أدى المسلمون فى جميع مناطق و محافظات المملكة صلاة الاستسقاء صباح اليوم اتباعاً لسنة المصطفى عليه افضل الصلاة والسلام عند الجدب وتأخر نزول المطر أملا فى طلب المزيد من الجواد الكريم ان ينعم بفضله واحسانه بالغيث على أرجاء البلاد. وأدى جموع المصلين صلاة الاستسقاء بالمسجد الحرام, يتقدمهم صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة ومعالي الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبد الرحمن السديس وصاحب السمو الأمي فيصل بن محمد بن سعد وكيل إمارة منطقة مكة المكرمة المساعد للحقوق ومعالي نائب الرئيس العام لشؤون المسجد الحرام الدكتور محمد بن ناصر الخزيم ومدير شرطة منطقة مكة المكرمة اللواء سعيد القرني . وأمّ المصلين إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور بندر بن عبد العزيز بليلة, الذي ألقى خطبة أوصى فيها المسلمين بتقوى الله عز وجل في السر والعلن ودعوته سبحانه وتعالى خوفاً وطمعاً . وقال فضيلته إن القلوب أذا قست وغاض منها ماء اليقين والتسليم والإذعان نزلت بالناس الآفات من كل جانب وأحاطت بهم الكربات والشدائد في كل سبيل وتبدلت نعمهم وتغيرت أحوالهم ذلك بأن الله لم يك مغيرا نعمة أنعمها على قوم حتى يغيروا ما بأنفسهم حتى أن الأرض لتجدب وان القطر ليحبس بما كسب العباد وبما أظهروا في الأرض من الفساد وإن هذا الفساد ليتخذ صوراً ويتنوع ضروباً وأشكالًا فمنه الفساد في الاعتقادات والتصورات والأفكار بلبس الحق بالباطل وكتمان الحق تارة وتشويه الحق وتمويه الباطل تارات أخرى فالباطل لا يروج في الناس إلا بنوع من التمويه والحق لايرفض عنه إلا بنوع من التشويه وتلك هي فتنة الشبهات التي أعمت وأظلت جبلا كثير بل هي فتنة الأمة الحقيقية اليوم ولا تدفع هذه الفتنة إلا باليقين والتسليم لرب العالمين وترك منازعة الشرع بالرأي فإن أصل هذه الفتنة هو تقديم الرأي على الشرع فبالتسليم لرب العالمين تؤمن الفتنة في الدين فإن الإسلام قنطرة لاتعبر إلا بالتسليم وهو تسليم لأمره الشرعي بطاعة أمره واجتناب نهيه والنزول على حكمه وتسليم لأمره الكوني بالرضا بقدره واعتقاد حكمته وعدله ورحمته . وأضاف ذلك التسليم الذي كان له في حياة الصدر الأول من السابقين الأولين أعظم المنزلة والمكانة وكانت لهم به اظهر العناية والرعاية وإن من صور الفساد وضروبه الفساد في الأعمال والسلوك والتصرفات ذلك الفساد الذي يعظم أثره ويتبدى خطره في إضاعة الصلوات وإتباع فتن الشهوات وإزهاق النفوس المعصومة والدعوة الى ذلك والتحريض عليه وانتهاك الأعراض المصونة وتذليل السبيل إلى ذلك وإطلاق العنان لأسبابه ودواعيه وإذهاب نور العقل بمعاقرة المسكرات والمخدرات وأكل المال بالباطل ومنع حقه الواجب فيه وكل عدوان على العباد في دينهم ودنياهم وعامة أمرهم وخاصته وجماع ذلك الظلم بمختلف صوره وأن ما ينزله الله من بلاء وما يقدره من لئواء يقتضي من عباده الاستكانة له سبحانه وصدق الالتجاء إليه والخضوع لعظمته والذل له والانكسار بين يديه لذا كان من سنة النبي صلى الله عليه وسلم عند حصول الجدب واستئخار المطر عن إبانه أن يضرع إلى ربه مستسقياً متذللا متخشعاً متواضعاً لربه مستكينا بين يديه يستمطر رحمته ويبتغي فضله . وحث الشيخ بندر بليله, المسلمين على الاستجابة لأمر الله وعدم الإفساد في الأرض بعد إصلاحها فان الله لايحب الفساد وأنه لايصلح عمل المفسدين والتضرع لله والإنابة إليه