×
محافظة المنطقة الشرقية

تويتر تدفع«36»مليون دولار لقاء الاستحواذ على«900»براءة اختراع

صورة الخبر

لعلكم تذكرون حديثا مضى هنا عن رحلة حج التوسكاني الإيطالي جوروجو غوتشي ورفاقه إلى الشرق. هذه عودة لأجواء الرحلة المثيرة. «هيئة أبوظبي للثقافة والتراث - المجمع الثقافي» طبعت ونشرت كتاب الرحلة. الرحلة تمت عام 1384 (يوافقه هجريا عام 786) وزار التوسكانيون الإسكندرية والقاهرة، ولبنان والأردن وسوريا. نورد مقتطفات نصية من مشاهدات غوتشي الوصفية الدقيقة، في تلك المرحلة التي لم يكن فيها كاميرات تصوير، ولا لوحات شهيرة عن الشرق. يتحدث صاحبنا عن الإسكندرية قائلا: «في الإسكندرية وجدنا أشياء غريبة مميزة، ظهرت لنا المدينة بمساحة كبيرة تكتظ بالمنازل والسكان، والتجارة فيها تجري على قدم وساق، كما أن هناك عددا من المسيحيين يعملون في التجارة أيضا، ومنهم جنويّون وفينيسيون (بنادقة) وقطلان وأراغونيون وبروفنساليون وبيزنطيون وفلورنسيون، وعدد كبير من مختلف الجنسيات». (ص28). ثم يصف انطلاقهم من الإسكندرية باتجاه القاهرة: «وقت الغروب تركناها ورافقنا الترجمان الذي سيصحبنا حتى القاهرة ومعه رجل مسلم لديه أوراق تعريف بنا وبهوياتنا، لقد كنا مميزين بمظهرنا ولون بشرتنا، وهو أمر يفعلونه لحماية الحجاج المسيحيين، فلا يتعرض لهم أحد بالقتل والسرقة». (ص30). حينما وصل غوتشي إلى القاهرة وعلى مقربة منها ومن «بابليون» أو بابل كما سماها، وهو الاسم القديم لـ«الجيزة» يقول: «بابل هي المدينة القديمة التي أتى منها الفرعون، أما القاهرة فهي المدينة الجديدة ولقد بنيت لاحقا، وحسب ما قيل لنا وما رأته أعيننا ففي المدينتين عدد لا يحصى من الناس، فهناك ما يقارب ستمائة أو ثمانمائة ألف رجل حرب وثلاثة ملايين نسمة، وهناك أكثر من مائة ألف فقير من الرجال والنساء والأطفال لا يبيتون ليلتين متتاليتين في المكان نفسه». ص34. «يسكن السلطان (وهو ملك الملك) في القاهرة (يقصد السلطان الملك الظاهر سيف الدين برقوق) في قلعته وبلاطه يعيش عدد من الأعيان والجنود، ويقال إن أرض السلطان (يقصد مملكته) من الكبر بحيث تحتاج للتجوال فيها لثلاثة أشهر». (ص35). ويبدو أن أحاديث المعجزات في الأوساط الشعبية المسيحية المصرية قديمة، فهو يحدثنا عن زيارة لكنيسة القديسة بربارة، ثم يقول: «حدثت معجزتان في تلك الكنيسة، يتكلم عنهما المسيحيون بخشوع». يذكر من المعجزات قصة اليهودي الذي نال من المسيحيين بحضرة السلطان وأعيان المسلمين، وكان في الكنيسة تلك عمود رخام به صورة السيدة مريم، فما كان من هذا العمود إلا أن تكلم، فارتبك اليهودي وعجب الحضور. أكثر مشهد مثير نقله لنا غوتشي من أجواء القاهرة المملوكية تلك هو هذا: «في صباح اليوم المعهود رجوعا إلى القاهرة رأينا نوعين من الحيوانات الرائعة لمن لم يشاهدها من قبل.. فيل وعدد من الزرافات كان يمتلكها السلطان». وبعد وصف تفصيلي للفيل قال: «كان هذا الفيل مقيدا من قوائمه الأمامية، ويسوقه رجال مدربون يطلبون إليه أن يمتثل لأوامرهم وكأنه حيوان أليف، وهو يطيع كل ما يطلبه السائس (..) وهم يركبونه أيضا للقيام بعدد من الألعاب من أعلى ظهره». (ص39). تذكروا، هذه الصور بالإسكندرية والقاهرة كانت قبل أكثر من 600 عام!