كشفت وزارة الداخلية يوم الأحد الماضي أنها أحبطت عملية تفخيخ سيارة في ملعب الجوهرة بجدة كان سيفخخها أربعة من الدواعش الأجانب. هذا الخبر يُثير أسئلة هي بالفعل جديرة بالنقاش؛ الدواعش كانوا يبررون في أدبياتهم جرائمهم عندما ينفذونها باستدلالات مفبركة مؤداها أنهم يتعمّدون (قتل) الشيعة، لأن دعاتهم ومعلميهم ومن يجندوهم فكريا يجزمون لهم بأنهم كفار، وأنهم من الطوائف الممتنعة، وأن دماءهم مباحة. أما أهل السنة فلا يستهدفون منهم إلا أفراد الأمن والجيش، على اعتبار أنهم يعينون (الحكومات) التي ينعتونها بالكفر، وبالتالي فجنودها بمثابة (جنود الطواغيت). طيب؛ ماذا عن جماهير الكرة، المستهدفون في عملية ملعب الجوهرة، فهم ليس بالضرورة من إخواننا الشيعة، ولا هم من رجال الأمن، فكيف استباحوا قتلهم عندما فخخوا سيارة لتقتل أكبر عدد منهم، لولا لطف الله - جل وعلا - وجهود أولئك الأبطال من رجال أمننا الذين منعوا عمليتهم الإجرامية تلك قبل تنفيذها؟ هذه العملية التي لا يمكن تبريرها شرعا، حتى في فقه أسلافهم الأزارقة الخوارج، تؤكد ما كنا نقوله ونردده منذ أن ظهر على الأرض (التكفير الصحوي)، أن الهدف هو (القتل)، وزعزعة الأمن والاستقرار ليرثوا الحكومات بعد إسقاطها، أما التبرير للبسطاء والسذج، فلن يعجزون أن يأتوا له بدليل، يتأولونه، أو يقيسون عليه، ثم يرفعون من شأنه حتى يضعونه في درجة (اليقينية) كآيات القرآن الكريم، أو المتواتر الصحيح من أقوال سيد البشر عليه أفضل الصلاة والسلام. ولن أستغرب أبدا لو قال أحد أساطينهم إن من يحضر كرة القدم ويشجعها فقد قبل بتحكيم (قوانين الفيفا) في مباريات كرة القدم، ثم يستدل على كفر من حكّم القوانين الوضعية بقوله جل شأنه (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون).. وأتذكر أنني سبق وقرأت عن واحد من الغلاة يقول بكفر لاعب الكرة لأنه يرضخ لتحكيم القوانين. قد يرى البعض في كلامي هذا نوعا من السخرية والتندر، لكننا في هذا الزمن الرديء لا نستغرب أي فتوى يقولها متزمت مريض المزاج، معتل نفسيا، يصل في استغلال الحلال والحرام والكفر والإيمان إلى هذه المستويات المضحكة؛ ففي تراث الغلاة من الفتاوى والتخريجات الفقهية والقياسات ما هو أغرب وأعجب من ذلك. وأنتهز هذه الفرصة - بالمناسبة - لأرفع إلى مقام سمو الأمير محمد بن نايف ولي العهد ووزير الداخلية طلب كثير من المتابعين والمحللين و(الحائرين) بأن يُعمد - حفظه الله - الجهات الأمنية ليتم عرض لقاءات تلفزيونية مع المقبوض عليهم من (الدواعش)، ومنهم هؤلاء الأربعة الذين حاولوا تفجير ملعب الجوهرة، لنطلع على فكرهم ومنطقهم وكيف أقنعهم من جندوهم بسلامة وصوابية عملية كهذه دينيا. كشف هؤلاء الموبوئين لن يساعد فقط في كشف الدواعش فحسب، وإنما سيكشف للناس أولئك الانتهازيين الذي يوظفون قال الله وقال رسوله في تنفيذ مراميهم التخريبية والثورية، التي لا علاقة لها بالدين ولا قيمه ومقاصده العليا. إلى اللقاء