تشهد المناطق السعودية خلال الأيام المقبلة، حراكاً كثيفاً للتوعية في قضية التحرش بالأطفال واستغلالهم جنسياً عبر شبكة الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي، في محاولة للحد من هذه الظاهرة التي كشفت إحصاءات رسمية تناميها، حتى باتت «مشكلة مجتمعية» من الضروري القضاء عليها وتوفير الحماية الكاملة للطفل. وفي هذا الإطار، أطلقت هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات الخميس الماضي بالتعاون مع وزارة التعليم، حملتها لحماية الأطفال ورفع مستوى الوعي لديهم حول كيفية الاستخدام الآمن للإنترنت وتعريفهم بالمخاطر المحتملة، إذا أساءوا استخدامه. وبحسب ما نشرته "وكالة الأنباء السعودية" (واس) الخميس الماضي، ستتضمن الحملة التي تأتي بعنوان «إنترنت آمن» ثلاث مراحل، تقدم كل مرحلة برامج ونشاطات توعوية وتعليمية ترفيهية، بالإضافة إلى ورش عمل تدريبية تفاعلية للمعلمين والمعلمات. ويحظى القضاء على هذه الظاهرة، التي وصفها الأمن العام السعودي بـ«البشعة» و«الكبرى» باهتمام كبير من القيادة السعودية، إذ يرعى ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف الثلثاء المقبل، الملتقى الوطني للوقاية من الاستغلال الجنسي للأطفال عبر الإنترنت في مدينة الرياض بتنظيم من الأمن العام. وينظم هذا الملتقى بالتعاون مع وزارة الداخلية وجمعيات وطنية وجهات حكومية، وبمشاركة إقليمية ودولية تشمل 12 دولة، بالإضافة إلى 15 جهة من المنظمات المجتمعية والهيئات الدولية والجمعيات الوطنية والإقليمية المختصة التي ستعرض تجاربها الوقائية في معالجة مشكلة الاستغلال الجنسي للأطفال عبر شبكة الإنترنت وحمايتهم من الإيذاء. وأكد مساعد المدير العام لشؤون الأمن اللواء جمعان الغامدي خلال مؤتمر صحافي عُقد في نادي ضباط الأمن في الرياض الأربعاء الماضي، ان المملكة سبق لها المشاركة في مؤتمرات عالمية في هذا الخصوص، مشيراً إلى أوامر صدرت من جانب ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية أخيراً بإنشاء شعبة خاصة لقضايا استغلال الأطفال عبر الإنترنت، بعدما دخلت التقنية الحديثة ضمن الأساليب الجديدة في المجتمع لتنفيذ هذه الجرائم. وأضاف الغامدي ان الأمن العام يرصد ويجمع المعلومات ويتعاون مع جهات عدة منها «الشرطة الدولية» (إنتربول)، لرصد الأشخاص المشتبه فيهم، وإحالة المتورطين إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام. وتمكن الأمن العام من ضبط 24 «معرفاً» لاستغلال الأطفال عبر الإنترنت من خلال الرصد الإلكتروني، أُحيل خمسة منهم إلى هيئة التحقيق، وذلك خلال شهر محرم الماضي والأيام الماضية من شهر صفر الجاري. فيما استقبل الأمن العام من الـ«إنتربول» 375 رمزاً مستخدماً للإنترنت، أُحيل 18 منهم إلى هيئة التحقيق، واستقبل أيضاً 387 رمزاً مستخدماً للإنترنت، أُحيل 23 منهم إلى الهيئة. وكان متخصصون اتهموا الجهات الحقوقية والتعليمية في المملكة بـ«القصور» في حماية الأطفال من الاستغلال والتحرش الجنسي، مشيرين إلى ان المؤسسات المختصة توفر «العلاج» بعد حدوث التحرش أو الاعتداء من دون إيجاد الحماية الأولية للطفل، ومعتبرين الإحصاءات المتداولة عن معدلات التحرش «غير دقيقة»، على اعتبار ان كثير من الحالات لا يُبلّغ عنها. فيما تستقبل عيادات سعودية حالات «حرجة» لأطفال تم الاعتداء عليهم، استدعى بعضها «التدخل الجراحي»، وفق ما نشرته صحيفة «الحياة» أخيراً. وقال الأمين العام لاتحاد الأطباء النفسيين الدكتور طارق الحبيب أن «بعض الدراسات النفسية أشارت إلى ان 18 في المئة من الحوادث التي يتعرض إليها الطفل تتمثل في استغلاله جسدياً وجنسياً من جانب مراهقين أو بالغين». وأوضح الحبيب لـ«الحياة» في وقت سابق ان «أي طفل يُعتبر حالة مستهدفة عند أولئك الأشخاص الذين يعانون من انحرافات جنسية وسلوكية، تجعلهم غير قادرين على ضبط رغباتهم وتهذيبها»، مضيفاً ان «دراسات أشارت إلى أن الطفل المعنف أسرياً والمهمل من أسرته أكثر عرضة من غيره لمثل هذه الاعتداءات غير الإنسانية». وكانت «الحياة» أجرت تحقيقاً استقصائياً عن «التحرش الجنسي» على خلفية كشف مؤشر إحصاءات وزارة العدل في العام 2014، عن بلوغ عدد قضايا التحرش في محاكم المملكة 2797 قضية، بمعدل سبع حالات تحرش في اليوم الواحد. فيما أوضحت دراسة لبرنامج الأمان الأسري الوطني ان 10 في المئة من الأطفال في المملكة تعرضوا إلى التحرش بمختلف أشكاله. يُشار إلى اختتام أنشطة الفاعلية الأولى من الحملة الخاصة في حماية الأطفال في مركز «الراشد» التجاري في محافظة الخبر، بينما ستنطلق الفاعلية الثانية الإثنين المقبل لمدة يومين في مركز «غرناطة» التجاري في مدينة الرياض، وتكون الفاعلية الأخيرة في مركز «رد سي مول» في محافظة جدة خلال الفترة بين 18 وحتى 19 صفر (تشرين الثاني/ نوفمبر) الجاري. وتشمل المرحلة الثانية من حملة «إنترنت آمن» ورش تدريبية تفاعلية بمشاركة أكثر من 600 معلم ومعلمة في المناطق التعليمية في مدن: الرياض وجدة والدمام، بهدف إعدادهم ليكونوا مدربين وسفراء للإنترنت الآمن لبقية زملائهم في المدارس الأخرى وطلابهم على مستوى المملكة. وتختتم الحملة في المرحلة الثالثة التي تتضمن إقامة معارض توعوية متنقلة داخل المدارس، بهدف إيصال رسائل وقائية لرفع مستوى الوعي لدى الطلاب حول كيفية الحصول على إنترنت آمن. وستواصل الحملة نشاطاتها بعد إتمام المراحل الثلاث (بشكل دائم) من خلال موقعها الرسمي وحساباتها التفاعلية على مواقع التواصل الاجتماعي التي ستصبح جاهزة للاستخدام تدريجياً.