يتوجه الناخبون في الولايات المتحدة إلى صناديق الاقتراع اليوم الثلثاء، للمشاركة في الانتخابات الرئاسية وكذلك لاختيار أعضاء مجلس النواب الـ435 (تمتد ولايتهم على سنتين) و34 من أصل مئة من أعضاء مجلس الشيوخ (ولايتهم لست سنوات). كما يختارون حكام 12 ولاية ويدلون بأصواتهم أيضاً في عدة عمليات استفتاء وانتخابات محلية. واختتم المرشحان الجمهوري دونالد ترامب والديموقراطية هيلاري كلينتون أمس، حملة انتخابية شهدت منافسة ضارية وتبقى نتيجتها غامضة، مع تقارب نسبي في نتائج الاستطلاعات، على رغم تقدم طفيف لوزيرة الخارجية السابقة. وشاركت كلينتون (69 سنة) التي تأمل بأن تصبح أول امرأة رئيسة للولايات المتحدة بعد 44 رئيساً، في تجمعين انتخابيين في بنسيلفانيا وآخرَين في ميتشيغان ونورث كارولاينا. وانضم إليها في بنسيلفانيا الرئيس باراك أوباما وزوجته ميشيل، وزوجها بيل كلينتون وابنتهما تشيلسي، اضافة إلى المغنيان بروس سبيرنغستين وجون بون جوفي. وفي مهرجان انتخابي عقدته في مانشستر (ولاية نيوهامشير) الأحد، قدمت كلينتون نفسها على أنها مرشحة «المصالحة»، بعدما قضت الأيام الأخيرة تهاجم خصمها الجمهوري باعتباره «لا يملك المقومات لقيادة البلاد». وقالت كلينتون في أوهايو: «وصلنا إلى ساعة الحقيقة في هذه الانتخابات، قيمنا الجوهرية على المحك» وهي كانت تشير بذلك إلى التعددية في الولايات المتحدة. ووقفت كلينتون على المنصة برفقة خزر خان الذي قتل ابنه الجندي في الجيش الأميركي. وكان خان تحدث في مؤتمر الحزب الديموقراطي في تموز (يوليو) الماضي، منتقداً اقتراح ترامب منع المسلمين من دخول البلاد وعرض أن يقرضه الدستور الأميركي ليطلع عليه. وحمل بعض الأنصار في مانشستر نماذج مصغرة من الدستور تأييداً له. وقالت كلينتون: «في سباق وصم بشكوك قبيحة وإهانات وهجمات بكل الأشكال على المهاجرين والمسلمين وكثيرين غيرهم أعتقد أن السيد خان ذكرنا جميعاً بأننا أميركيون». «أف بي آي» يعفي كلينتون وتعزز موقف المرشحة التي تقول إن خطها في الرئاسة في حال فوزها سيكون استمرارية لعهد أوباما، مع زوال مخاطر ملاحقتها في قضية بريدها الإلكتروني، إذ أعلن مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي (أف بي آي) جيمس كومي التمسك بقراره السابق في تموز (يوليو) الماضي، بعدم وجود مبررات لمقاضاتها على استخدامها خادماً خاصاً لبريدها الإلكتروني حين كانت وزيرة للخارجية. وأشاع الإعلان عن إغلاق المسألة ارتياحاً في فريق حملة كلينتون، ولو أنه أتى متأخراً، قبل يومين فقط من الانتخابات. في المقابل، قال المرشح الجمهوري إنه يمثل «الفرصة الأخيرة» لإصلاح «دول مدمرة»، في إشارة إلى قضايا الهجرة والتجارة. وجال ترامب (70 سنة) في فلوريدا ونورث كارولاينا وبنسيلفانيا ونيوهامشير وميشيغان. وفي مينيابوليس، قال إن مجتمع اللاجئين الصوماليين هناك يمثل «كارثة». وتحظى كلينتون بـ44,9 في المئة من نوايا التصويت على المستوى الوطني في مقابل 42,7 في المئة لترامب، بحسب متوسط لاستطلاعات الرأي الأخيرة أورده موقع «ريل كلير بوليتيكس». وكانت معركة المرشحة الديموقراطية أصعب من المتوقع في مواجهة ترامب، الشعبوي الذي لا يتمتع بأي خبرة سياسية غير أنه يحظى بدعم شعبي لا يضعف، وهو يقدم نفسه على أنه دخيل على السياسة ومعارض لهيئات السلطة. واستغل ترامب مشاعر الغضب والخيبة التي تحرك شريحة من الأميركيين في مواجهة العولمة والتغيرات الديموغرافية. ووعد بحلول بسيطة لجميع المشكلات المعقدة. لم يتردد في التفوه بأكاذيب وإهانة النساء والمكسيكيين والسود والمسلمين، وهاجم منافسته من دون توقف، ونعتها بأبشع النعوت. ترامب يدين «نظاماً مغشوشاً» وعلق ترامب على إعلان «أف بي آي» بالقول إن منافسته «تحظى بحماية من نظام مغشوش». وقال رغم كل شيء: «هيلاري كلينتون مذنبة، هي تعرف ذلك، الأف بي آي يعرف ذلك، الناس يعرفون ذلك، والآن يعود للشعب الأميركي أن يصدر حكمه في صناديق الاقتراع». وردد أنصار ترامب هتاف «احبسوها»، مشيرين إلى كلينتون، في تحد لإعلان «أف بي آي» أنه لا تتعين محاكمتها. ولا يكترث أنصار ترامب إذا كان بطلهم الثري تجنب