×
محافظة المدينة المنورة

21722 زيارة ميدانية لبلدية العقيق

صورة الخبر

حسام محمد (القاهرة) ربما لا يخلو مجلس من مجالسنا ولا منتدى من الخلافات، وكل شخص يتعصب لرأيه ويتشبث به ولديه إيمان تام أنه على صواب والباقين على خطأ، وبالتالي سرعان ما تتحول الجلسة بين الأصدقاء إلى حلبة للخلافات، وتبادل الإهانات، لتنفض وقد وقعت الواقعة، وعرف الخلاف طريقه بين الأصدقاء، وللأسف انتشر سوء الظن، وجر علينا الكثير من الويلات، فدخل بين الأصدقاء والجيران ومشجعي الكرة فأوقع الخلافات والمشاحنات. التعصب مذموم بداية، يقول الدكتور إسماعيل عبد الرحمن أستاذ الفقه بجامعة الأزهر: أسوأ ما يهدد المجتمع المسلم اليوم هو التعصب في الرأي، حتى مشجعو كرة القدم أصبحوا يتعصبون لرأيهم على الرغم من أننا نعرف أن التعصب هو قانون الهوى، وهو أمر ترفضه الشريعة الإسلامية، وينطلق التعصب من سوء الظن بالناس، فأنا أتعصب لرأيي لأنني أحسب الآخرين ينظرون لي إذا لم أتعصب لما أراه الصواب، وهكذا تحول سوء الظن بين الناس إلى قاعدة، بعد أن كان حسن الظن هو القاعدة، لتنتشر الخلافات التي تفرق بين أفراد الأسرة وزملاء العمل والجيران، ونسينا أن سوء الظن يؤدي إلى تكدير الصفو واستجلاب القلق، فإذا نزل في قوم فقد نزلت بهم المحن والفتن، فتقطع الأرحام، ويتسع الخلاف، وتعطل المصالح، وتسوء المعاملة، ويتوقف البناء الخلقي، وتفسد الطباع حتى يكون الخراب والهدم والدمار والله تعالي يقول: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ...)، «سورة الحجرات: الآية 12»، كذلك أمر الله تعالى بالتحقيق أو التحقق من الأمر قبل التصرف، فقال (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَىٰ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ)، «سورة الحجرات: الآية 6»، كم من غافل عن هذه الآية لا يعمل بها قد وقع فيما حذر الله فيه من الوقوع في أعراض الآخرين بجهالة من دون تحقيق بل قد تبين له بعد ذلك أنه مخطئ في ظنه وتصرفه. صفات المفلس يضيف د. عبد الرحمن: لقد صور رسول الله صلي الله عليه وسلم حاله، فقال: «إن المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا فيعطي هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار»، وفي دنيا الناس أقوام يقاطعون إخوانهم بلا سبب أو مناسبة فتراه يعرض ويعبس بوجهه، والشريعة الإسلامية تؤكد أن الاستعجال في الحكم على الناس بالظن علامة على قلة الإيمان أو ضعفه، لأن الإيمان القوي حصن لصاحبه من كل ما يخل بسلوكياته ومعتقداته، خاصة مثل هذه الأخلاق السيئة، ومن هذا المنطلق فالواجب على كل مسلم يرى في نفسه آفة سوء الظن بالناس أن يدرك أنه مبتلى، وعليه أن يبادر لإصلاح نفسه، والتبرؤ من هذا المرض الذي سيقضي على دينه وحاله، وذلك بمعالجة نفسه بمشاورة أهل العلم والنصح ومخالطة الناس وحملهم على ظواهرهم. الطامة الكبرى يقول الدكتور حامد أبو طالب، عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر: حسن الظن بالناس كفيل بنشر كل الأخلاق الكريمة في المجتمع المسلم فلو أحسن الزوج الظن بأهل بيته وأحسنت الزوجة الظن بزوجها ستنتشر السعادة في ربوع المنزل ولو أحسن الإنسان الظن بجيرانه وبزملائه في العمل ستنتشر المحبة والود في قلوب الجميع، أما لو انتشر سوء الظن فهذه هي الطامة الكبرى، لأن سوء الظن من الأخلاق الذميمة التي تفتك بالأفراد والمُجتمعات، وإذا تملكت من نفس الإنسان فإنها تقضي على روح الألفة وتولد الشحناء والبغضاء، وهي خصلة لا يتسم بها إلا المرضى، ولا ينظر سيئ الظن إلى الناس إلا من خلال نظرة تشاؤمية على الرغم من أن الأصل في الإنسان السلامة، فسوء الظن يؤدي إلى إفساد العلاقة بين الرجل وزوجته وبين الوالد وولده والإنسان وجيرانه، وكثيراً ما يتسبب في هدم البيوت، وقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن امرأتي ولدت غلاماً أسود، فقال صلى الله عليه وسلم: هل لك إبل؟ قال: نعم، فقال: فما ألوانها؟ قال: حُمر، قال: فهل يكون فيها من أورق؟ قال: إن فيها لوُرْقَى، قال: فأنَّى أتاها ذلك؟ قال: عسى أن يكون نَزَعَه عِرْقٌ، قال: وهذا عسى أن يكون نزعه عرق.