نيويورك - في مواجهة شخصية دونالد ترامب المثيرة للجدل، يبدو مايك بنس المحافظ للغاية اكثر ليونة وقدرة على التواصل. وحين سيدخل الرجلان البيت الابيض، سيقدم نائب الرئيس لرجل الاعمال الحديث العهد في السياسة كل ما راكمه من خبرة في كواليس واشنطن. بابتسامته الخجولة وشعره الابيض المصفف على الدوام، يصف مايك بنس نفسه بانه "مسيحي، محافظ وجمهوري في هذا الترتيب". وصرح بعيد اعلان فوز دونالد ترامب ان "اميركا انتخبت رئيسها الجديد، ويصعب علي ان اعبر عن الشرف الذي اشعر به (...) ان يكون لي امتياز الخدمة كنائب للرئيس". هو حاكم انديانا في شمال الولايات المتحدة منذ 2013 حيث برز كمدافع عن القيم العائلية التقليدية ومناهض للاجهاض وزواج المثليين. واعلن اخيرا رفضه استضافة لاجئين سوريين في ولايته. حين اعلن ترامب اختياره لمنصب نائب الرئيس في تموز/يوليو 2016، سارعت هيلاري كلينتون الى القول "انه الخيار الاكثر تطرفا في هذا الجيل"، مؤكدة ان بنس "يثير انقساما كبيرا". مذذاك، حافظ بنس (57 عاما) على لياقته المعهودة وكان رجل الظل الذي يتجنب الدفاع عن مواقف رجل الاعمال الملياردير الأكثر اثارة للجدل. درس المحاماة وعمل مقدم برامج اذاعية. يعرف كواليس واشنطن عن كثب ويقدره الجمهوريون بعدما كان عضوا في مجلس النواب من 2001 الى 2013 ورئيسا للمؤتمر الجمهوري (المسؤول الثالث في الحزب) بين 2009 و2011. ووصف رئيس مجلس النواب بول راين الذي لم يعلن دعمه لترامب الا بعد تردد طويل، مايك بنس بانه "صديق جيد جدا". مهين وغير دستوري بفضل علاقاته الجيدة، في امكان بنس ان يساعد في تضميد جروح الحزب الذي انقسم بعد صدمة ترشح ترامب قبل ان يحقق الفوز. والواقع ان ترامب وبنس لم يكونا قريبين الواحد من الاخر في البداية. فالحاكم ايد اولا تيد كروز، احد ابرز منافسي رجل الاعمال في الانتخابات الجمهورية التمهيدية. حتى انه رفض احيانا اراء ترامب معتبرا خصوصا ان اقتراحه بمنع دخول المسلمين للولايات المتحدة بهدف مكافحة الارهاب "مهين وغير دستوري". ولكن يبدو ان بنس كان المفضل لدى ابناء ترامب الذين كان لهم تأثير كبير في حملة والدهم، في مواجهة شخصيات اقوى مثل حاكم نيوجرزي كريس كريستي ورئيس مجلس النواب السابق نيوت غينغريتش. والتقاه ترامب مرارا قبل ان يختاره لمنصب نائب الرئيس، فيما سافر ابناؤه وصهره الى انديانا للاجتماع به. وقّع بنس بوصفه حاكما قوانين تجعل الاجهاض اكثر صعوبة في انديانا. وتعرض لانتقاد شديد لدفاعه في 2015 عن قانون حول "الحرية الدينية" اعتبره معارضوه وسيلة تمييز ضد المثليين. لكن مواقف بنس صبت لمصلحة ترامب في صفوف المحافظين التقليديين وخصوصا الانجيليين بعدما أبدوا ترددا كبيرا حيال شخصية رجل الاعمال. كذلك، اضطلع بنس بدور في انتصارات ترامب في ولايات الحزام الصناعي الممتد في شمال شرق الولايات المتحدة وهي منطقة شهدت تراجعا اقتصاديا ومن أبرز ولاياتها انديانا واوهايو المجاورة. وشكل ذلك عاملا حاسما لفوزه في السباق الرئاسي. وقال بنس بعد اعلان اولى النتائج في الامسية الانتخابية "شكرا لانديانا لانها كانت اول من صوت لتستعيد اميركا عظمتها"، مستشهدا بشعار حملة الرئيس الاميركي الجديد.