دفع ضرائب فيديرالية على ما يبدو منذ سنوات، وتحرش بنساء، فهم ظلوا أوفياء لقطب العقارات الذي اشتهر بثروته وبتقديمه برنامجاً ناجحاً من تلفزيون الواقع عنوانه «ذي آبرينتيس». وفي طريقه إلى البيت الأبيض، كاد ترامب يفكك الحزب الجمهوري الذي شهد انقسامات عميقة. فرفضه العديد من قادة الحزب وشخصياته الكبرى، فيما يعتزم البعض التصويت له، إنما على مضض، لا سيما أن مواقف المرشح ليست على الدوام مطابقة لخط الحزب، ومن أبرزها موقفه المعارض للتبادل الحر. وأثارت الحملة الانتخابية بتجاوزاتها ومغالاتها وفضائحها الكثير من الاهتمام خارج حدود الولايات المتحدة، فتابعها العالم وتفاوتت ردود الفعل بين الطرافة والهول. ناخبون شباب مع وصول الشباب من جيل الألفية إلى سن يؤهلهم للتصويت، بدأت الولايات ووسائل التواصل الاجتماعي حشد جهود التسجيل الإلكتروني، على أمل جذب الناخبين المولعين بالتكنولوجيا الذين ينافسون جيل طفرة المواليد الآن كأكبر شريحة سكانية في الولايات المتحدة. وشكك خبراء في أن وجود عدد قياسي من جيل الألفية الذين سجلوا أسماءهم للتصويت قد ينتج عنه نسبة مشاركة كبيرة في الانتخابات ممن ينتمون للفئة العمرية بين 18 و34 عاماً بالنسبة لحجم شريحتهم في تعداد السكان. وقال مركز «بو» للأبحاث إن جيل الألفية يمثل 31 بالمئة تقريباً من عدد مواطني الولايات المتحدة الذين لهم حق التصويت على قدم المساواة للمرة الأولى مع جيل طفرة المواليد الذي يشمل الفئة العمرية بين 52 و70 سنة. ويوجد حوالى 225.8 مليون ناخب مؤهل للتصويت في الولايات المتحدة. آليّة معقّدة لانتخاب الرئيس يُنتخَب الرئيس الأميركي بالاقتراع العام غير المباشر بدورة واحدة، في الولايات الـ50 و»مقاطعة كولومبيا»، أي العاصمة الفيديرالية واشنطن التي لا تنتمي الى أي ولاية. ويختار الأميركيون مجموعة من كبار الناخبين يشكلون هيئة ناخبة من 583 عضواً، تنتخب بدورها الرئيس ونائبه. وفي كل ولاية، هناك عدد من كبار الناخبين يوازي عدد المقاعد المخصص لها في مجلسي الشيوخ والنواب (اثنان ثابتان لكل ولاية في مجلس الشيوخ، وواحد على الأقل في مجلس النواب وفق عدد السكان). تنتخب الهيئة الناخبة المؤلفة من كبار الناخبين، الرئيس ونائب الرئيس رسمياً في 19 كانون الأول (ديسمبر) المقبل. وتعتبر الانتخابات محسومة غداة اختيار كبار الناخبين، لأن أعضاء الهيئة يتعهدون سابقاً بدعم مرشح، ما يجعل اجتماعهم في 19 الشهر المقبل، مجرد إجراء شكلي. وعلى المرشح أن يحصل على أصوات 270 من كبار الناخبين للفوز في الانتخابات، لذا يمكن استخلاص النتيجة بعد ساعات من انتهاء الانتخابات. وفي كل الولايات باستثناء اثنتين، يفوز المرشح الذي ينال غالبية التصويت الشعبي بكل أصوات كبار الناخبين في الولاية. أما نبراسكا وماين فتعتمدان نظاماً مختلفاً، حيث يتم اختيار اثنين من كبار الناخبين عبر التصويت الشعبي على مستوى الولاية، ويجري اختيار البقية بموجب التصويت الشعبي في كل دائرة. وهذا النظام حيث يحصل الفائز على كل الأصوات في الولايات، يجعل من الصعب جداً لمرشح ثالث أن يحقق تقدماً على رغم أنه يمكنهم أن يتركوا أثراً كبيراً في بعض الولايات، وبالتالي في النتيجة على المستوى الوطني. بعض الولايات يصوّت تاريخياً للمرشح الديموقراطي في الانتخابات، فيما تعتبر أخرى محسوبة حصراً للجمهوريين. وبالتالي، فإن المرشحين إجمالاً يركزان جهودهما على نحو 12 ولاية تعتبر متأرجحة ويمكن أن تغير معسكرها بين الحزبين ويكون تصويتها في معظم الأحيان حاسماً لنتيجة الانتخابات. وأبرز هذه الولايات التي تعتبر متأرجحة أو «ميدان معارك» انتخابية هي التي تتمتع بأكبر عدد من كبار الناخبين مثل فلوريدا (29) وبنسلفانيا (20) وأوهايو (18). ويمكن هذه «الولايات المتأرجحة» أن تبدل توجهها بين الحزبين، وفق الانتخابات. وبموجب هذا النظام، يمكن الرئيس أن يفوز من دون الحصول على الغالبية المطلقة من أصوات الشعب، كما حصل في العام 2000 عندما فاز جورج بوش على آل غور. وسيتولى الرئيس الجديد مهامه في 20 كانون الثاني (يناير) 2017، خلفاً لباراك أوباما في حفلة تنظم في الهواء الطلق في واشنطن.