمستقبله فإنه يلجأ إلى البحث عن أصحاب الحكمة كي يعينوه على سداد الرأي وتسديد القرار. في شرعنا القويم حتى الدعوة إلى الإسلام منطلقها «الحكمة» سابقة عن الموعظة الحسنة بقوله تعالى: {ادْعُ إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ} (125) سورة النحل، فإذا كانت الدعوة نحو الإسلام والشريعة بدأت بالحكمة فكيف أن تحل القضايا بالمواثيق الدولية التي تحتاج إلى حكيم يغيّر بنودها ويضع بنوداً جديدة بلغة خطاب إسلامي وعربي موحد، فلو ظلت المواثيق العتيقة التي تمتلىء بها مكاتب أرشيف المنظمات الدولية لظلت قضايانا مقيدة بحكم «التجميد» و«الغموض». في الأزمات الإنسانية وحتى المحن والحروب تظهر الحكمة لتكون «الحاضر الأكبر» وأكبر مثال في معركة «الخندق» عندما جاء سلمان الفارسي رضي الله عنه بحكمة، وأشار بحفر «الخندق وكان الرسول صلى الله عليه وسلم الحكيم الأول وأعظم رجل يملك الحكمة على وجه البشرية جمعاء مستمعاً للرأي موظفاً للشورى مشجعاً للحكماء، وفي أزمات عدة حضرت الحكمة في الأزمات التي تغلب مصالح الشعوب وترجح كفة الخير وعمل بها الحكام في حين أن حكاماً آخرين استغلوا الحكماء ليكونوا أداتهم في صناعة الحيل والمكر، وهذا لا يعني وجود حكام امتازوا بالحكمة فكانت حكمتهم تصدر في قرار من الحاكم وتبقى نظرته فقط ليراقب من حوله ليرى تأييد قراره الحكيم المدروس والمعروف النتائج ولا يعيره أصوات الاتفاق أو المعارضة، ولكنه كحكيم يلجأ إلى تغليب كفة حكمته بشور الحكماء والأخذ برأيهم وترك الآخرين ممن يصفقون تأييداً، بل إن بعض الحكام ممن يتميزون بالحكمة يستخدمون «الحيلة» ومعرفة توجهات وأفكار الآخرين من مرافقيه وخاصته فقد يعرض قراراً خاطئاً من خلال حكمته كي يعرف أصحاب الرأي السديد الموضوعيين الحريصين الأكفاء والآخرين المنافقين في البلاط. قضايا متعددة تملأ الوطن العربي في المغرب العربي والشام وفتن متعاقبة حوّلت الأرض الإسلامية إلى أعراس دم. قضية فلسطين حائرة سائرة بين مجلس الأمن وجامعة الدول العربية كما تكون كرة مضرب دون تسجيل «نتيجة».والفتن تحيط بالشام والعراق وداعش يجيش جيوشه السرية قبل المعلنة لزعزعة أمن الشعوب والقاعدة ترتب أوضاعها وتجهز أوكارها لتوظيف الإرهاب والأقليات المسلمة في بعض البلدان تتعرض للاضطهاد والاقتصاد الإسلامي والعربي غائب عن مفاهيم اللُحمة الواحدة لمواجهة التحديات والإغاثة تسير وفق خطط العقود الماضية. من وجهة نظري أن الحكمة ستظل سيدة الموقف في كل الأزمات التي تعاني منها الشعوب، وأنها المفتاح السحري الذي سيفتح الأبواب الموصدة أمام النور للخروج من الأزمات المتلاحقة التي تنهش جسد الأمة.