حلب - هافينغتون بوست عربي: بقيت في حلب لأنها مسؤوليتنا جميعاً، لابد أن يضحي طرف مقابل الآخر، وأن يبقى بعضنا لخدمة الناس التي قررت البقاء، ولست نادمة على بقائي رغم ظروف القصف والحصار، أريد أن يرى أطفالي المرارة التي نعيش، والدماء التي تكلفناها في سبيل الثورة وحلب، كي يعرفوا قيمة مدينتهم ولا يفرطوا بها مستقبلاً. هن نساء آثرن البقاء في الأحياء الشرقية الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة في حلب، إذ لا يقل الدور الذي يؤدينه شأناً عن دور الرجل، في مدينة تعاني أقسى أشكال القتل والتدمير والحصار، من قبل قوات نظام الأسد والميليشيات الأجنبية وروسيا. الدعم النفسي تولّد ظروف الحرب والقصف والحصار مشاكل نفسية كبيرة، تتجلى بشكل أوضح عند فئة الأرامل والأطفال، التي فقدت معيلها، ما يجعلها بحاجة إلى حملات الدعم النفسي، التي كان للمرأة دور أساسي فيها. وتعمل سارة عواد، أخصائية نفسية، في مجال الدعم النفسي بمركز "غراس" لرعاية الطفل وتنميته، ومركز "دارنا" الاجتماعي، في الأحياء الشرقية بحلب، وأكدت استجابة العديد من الحالات للعلاج، مضيفة أنها تقوم "بمشاركة الحالات المستجيبة للعلاج في أنشطة دعم نفسي وحملات توعية للتأكد من الإفادة التامة للطفل أو الأرملة". وأوضحت عواد أن الدعم المقدم للأرامل أو الأطفال الأيتام، يشمل المادي إلى جانب المعنوي، "عبر إجراء لقاء ودي أو محاضرة خفيفة نتبادل فيها الآراء والنقاشات، ونبث من خلالها علامات التفكير الإيجابي"، كما تقدم للأطفال مبادئ الإسعاف النفسي وأنشطة الدعم، مع التركيز على إعادة التفكير الممنهج الخاص بكل طفل، بسبب "ظهور بعض الحالات كتمرد الذكر على سبيل المثال لإحساسه بأنه أصبح المعيل بدلاً من الأب". أما أم محمد، وهي مهندسة مدنية وأم لطفل واحد، فشاركت منذ بداية الحراك الثوري ضد نظام الأسد عام 2011، بالمظاهرات السلمية ومساعدة النازحين، قبل أن تنتقل للعمل كمتطوعة في إحدى المشافي الميدانية، بعد دخول "الجيش الحر" وسيطرته على الأحياء الشرقية في حلب. انتقلت أم محمد بعدها إلى تعليم النساء الأعمال اليدوية في الجوامع، لمدة عامين، وأوضحت أنها كانت تهدف إلى تعليمهن صنع ملابسهن في مركز خاص بهن. وأشارت إلى أن المركز ساعد في تحسين المستوى العلمي والثقافي للنساء، وحتى الاجتماعي، إلى جانب تحسين معنوياتهن، خاصة في ظل الحصار والظروف المادية الصعبة، "لقد كنا عوناً لبعض، وكالعائلة الواحدة في مواجهة التحديات". المركز قدّم أيضاً إلى جانب مبادئ المعلوماتية، دورات للغات، وأخرى لمحو الأمية، خاصة للنساء والأطفال الذين لم تسمح لهم الظروف بالالتحاق بالمدارس، كما ضمّ قسم "روضة أطفال" لاحتواء الأولاد المرافقين لأمهاتهم، وتخفيف الضغط عنهن. التطوع الطبي تطوعت العديد من النساء للعمل في المشافي الميدانية بحلب، مع بداية دخول "الجيش الحر" إلى الأحياء الشرقية في تموز 2012، وبدء حملة القصف العنيفة عليها، وما تبعها من ورود إصابات بأعداد ضخمة إلى المشافي.