مع استمرار الاضطرابات في ليبيا نجا مركز بنغازي الطبي من الدمار في المعارك ليواجه معاناة أخرى في ظل اقتصاد واهن. فقد اضطر عدد من المراكز الطبية والمستشفيات للإغلاق في بنغازي منذ تفجرت حرب أهلية ثانية في 2014، في أعقاب ضربات جوية وقصف المتشددين لمنشآت حكومية واستخدامهم المباني كمخابئ. ويعمل المركز حاليا في مبنيين من مبانيه الثلاثة. ويزور ألفا مريض تقريبا المركز يوميا. ويُقَدر عدد من يزورون كل عيادة بما بين 50 إلى 60 مريضا. ويقول مرضى يترددون على المركز، إنهم يكافحون لتوفير تكلفة الإقامة والعقاقير اللازمة لعلاجهم. وقال مريض يدعى إبراهيم حمد، «الدولة ليست مشاركة بأي شيء. بالنسبة للفترة الأخيرة(2013-2014)، الدولة مش مشاركة بشيء. نقوم بتحاليل المناعة سعره (180-190) دينار، ولا يأخذونها بصك ويطالبون نقداً. والنقد..يعني مشاكل». ولا توجد كثير من الأدوية الضرورية بما فيها تلك الخاصة بمرضى القلب في صيدلية المركز الطبي الأمر الذي يجبر المرضى وذويهم على البحث عنها في أي مكان وبأسعار أعلى بكثير. وينتظر مرضى أحيانا أياما قبل أن يحصلوا على الأدوية اللازمة لهم. وقالت زوجة أحد المرضى وتدعى نعيمة محمد، «دكاترة.. فيه دكاترة بصراحة. فيه دكاترة كويسين. الأدوية طبعا ما فيش.. الأدوية..التغذية نشتري فيها من بره (من الخارج). المضاد الحيوي نشتري فيه من بره. الحبوب نشتري فيه من بره. يعني المفروض الأولوية والميزانية للحالات المرضية. أهم شيء». ويعتمد الاقتصاد الليبي بشكل كامل تقريبا على عائدات النفط، والمؤسسة الوطنية للنفط ومصرف ليبيا المركزي هما من أهم مؤسسات الدولة. وحدث انفصال بين المؤسستين عندما قامت حكومتان وبرلمانان متنافسان في كل من طرابلس وشرق البلاد في 2014. وتضاعف إنتاج النفط في الآونة الأخيرة بليبيا إلى نحو 600 ألف برميل تقريبا يوميا في أعقاب سيطرة القائد العسكري في شرق ليبيا خليفة حفتر، على موانئ نفط رئيسية وسماحه للمؤسسة الوطنية للنفط بإعادة تشغيلها. ومع ذلك فإن إنتاج البلاد لا يزال أقل من نصف المعدلات التي كان عليها قبل عام 2011. وكل هذا يعني أن هناك عجزا لدى الدولة في العملة الصعبة والسيولة للإنفاق على الرعاية الصحية. وقال مدير مركز بنغازي الطبي محمد أسامة، إنه بسبب تلك الظروف يكافح المركز لتوفير الأدوية اللازمة، وإن هناك ندرة في المعدات الطبية. وأضاف، «نعاني من نقص في الإمداد في كثير من البنود طبعا. علي رأسها موضوع أدوية التخدير دائما تعثر في هذا الأمر. مرضى الأورام يعانوا من نقص في كثير من احتياجاتهم. أيضا مرضى القلب اللي أرى أنهم من أكثر الشرائح التي عانت فترة الأزمة يحتاجون إلي إجراء قسطرة وتركيب دعامات وهذه أصبحت غير متوفرة للأسف من أشهر». وأردف أسامة، «الأطباء متوفرين ولكن عندنا نقص في موضوع التمريض. عندنا 550 عنصر تمريض غادروا خلال السنتين الماضيتين نتيجة لنقص السيولة والوضع الأمني. الفترة الماضية طبعا كان حتى هو مؤثر، وإن كان استقر الحمد لله الآن. لكن موضوع الحوالات المصرفية أثرت جداً في الموضوع هذا. أيضا الدول الأجنبية أصبحت واضعة حظر علي دخول المواطنين بتوعها لليبيا». وكانت ليبيا فيما مضى تعتمد على أطباء وممرضين أجانب غادرها معظمهم بسبب الاضطرابات التي تشهدها منذ 2011.