استضاف «مسرح هاني صنوبر» في عمّان مسرحية «سفر بلا سفر» التي كتبها شاكر السماوي، وقدمتها مجموعة «أكيتو» الدولية من السويد، متناولة حال اللاجئين من العراق وسورية في رحلة بحثهم عن الأمن والأمان. وهذه ليست المرة الأولى التي تتناول فيها مسرحية حال اللاجئين أو النازحين، يأتي صانعوها من خارج عمّان، فقد سبقتها مسرحية «نساء طروادة» لعمر أبو سعدة، على نص يوريبيدس الذي ترجمته ماري إلياس. إلا أن «سفر بلا سفر» التي أخرجها طلعت سماوي، كانت أقرب إلى البناء المسرحي أثناء إنشاء الفضاء الدلالي لها، من الأعمال المسرحية السابقة المنشغلة بالحدث المباشر المؤلم المتعلق بانتهاك حقوق الإنسان على حساب المستوى الفني. تواصل المشاهدون مع المعنى العام للعرض في سياق ما يجرى في العراق وسورية من اقتتال همجي تذكي ناره التدخلات الخارجية، إضافة إلى حضور الانقسامات الطائفية وصراع الهويات وخطر حصول تغيرات ديموغرافية. تناولت المسرحية صراع وجود بين طرفين، جسدته شخصيتان، غُطيتا بقناعين لتجسدا هويتين غير محددتين، أثناء مراحل السفر لمجموعة من البشر. وتشيّعت المشاهد برموز ودلالات لم تخل بصرياً من القتامة، للدلالة على الواقع المأسوي الذي يعيشه المجتمع المدني في ظل هذا الاحتراب المتواصل في بلاد الهلال الخصيب. ولفتت نظر المُشاهد السينوغرافيا التي تشكلت أساساً من أجساد الممثلين ومحمولاتها البصرية بخطوطها ونقوشها التي تزين أزياء الممثلين، فضلاً عن العلامات المركزية الأهم للشخصيتين الرئيستين في العرض، خصوصاً القناعين على وجهيهما اللذين يحوي كل منهما أوجهاً عدة تنظر إلى الجانبين وإلى الأمام. وتلك العلامات كان المتلقي يتواصل معها في البناء العميق، مفضيةً إلى رسائل مفادها بأن أبناء البشر يحملون في دواخلهم أمزجة وهواجس غامضة متناقضة متشظية، فمن جهة تحمل بذور الأنانية والكره، ومن جهة أخرى قيماً إنسانية أخلاقية تدعو إلى التسامح بين البشر. استعان العرض بأغان لأميمة خليل، ووظّفها درامياً للتسليط على مآسي الأطفال في لجة هذا الاقتتال الدائر، ومنها «نامي نامي يا صغيرة». وكان هنـاك دور لشهـادات قـدمها رجـال ونساء وأطفال من ساكني مخيم الزعتري، ظهرت على شريط أعلى يمين المسرح. ويقول مخرج المسرحية طلعت السماوي لـ «الحياة»: «حاولت تبيان مأساة اللاجئين العراقيين والسوريين في الأردن، وإن ما حدث معهم ما هو إلا نتيجة الصراعات الدينية والسياسية والاقتصادية التي تشكل الآن قلقاً اجتماعياً وثقافياً على مستوى العالم». وقد عمل على نقل واقع اللاجئين المؤلم، «من خلال التحدث مع أطفال وذكور وإناث من فئات متنوعة والعمل عليها دراماتيكياً ضمن إطار فن الدراما الحديث، ذلك أن قصصهم ألهمتنا في وضع التصورات الجمالية للمسرحية». ويضيف أنه اقتبس درامياً من نص مسرحية «سفرة بلا سفر» للكاتب العـراقـي شـاكر السماوي، ومــزج هذا الاقتباس بالقصص الواقعية والشخصية للاجئين. يذكر أن مجموعة «أكيتو» السويدية أُسست عام 1996 وقدمت أعمالاً شملت فن الخشبة المعاصر والرقص الدرامي في دول البحر المتوسط والدول العربية في إطار من التعددية الثقافية.