×
محافظة المنطقة الشرقية

ابتكار منحوتات من الطين بـ«الشارقة للكتاب»

صورة الخبر

لا تزال بعض التوصيفات المستخدمة في شرح الحالة السياسية الكويتية تثير دهشتي لأسباب عديدة، فهذا النظام الفريد بين النظامين الرئاسي والنيابي، وهذه ليست ميزة بالضرورة، يعتبر حالة مختلفة عما نراه في الدول الديموقراطية الراسخة وقد تم ابتكاره ليحقق شيئاً من التوازن بين القوى الفاعلة في الدولة الكويتية، وأهمها أسرة الحكم، مراعياً للواقع العشائري السائد في البلاد ومحيطها مع استيعاب نسبي لطموحات المواطنين في المساهمة المباشرة في الإدارة العامة للدولة. نظامنا الديموقراطي باختصار، حاول مسك العصا من المنتصف، فقام باعتماد الشكل الدستوري التعاقدي المنظم للعلاقة بين مؤسسة الحكم والشعب، بينما أسبغ على السلطة التنفيذية نعم الحماية السياسية من خلال عدم اشتراط انتخاب أفرادها أو تشكيلها من رحم البرلمان، بل وحتى عدم الحاجة لحصولها على ثقة البرلمان حال تشكيلها. كل هذا يتم في سياق عملية سياسية لا تنتظم في إطار حزبي جماعي، بل هي موغلة في الفردية وتعاني من تعزيز النزعات الفئوية بأنواعها، من أجل ضمان السيطرة بشكل أو بآخر على مخرجات العملية الانتخابية. في هذا السياق المعروف للجميع، أجد شخصياً أن استخدام مفردات مثل معارضة أو موالاة، أمر خاطئ في أفضل الأحوال، ومدلس في أسوئها، ويأتي في سياق التوجيه الانتخابي الذي لا يدفع بالعملية السياسية لتطوير حقيقي يمتد لتعديل نظامنا البرلماني بما يسمح بمشاركة حقيقية وأكثر تمثيلاً لطموحات المواطنين في مباشرة حقوقهم السياسية. جرى العرف في واقعنا السياسي على توصيف مجموعة من السياسيين بكونهم يمثلون خط المعارضة، وآخرون بأنهم يمثلون خط الموالاة السياسية. ومع إدراكنا لوجود شيء من الحقيقة في هذا التوصيف باعتبار وجود صفات المعارضة السياسية أو «التبصيم» السياسي في بعض ساستنا، إلا أن شيئا من التفحص في مسيرة سياسيينا يكفي لايضاح أن المعارضة والموالاة في مجتمعنا تحددها أمور مختلفة، من ضمنها شبكة التحالفات المرتبط بها هذا السياسي أو ذاك مع بعض أقطاب الحكم أو المال أو غيره. كما أن الكثير من تأييد أو معارضة السلطة التنفيذية في السياق الكويتي متعلق بالمواضيع المحددة المطروحة على الساحة في لحظة زمنية معينة، فقد تجد بعض أشد المعارضين مؤيدا للحكومة في موضوع معين، وأحد المحسوبين على الحكومة مخاصما لها في الموضوع نفسه! في هذا الواقع، لا يجوز الحديث عن مفاهيم المعارضة أو الموالاة السياسية بالشكل المستخدم في الديموقراطيات الحديثة، فهو حديث غير ذي جدوى في تحليل الواقع الكويتي بشكل فاعل، ناهيك عن أنه أضحى أشبه بالأداة السياسية التي تستخدم للترويج لسياسي معين أو ضرب آخر، باعتبار أن هذا معارض وذاك من «جماعة الحكومة»، وهو حديث نقر مرة أخرى بوجود بعض الصحة في جوانبه لكنه لا يوصف الحالة السياسية في الكويت بشكل دقيق. قد يكون الأجدى والأنفع للباحثين في الأمور السياسية أن يكون المدخل لتحليل الواقع السياسي الكويتي مركزاً على البعدين الاجتماعي والاقتصادي، فمجتمعنا ليس استثناء من محيطه الأوسع الذي لا يزال يخطو خطواته الأولى في سلم التطور السياسي، وتعتبر تاريخياً أمراضنا الفئوية والإقصائية والتسلطية، وحديثا أنماطنا الاقتصادية الاستهلاكية، أحد أكبر معوقات التقدم السياسي وتشكيل الوعي الوطني الجامع فيه! بالمختصر... معارضة الأشخاص والمواقف المحددة قد تكون مطلوبة، لكنها لن تؤدي لتطوير سياسي حقيقي! alkhadhari@gmail.com Twitter: @dralkhadhari