نهاية شهر سبتمبر الماضي، وبتاريخ 27/9/2016، قالت صحيفة واشنطن تايمز: إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تقوم بالبحث في علاقة المذهب السني في الإسلام بـالإرهاب، وإن الاستراتيجية العسكرية القومية الأمريكية الجديدة ربما تتضمن نقاشاً لهذا المذهب الذي يدعم عنف تنظيمي القاعدة والدولة. جدير بالإشارة هنا القول بأن تلك الاستراتيجية العسكرية التي يعدها فريق رئيس هيئة الأركان الأمريكي، هي واحدة من أكثر مصادر التوجيهات العسكرية أهمية والتي تصدر للقادة الميدانيين في الخارج، وترتب التهديدات ضد أمريكا حسب الأهمية، وتوضحها بشكل غير قابل للالتباس. وبحسب ما يترشح من معلومات فإن قيادة العمليات الخاصة الأمريكية ضغطت بشكل خاص على رئيس هيئة الأركان الجنرال جوزيف ف. دانفورد ليضمن النسخة الجديدة من الاستراتيجية العسكرية نقاشاً للمذهب السني، وترغب في أن تنص الاستراتيجية على أن السلفية هي التي تمثل مصدر إلهام للمتطرفين المسلمين الذين يتبنون العنف. والسلفية، كما تراها هيئة العمليات الأمريكية هي فرع من المذهب السني يتبناها تنظيم الدولة الإسلامية ويستخدمها في تبرير أعمال القتل الجماعي التي ينفذها ضد غير المؤمنين، وهم حسب تعريف هذا المذهب الشيعة وجزء من السنة والأكراد والمسيحيين. هذه الرؤية عضدتها دراسة قام بها مركز بيجن – السادات في الولايات المتحدة، مؤخراً، وهو من المراكز البحثية المهمة المقربة من الإدارة الأمريكية، حيث قدم رؤية لصانع القرار الأمريكي تؤكد على أنه ليس هناك أخطر على إسرائيل من العرب السنة وعقيدتهم الجهادية وممارساتهم الجهادية؛ ولذلك ينبغي عدم التعاطف معهم حتى لو كانوا مظلومين ويبادون؛ لأن ذلك أفضل من أن يتحدوا ضد إسرائيل. وبصورة متناغمة مع هذا التوجه، وفي مارس من هذا العام 2016م أعلن أوباما عن مبدئه الشهير الذي رأي أن الإدارة الأمريكية سوف تسير عليها المائة عام القادمة، وأسماه المحللون عقيدة أوباما. ويتضح من خلال نهج السياسة الخارجية الأمريكية، التي تنفذ هذا المبدأ، أنها لن تعتمد على الديمقراطية كوسيلة لتحقيق التوازن؛ لأن ذلك يعني استقلال الشعوب وتقليص النفوذ الأمريكي، بل تعتمد لتحقيق هذا المبدأ على تغذية العصبيات والانتماءات الأولية؛ لضمان حاجة الجميع إليها وتشرذم الشعب العربي إلى طوائف متناحرة، وإقامة توازن قوى بين الأغلبية السنية والأقلية الشيعية، بمحاربة الأولى والتضييق عليها وحصارها، والانفتاح على الثانية والتعاون معها ومد جسور الصداقة والشراكة معها. هذه العقيدة الأوبامية ظهرت واضحة سافرة في المقابلة التي أجراها مع مجلة بلومبيرغ فيوز بمناسبة انعقاد المؤتمر السنوي للوبي إسرائيل في الولايات المتحدة، المعروف بـ إيباك، وقال في مقابلته: إن على شركاء الولايات المتحدة من السنّة في منطقة الشرق الأوسط قبول التغيير المقبل في علاقة الولايات المتحدة مع إيران. وبالإجابة عن سؤال الصحيفة حول ما يشعر السنّة بالتوتر تجاهك؟ قال الرئيس الأمريكي: إنه يعتقد أن هناك تحولات تحصل في المنطقة باغتت الكثير منهم (السنّة)، وأنه يعتقد أيضاً أن التغيير مخيف دائماً. مضيفاً: ما سأقوله هو أنك إذا نظرت إلى التصرفات الإيرانية، تراهم استراتيجيين وغير متهورين، ولديهم نظرة عالمية، ويرون مصالحهم، ويتعاملون مع حسابات الربح والخسارة! مجلة الإيكونوميست البريطانية وفي تقرير لها في 8 /10/2016 دخلت على خط البيان والتوضيح لما يحدث في منطقتنا العربية على وجه العموم، وما يلحق أهل السنة على وجه الخصوص، حيث أكدت أن أهل السُّنة في المنطقة مقصون عن القيادة في أهم الدول، ففلسطين يحكمها متطرفو اليهود، ولبنان بيد الشيعة والمسيحيين، وسوريا يتحكم فيها العلويون، أما العراق فيحكمه الشيعة. إن الغرب على وجه العموم، والولايات المتحدة على وجه الخصوص، يرون المعوق الرئيس لقطار العولمة هو الإسلام، وأن نواته الصُّلبة هي في قلبه العربي السني فشل في التكيف مع متطلبات الحداثة الغربية، وواجب الاندماج الطوعي فيها، بخلاف الشيعة وغيرها من المعتقدات الأخرى. وهذا ناجم ـ بحسب رؤيتهم ـ للفروقات العقدية بين أهل السنة والشيعة، فالأولى لها مواقف واضحة في جهاد العدو ومقاومته، والبعد العقدي عندها شديد الوضوح، على مستويين: المستوى الشعبي، ومستوى الحركات والتنظيمات الإسلامية، أما الشيعة الرافضة فموقفها مختلف تماماً، فهم أكثر ميلاً ناحية التعاون مع المحتل، وعدم مواجهته، خاصة المراجع الشيعية. ومن ثم وكنتيجة طبيعية لهذه الرؤية نجد كل الحروب الحديثة، في المنطقة العربية، وكذلك مواجهة التنظيمات والحركات تقتصر على السنة، على عكس الوضع مع الشيعة أنظمة وميليشيات، الذين يحظون برعاية ودعم غربي وأمريكي. فماذا عن خطة أهل السنة للمواجهة؟!