حالة نادرة تعيشها الفرقة المسرحية التي أسسها المخرج أوليفييه كولون جابلونكا عام ٢٠١٥ والتي تتكون من ممثلين هواة مهاجرين يعيشون كلهم في انتظار تسلمهم الأوراق الفرنسية الرسمية التي قد تسمح لهم بالإقامة في فرنسا وممارسة نشاط مهني في هذا البلد. وعلى رغم عدم بت الحكومة في مصيرهم بعد، جمع جابلونكا ثمانية ممثلين من أجل المشاركة في مسرحية تحمل عنوان «٨١ جادة فيكتور هوغو» تسرد الواقع اليومي الذي تعيشه فئة من المهاجرين غير الحاصلين بعد على مستنداتهم الرسمية، والمقيمين كلهم في مبنى كبير في العنوان ذاته الذي يشكل اسم المسرحية في ضاحية أوبرفيلييه الباريسية الشمالية. عرض العمل فوق خشبة مسرح أوبرفيلييه عام ٢٠١٥ ودعا جابلونكا مجموعة من المسؤولين عن مصير المهاجرين إلى حضور تقديم المسرحية طالباً منهم في ما بعد تسوية المعاملات الخاصة بالممثلين إياهم وسائر أعضاء الفرقة غير المشاركين في هذا العمل بالتحديد، وكتبت تقارير في الموضوع وأحيلت إلى فاضــلة بن ربيعة المسؤولة لدى الحكومة الفرنسيـة عن مساواة الحقوق بين المواطنين. وبعدما وافقت بن ربيعة على ضبط أوضاع المشاركين في المسرحية من عرب وأفريقيين استناداً إلى قرار اللجنة التي حققت في الملفات المعنية، أعلنت عن قيام اللجنة ذاتها بإبداء رأي سلبي في سائر المعاملات وهي تخص بقية أفراد الفرقة ولكن أيضاً مجموع المهاجرين المقيمين في المبنى المذكور، بمعنى ألا يحق لهم العمل فوق الأراضي الفرنسية إضافة إلى كونهم سيضطرون بعد أسابيع قليلة إلى مغادرة هذه الأراضي والعودة إلى بلادهم الأصلية. إعادة تقديم المسرحية لم يتراجع المخرج جابلونكا أمام هذه القرارات، بل أعاد تقديم المسرحية فوق خشبة مسرح ضاحية سارتروفيل لتحريك الأمور في شكل إيجابي ومحاولة هز ضمائر الذين يتخذون القرارات باسم لجنة ما وهم يجلسون وراء مكاتبهم بعيداً من واقع الأشخاص أصحاب المعاملات المعنية. ووجه جابلونكا الدعوات الخاصة بحضور العرض في حلته الجديدة، إلى فاضلة بن ربيعة ومعاونيها من أرباب السلطة بأمل أن يتحول رفض التسوية إلى موافقة خصوصاً ألا يتم تنفيذ القرار بطرد هؤلاء المهاجرين من فرنسا. أما المسرحية في حد ذاتها فهي مكتوبة بذكاء كما أن مخرجها جابلونكا عرف كيف يستخدم قدرات كل واحد من الممثلين الذين اختارهم على رغم عدم تمتعهم بخبرة واسعة في ميدان الدراما، فهم في الحياة اليومية يعانون من المشاكل ذاتها التي تخص شخصياتهم الوهمية فوق الخشبة، الأمر الذي يساعدهم في حسن تقمص أدوارهم. وأحالت فاضلة بن ربيعة الملفات إياها إلى زميل لها هو بيار أندريه دوران حتى لا تتحمل وحدها مسؤولية هذه الحالة الاستثنائية، وأعلن الأخير أنه سيفعل ما بوسعه من أجل أن تشهد هذه الحكاية نهاية سعيدة ولكنه على رغم ذلك لا يتوقع أن توافق اللجنة على تغيير قرارها الأصلي في شكل إجمالي أو حتى لأكثر من ٦٠ في المئة من مجموع الحالات المطروحة.