والاستكانة بين يديه ودعوته خوفاً وطمعاً موقنين بالإجابة محسنين الظن به سبحانه والإكثار من الاستغفار واجتناب الحرام وعدم اليأس والقنوط ،كما حثهم على التوبة والاستغفار والبعد عن المعاصي ورد المظالم إلى أهلها وتجنب الفواحش والآثام . وأدى جموع المصلين في المسجد النبوي الشريف، صلاة الاستسقاء, يتقدمهم وكيل إمارة منطقة المدينة المنورة وهيب بن محمد السهلي . وأمّ المصلين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم. وعقب الصلاة ألقى فضيلته خطبة بدأها بتكبير الله تعالى, وحمده والثناء عليه، وحثّ الجميع على تقوى الله وامتثال أوامره واجتناب معصيته, مذكراً بأن الخلق فقراء إلى الله لا غنى عنه في جميع أحوالهم يلجئون إليه في الشدة والرخاء وهو واسع حميد يعطي من سأله بسخاء مديد, يداه مبسوطتان بالإنفاق سحاء في الليل والنهار, ويكشف كل كرب شديد, مرجو للعطاء والإحسان, لا راحم ولا واسع للعبيد سواه, لا ملجأ ولا مفرّ منه إلا إليه, وهو فارج الكربات ومغيث اللهفات, وهو العالم بالظواهر والنيات, مستوٍ على عرشه كبير كوّر الأكوان ودبّر الأزمان وأغشى الليل على النهار, ملك عظيم يقول للشيء كن فيكون. وذكر أن الله قائم بأرزاق العباد من جميع المخلوقات, وأرزاقه دارة من السماء والأرض على عباده, فقال جل وعلا قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللَّهُ , وأغدق عليهم النعم والآلاء, إذ قال سبحانه وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً, وإذا لجأ العباد إليه وشكروه, منحهم مزيداً مما نالوه, فقال عز وجل وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ. وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي, أن الله عز وجلّ لا يعجزه إنزال القطر من السماء, كما جاء في قوله سبحانه إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَن يَقُولَ لَهُ كُن فَيَكُونُ, ولكن العباد بخطاياهم يمنعون رزق الله إليهم, قال سبحانه وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ. وقال فضيلته: إن ما يصاب به العباد من القحط وقلة الأرزاق إنما هو ببعض ذنوب وخطايا اقترفوها, قال الله عز وجلّ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ . وبيّن الشيخ عبدالمحسن القاسم, أن الذي يفوت بارتكاب المعاصي من خيري الدنيا والآخرة, أضعاف ما يحصل من السرور واللذة بها, مستدلاً بقول الله جل وعلا فَبِظُلْمٍ مِّنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ. وأكد أن الندامة فيمن أسخط ربه ومولاه, بتدنيس بالذنب والآثام, فمنع الرزق عن نفسه وعن غيره, إذ قال سبحانه وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً, مبيناً أن الذنوب والمعاصي مهلكة للأوطان والشعوب, وهي جالبة للشرور والمصائب, بها تزول النعم وتحلّ النقم, فقد قال سبحانه فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفَادِعَ وَالدَّمَ آيَاتٍ مُّفَصَّلَاتٍ, فبسبب الذنوب تتوالى المحن وتتداعى الفتن, وبالمعصية تتعسّر الأمور على العاصي وتزول بركة العمل, ويعود حامده من الناس ذاماً له, وقد توهم بعض الناس في أمر الذنب إذ لم يروا تأثيره في الحال, فقد يتأخر تأثيره فينسوا أنه من الذنب, قال سبحانه إِنَّ الَّذِينَ يَكْسِبُونَ الْإِثْمَ سَيُجْزَوْنَ بِمَا كَانُوا يَقْتَرِفُونَ. وبيّن فضيلته, أن هوان الذنب في عين العبد يعظم عند الله, وصغائر الذنوب إذا