واقع الحراك المجتمعي وما يدور خلاله من حوارات يؤكد أننا لازلنا في الغالب الأعم ننظر للمرأة من خلال الغريزة فقط .. نتجاهل قيمتها الإنسانية التي جعلت منها كائناً رائعاً يضاهي الرجل إن لم يتفوق عليه في العطاء والانتاجية.. نظنها ناقصة عقل بينما هي خلقت حتى تكون أماً وأختاً وزوجة صالحة تنشء وتربي أنفساً وعقولاً .. هذا الدور العظيم يتطلب تحملها للكثير من المصاعب التي لا تصمد أمامها سوى عاطفة جياشة تُغيب العقل أحياناً .. اعتقدنا أن الإسلام يُغلق كل الأبواب في وجهها ويهدر كرامتها وحريتها حفاظاً عليها .. بينما يروي لنا تاريخنا الإسلامي أن النساء في تلك العصور المضيئة كنا شقائق الرجال يشاركنه في كل تفصيلاتها .. يقمن على شؤنهن بأنفسهن .. يركبن الدواب ويتحدثن مع الرجال دون أن يخضعن في القول ودون أن يتبرجن بزينة .. لم يكن للرجل أن يعضلهن وليس لولي أن يستخدم ولايته لهضم حقوقهن كما يحدث اليوم من البعض .. المرأة في مجتمعاتنا المحافظة تقع ضحية لعاداتنا وتقاليدنا السقيمة ونحسب ذلك ديننا ومنهجاً ربانياً.. نظرنا لها من هذا الباب ووضعنا الأنظمة والقوانين التي تكفل لنا ديمومة هذا التسلط . نختلف مع الغرب في تقديسهم للحريات الشخصية كون الثمن تفسخ مجتمعاتهم وانحلالها مع ذلك لا ننكر أنهم أفضل منا في هذا الجانب حين وضعوا الكثير من القوانين التي تحمي المرأة وتجرم التعدي عليها وهضم حقوقها وتقيد حرية المعتدي وتردعه عن اجرامه بحقها.. بينما نحن أطلقنا العنان للمعتدي (( الرجل )) كي يفعل ما يشاء ولم نلجمه بأي قانون والتمسنا له آلف عذر على تجاوزه بحقها وألصقنا النقيصة بها واكتفينا بوضعها ــ وهي المعتدى عليها ــ في صندوق من الفولاذ الصلب وأحكمنا إغلاقه لحمايتها من نزواته حتى أوشكت على الهلاك .. كان الأولى تطبيق تعاليم ديننا التي قيدت حريته هو للحفاظ عليها فمنعته من أبسط الأمور كالجلوس في الطرقات وأمرته بغض البصر وشددت في عقوبته إن تعدى على جارته وسحبت منه الولاية إن أساء استخدامها ناهيك عن العقوبات المغلظة إن حاول مس شرفها .. لم يطلب الإسلام منها أن تعتزل العالم حتى لا تستفز غرائز الرجل بل أمرها وأمره بالقيام بما يحميها ويحميه من الوقوع في الزلل .. وسمح لها بعد ذلك بممارسة حياتها بطريقة سلسلة جداً ، تخلو من التعقيد حتى شاركت في الحروب وأسهمت في علاج المرضى ونافست الرجل في البيع والشراء مع أن هذه الأعمال لا تخلو من الاختلاط .. باعتقادي أننا بحاجة لقيادة التغيير لا الوقوف في وجهه حتى لا نترك لأصحاب الأهواء قيادته بعيداً عن قيمنا الدينية وأخلاقنا الرصينة .. نحتاج لمراجعة كل القوانين الخاصة بالمرأة بعيداً عن أحجية سد الذرائع التي وظفت بطريقة سيئة جداً لرفض التغيير في كل المجالات المستحدثة .. أو علينا قبول الانسلاخ الكلي من قيمنا الأخلاقية فالكبت يولد الفيضان. الرأي حامد الشريف كتاب أنحاء