فيما وجه وزير العدل المحاكم بمنع دخول الهواتف النقالة والأجهزة الإلكترونية، إلى قاعات الجلسات القضائية، أكد لـ"الاقتصادية" الشيخ يوسف السليم، قاض سابق، أن مضمون هذا التعميم لا يتعارض مع ضمانة ومبدأ علانية الجلسات، إذ إن حضور الجلسات والاطلاع على وقائعها وتدوين ما يحتاج إليه الحاضر والمترافع مكفول ومحفوظ ومعمول به وهو الأصل، وهذا محقق لعلانية الجلسات. وقال إنه لعل من أسباب هذا التعميم ما تم رصده من قبل بعض المترافعين أو الحاضرين عموما من استخدام الأجهزة داخل الجلسات القضائية لأغراض معينة لا تتناسب مع آداب التقاضي. وبين السليم أن هذا المنع يؤكد الآداب العامة في التقاضي، من خلال احترام الدائرة القضائية وجلسات المحاكمة والالتزام بنظامها وهو أمر جاءت به الأنظمة الإجرائية كما أنه معدود في الأعراف القضائية في دول العالم. وأوضح أن إدارة الجلسة القضائية وضمان حفظ نظامها من اختصاص رئيس الدائرة القضائية " قاضي الدائرة" وهو المخول بإجراء ما يلزم حيال من يخل بنظام الجلسة القضائية، ومن ذلك من يقوم باستخدام الأجهزة النقالة أثناء الجلسة القضائية أو داخل الدائرة خاصة بعد هذا التعميم. وذكر أن هذا المنع يعد من حقوق المترافع كما يعزز حقوق الدائرة القضائية، مطالبا بقأن يتبع هذا التوجيه، تعاميم تعزز حقوق المترافع والحاضر للجلسة القضائية كضمانة من ضمانات العدالة بما يتوافق مع الأنظمة وهو المؤمل والمرجو من القيادة القضائية. بدوره، لفت الدكتور ناصر الجوفان عضو هيئة التدريس في المعهد العالي للقضاء في بحث قضائي أجراه حول (علانية جلسات التقاضي في السعودية)، إلى القاعدة العامة التي تقرر علانية جلسات التقاضي في الفقه الإسلامي أو في التنظيم القضائي في المملكة، مؤكدا وجود بعض القضايا التي تقتضي المصلحة أن تعقد فيها جلسة المحاكمة بصفة سرية لا يطلع عليها إلا القاضي ومن يعمل معه وفي بعض الأحيان ينبغي ألا يطلع عليه سوى القاضي لذلك وردت استثناءات على قاعدة العلانية. وبيّن الجوفان أن نظام القضاء في المملكة قرر علانية جلسات التقاضي، وجعله الأصل العام الذي يجب اتباعه، إلا أن تقرير العلانية لبعض الدعاوى قد يتأذى منه المجتمع أو بعض أفراده فأجاز النظام استثناءً للمحكمة أن تقرر جعل الجلسة سرية تغليباً لاعتبارات منها حماية الآداب العامة، أو حرمة الأسرة، أو المحافظة على النظام العام. يشار إلى أن المادة 154 في نظام الإجراءات الجزائية نصت على أن تنظر الدعوى كلها أو بعضها في جلسات سرية، أو تمنع فئات معينة من الحضور فيها؛ مراعاة للأمن، أو محافظة على الآداب العامة، أو كان ذلك ضرورياً لإظهار الحقيقة، في حين أن الهدف من العلانية تأمين نزاهة القضاة بإطلاع الخصوم وغيرهم على إجراءات التقاضي وسماع الدعاوى والبينات والدفوع، وبعث الطمأنينة في نفوس المتخاصمين، وتؤدِّي إلى مزيد الثقة في العدالة والحياد، كما أنها تجعل القضاة يحرصون على العناية بإجراءاتهم في سير القضية، ويزِنون أقوالهم ومناقشاتهم وزنًا دقيقًا، كي لا يُنقل عنهم ما يشين. وكان وزير العدل قد وجه المحاكم بمنع دخول الهواتف النقالة والأجهزة الإلكترونية، إلى قاعات الجلسات القضائية مع وضع لوحات على مداخل مباني المحاكم تحذر من دخول جميع الأجهزة. ووفقا للتعميم، فإن التوجيه جاء على خلفية ما لوحظ من قيام بعض الأشخاص باستخدام الأجهزة الإلكترونية، خاصة "الهاتف المتنقل" في تسجيل ما يدور في الجلسات القضائية في المحاكم، ما يعد مخالفة لما قضت به الأنظمة والقرارات ذات الصلة.