×
محافظة المدينة المنورة

ضبط 4 أشخاص لنشرهم «مقاطع مخلة» داخل استراحة بالمدينة

صورة الخبر

تعرّيت من عروبتي بعد ذاك المدعوّ الربيع العربي، وطائرة الرئاسة الهاربة، وديكتاتور عربي يبحث عن ملجأ لأول مرة في تاريخنا الحديث. اهتزت العروبة وارتجفت بداخلي بعد العواصف والزوابع ورياح التغيير التي هزت عالمنا العربي، بدأت العروبة المنتفشة داخلي بالانكماش شيئاً فشيئاً، بدأ طاووس العروبة الذي يسكنني منذ طفولتي بمعرفة حجمه الحقيقي. نعم، نزع الربيع العربي عنّي معطف العروبة، تعرّيت من عروبتي وارتديت الثوب العربي المليء بالذل والعار، صرخت مراراً محاولة إنقاذ العروبة من ذلنا وكذبنا لكن، كيف أنقذ فقاعة؟! في طفولتي، كنت أعتقد أن العربي أرقى وأشجع وأعظم المخلوقات، كنت أعتقد أن الشجاعة عربية، والمروءة عربية، والأخلاق عربية، والشرف عربي، والنزاهة عربية. لم أرضع لبن أمي؛ بل رضعت من لبن العروبة، كنت أرى العربي قديساً ملاكاً، نبيلاً، فارساً حتى ظننت أن الله خلق الكون لأجل العرب، فكبرت وكبرت العروبة في داخلي. في الثانوية، حالت العروبة بيني وبين صديقتي؛ لأنها شتمت عروبتي، تركتني بعبارة "أسأل الله العظيم أن يشفيك من داء العروبة". اليوم، بعد مرور سنوات من الفراق، أقول لها: عودي إليّ يا صديقتي؛ فقد شُفيت تماماً من غباء العروبة، شفيت بعدما عرفت أن كل الأناشيد التي حفظتها في طفولتي ليست إلا هراء، وأن العروبة كذبة روجها عبيد المناصب. كبرت كثيراً، كبرت وعرفت أن أعداءنا سعداء، لا خوف عليهم يرقدون بسلام وأمان. حروبنا كذب، انتصاراتنا كذب، التاريخ الذي درسناه تاريخ مزور، والدروس التي حفظناها لا صحة لها، و"بلاد العرب أوطاني" لا معنى لها في الواقع. الواقع هو ما نعيشه منذ عام 2011م من خزي وذل وعار. نحن الأبطال بالأهازيج والأناشيد وعبر وسائل الإعلام التي تبث انتصاراتنا من الصباح حتى المساء، نحن شعب المليار ونصف المليار، ونحن النفط والثروات والحضارات، ونحن أيضاً صناع التاريخ وبيننا تعيش العدوة إسرائيل بسلام وأمان، نموت لتحيا إسرائيل! نحن الممانعة والمقاومة ودول الصمود والمواجهة، نحن أصحاب الجيوش الجرارة، ونحن أيضاً أبطال تشرين أو أكتوبر، أبطال الخسائر تحت الطاولات والنصر والفتوحات عبر الأهازيج والقنوات، نحن الأبطال بالصراخ والخطب الرنانة. نحن العرب صناع الانتصارات، كنّا نعتقد أن النصر قصيدة نكتبها، نلحنها، نغنيها! الشعوب العربية تُقتل، تُباد، تُحرق، اجتمع العرب وقرروا معاقبة القاتل.. اجتماع طارئ للجامعة العربية لبحث الأوضاع في الشرق المنهار، توالت الاجتماعات والقمم والبيانات المتشابهة. قُتل ألف، ألفان، عشرة آلاف، مئات الآلاف، الملايين... شُرّد سكان الوطن ودمِّرت المنازل وتحوّل الوطن إلى ركام! لا بأس، لا بأس، سنعقد جلسة طارئة نبحث الأوضاع. القاتل يتابع اجتماعهم ويضحك منتشياً؛ لأنه كان يوماً يجلس بينهم ويعرف مسبقاً البيان الصادر! بعد كل قمة، يكافئهم بمقتل المزيد من الأطفال، المزيد من البراميل المتساقطة على رؤوس الأبرياء. يوماً بعد يوم واجتماعاً بعد اجتماع وقمة بعد قمة، والقتل في ازدياد، الجامعة تمرض، يشتد عليها المرض، يحاول العرب عبثاً علاجها، إنقاذها، فتموت. تموت جامعة العرب ويعلن العرب الحداد! ماتت الجامعة وتوقفت عن إصدار أي بيانات. قُتل في سوريا أكثر من مليون وهُجّر اثنا عشر مليوناً. رد العرب: نحن نشجب هذا العمل الشنيع. اجتمع العرب، انتحر التاريخ العربي على أبواب جامعة العرب! سيدة عربية في الشام تصرخ... بشار جاء بالفرس ليحتلوا سوريا، انتُهكت الحرمات والمقدسات، قتلوا ونكلوا ودمروا البلاد ونشروا الفساد، دمرت دمشق وقبلها بغداد. غضب العرب وتذمّروا وأصدروا بياناً مقتضباً بخروج الفرس من شام العرب.. نحن العرب، نحن العرب، نحن أصحاب الحروب والفتوحات والانتصارات اسألوا إسرائيل عنا! سوريا، سوريا، سوريا تباد، الأطفال جياع في حلب، المدارس أُغلقت، والمشافي دمرت.. النساء اغتصبن، الشعب جياع حفاة عراة! كل شيء إلى زوال نحن العرب، نحن العرب. استيقظوا، استيقظوا؛ الفرس والروس دنسوا أرض العرب، سايكس-بيكو انتهت صلاحيةً، وواحد جديد يلوح بالأفق، أرجوكم أفيقوا كل دولة شرقية ستتحول إلى دول! ومع كل تحذير وتنبيه من المخطط القادم وما يخبّئه الغرب والروس والمجوس، يصدر العرب بياناً يوضح مكانة وقوة وتاريخ وصلابة العرب، وكله على الورق! ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.