اخرج من هنا واغرب عن وجهي حالاً!، بكلمات غاضبة طرد مدير شركة سوني الموظف (كين كوتاراغي) للمرة الثالثة بسبب إصراره الغريب على أن تبدأ الشركة بالاستثمار في مجال ألعاب الفيديو. كانت معظم الآراء بمجلس إدارة سوني لا تنظر لغير قطاع الإلكترونيات الذي حققت فيه الشركة نجاحات كبيرة طوال تاريخها. وكان المنطق هو ما الذي يدفع شركتنا للتوجه لقطاع الأطفال والاستثمار بمبالغ كبيرة في قطاع بمخاطر عالية لا تضمن نتائجها؟ بل إن البعض وصل للمطالبة بفصل كين من الشركة. ومع ذلك أصر ذلك الموظف العنيد على فكرته حتى اقتنع المدير أخيراً في المرة الرابعة وتبنى فكرة تصنيع جهاز (بلايستيشن). واليوم أقفلت شركة سوني معظم مصانعها التي كانت تنتج الإلكترونيات بعد ظهور المنافسين الجدد من كوريا والصين وغيرها. وأصبحت سوني تعتمد في أرباحها على بلايستشين وألعاب الفيديو ناهيك عن إنتاج الأفلام السينمائية وصناعات أخرى بعيدة عن الإلكترونيات.. حديثنا اليوم عن استقراء المستقبل والشجاعة وعدم الخوف من التغيير! بداية يجب أن نقر أن ردة فعل مدير سوني ربما كانت طبيعية وقتها، ولا شك أن كين في كل مرة يطرد فيها كان يطور مقترحه وخطته حتى وصلت لدرجة قادرة على إقناع صاحب القرار. وحقيقة يجب هنا أن نشيد أيضا بمدير سوني الذي قبل التغيير واتخذ القرار بشجاعة للدخول في صناعة ألعاب الفيديو. وقد نتفق أن التعامل مع المستقبل يتطلب أحياناً مغامرات محسوبة من المديرين؛ لأن الخوف والحذر المبالغ فيه سيكون مصيره انهيار الشركة كما حصل مع شركة (كوداك) الأميركية والتي كانت عملاقة في مجال التصوير بالكاميرات ولكنها لم تستطع مواصلة المسيرة وانهارت بسبب الإصرار على نمط الأعمال القديم، وبالمقابل استطاعت شركة (فوجي فيلم) الغريم التقليدي لكوداك أن تنجح وتتميز عبر الاستثمار بشجاعة في مجال الصور الرقمية والطابعات الحديثة والآن اتجهت لتطوير الأدوية واللقاحات. ويتكلم رئيس شركة فوجي فيلم السيد (كوموري شيجيتاكا) عن سر النجاح في وصفه للمستويات الثلاثة للتعامل الإيجابي مع التغيرات وهي: المستوى البدائي: التعامل والتكيف مع التغيرات بعد حدوثها. المستوى المتوسط: التنبؤ بالتغيرات المستقبلية والاستعداد لها. المستوى المتقدم: قيادة التغيير وصناعته ذاتيا. وأنصح المديرين بالحرص على أصحاب الأفكار الغريبة وأذكركم بكلمات ستيف جوبز من كتابه (Think Different): المجانين والأغبياء والمتمردون والمشاغبون... إنهم يرون الأمور بشكل مختلف ولا يكترثون كثيراً للقواعد. يمكنك الاقتباس منهم وعدم موافقتهم وتمجيدهم وذمهم، ولكن الشيء الوحيد الذي لا تستطيع فعله هو تجاهلهم؛ لأنهم يغيرون ويقودون تقدم البشرية. البعض يراهم أغبياء ولكن أراهم عباقرة لأن الغبي الذي يفكر أنه قادر على تغيير العالم هو الشخص الذي يستطيع فعل ذلك!. اللطيف في الأمر أن ستيف جوبز نفسه تم فصله من شركة آبل لأن أفكاره غريبة ثم عاد إليها ليقودها بكل اقتدار إلى النجاح.