اجتمعت على الرجل أهلكته, مورداً قول أنس رضي الله عنه إنكم لتعملون أعمالاً هي أدقّ في أعينكم من الشعر, وإن كنّا لنعدّها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات رواه البخاري. وبين فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم, أن الخطيئة إذا خفيت لم تضرّ إلا صاحبها, وإذا ظهرت ولم تغيّر ضرّت العامة, قال عليه الصلاة والسلام ما من قوم يعمل فيهم بالمعاصي هم أعزّ وأكثر ممن يعمله فلم يغيّروه إلا عمّهم الله بعقاب رواه أحمد وأشار فضيلته, إلى أن الذنب يعظم خطره إذا جاهر به العبد أو استصغره أو فرح به أو تهاون بستر الل عليه, والذنب على الذنب يعمي والمجاهرة به من أعظم الأوزار, لقوله عليه الصلاة والسلام كل أمتي معافى إلا المجاهرين متفق عليه . وشدّد, على أهمية الاستغفار والإنابة إلى الله والرجوع إليه بطاعته وعدم معصيته, فربنا سبحانه الرؤوف اللطيف الحليم إذا أخطأ العباد أنذرهم, فيمنع عنهم القطر ليلجئوا إليه بالاستغفار والإنابة, فإذا كثر الاستغفار وصدر عن قلوب ذليلة لله دفع الله عنها ظروباً من النقم, وصرف عنها صروفاً من البلايا والمحن, قال عز وجل وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ , فبالاستغفار أنزل عليهم الخير والرحمات, وبه تنال السعاة يعطى كل ذي فضل فضله, وينهمر المطر من السماء, فينعم الخلق بالقطر ويستبشرون بالزرع والأبناء والعيون, قال سبحانه فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا. وختم فضيلته الخطبة, مذكراً أنه مع الاستغفار لابد من ملازمة التوبة, فلا تظلموا خلقاً, ولا تمزقوا بالغيبة عرضاَ, وتسامحوا وتراحموا واتفقوا ولا تشاحنوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا, واحفظوا أموالكم من دنس المحرمات والشبهات, وأكثروا من الصدقة بكسبكم الحلال ترزقوا, وأمروا بالمعروف تخصبوا, وانهوا عن المنكر تنصروا, واسعوا إلى التماس هبات الوهّاب, فربنا كريم ودود, من لجأ إليه أعطاه, ومن قرب منه أدناه, ومن سأله أرضاه, وما ضاق على العباد أمر ولجئوا إليه إلا رزقهم بغير حساب, ولا عظم عليهم خطب إلا جعل لهم معه فرجاً قريباً وأبواب فضله واسعة, فجعل سبحانه من الاستغفار أرزاقاً ومع الدعاء عطاْء, فتوجهوا إليه مستغفرين راغبين مؤملين داعين متوكلين راجين منيبين إليه تائبين تنالوا العطايا من الكريم المنّان. وفي مدينة الرياض أدى صاحب السمو الملكي الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز أمير منطقة الرياض، صلاة الاستسقاء مع جموع المصلين في جامع الإمام تركي بن عبدالله . وأم المصلين عضو هيئة التدريس بالمعهد العالي للقضاء الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ، الذي استهل خطبته بالتذكير بأهمية صلاة الاستسقاء تأسياً بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم في إقامة سننه . وأوصى في خطبته بتقوى الله حق التقوى واجتناب المعاصي وإخلاص الدعاء والتضرع والإنابة إليه سبحانه وتعالى . وأدى الصلاة مع سموه سماحة مفتي عام المملكة رئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ،ومعالي رئيس هيئة التحقيق والادعاء العام الشيخ محمد فهد العبدالله، ومعالي وكيل إمارة منطقة الرياض عبدالله بن مجدوع القرني ومعالي المستشار الخاص المشرف العام على مكتب أمير منقطة الرياض سحمي بن شويمي بن فويز, و عدد من مديري الإدارات الحكومية وجمعاً من الموطنين.