ساد الترقب الشارع المصري أمس، وسط تحسُّب لموجة جديدة من ارتفاع الأسعار، بعد قرار البنك المركزي المصري تعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية، وتحرير سعر صرفه مما يجعله رهناً للعرض والطلب، بينما توقع خبراء اقتصاد أن تتخذ القاهرة خطوة إلغاء دعم الوقود قريباً، في إطار استجابتها لشروط صندوق النقد الدولي، للحصول على موافقته على إقراض القاهرة 12 مليار دولار. سيطرت خطوة البنك المركزي المصري لتعويم الجنيه أمام العملات الأجنبية أمس، على حديث الشارع المصري، وسط توقعات بأن تؤدي هذه الخطوة إلى مزيد من ارتفاع الأسعار، نظرا لاعتماد القاهرة على الاستيراد لسد الاحتياجات الأساسية للمصريين، فضلا عن قرب اتخاذ الحكومة المصرية لقرار رفع الدعم عن المواد البترولية، وهو القرار الضروري لضمان موافقة صندوق النقد الدولي على منح القاهرة قرضا بقيمة 12 مليار دولار على ثلاث سنوات. وقال محافظ البنك المركزي طارق عامر، في تصريحات خاصة لـ»الجريدة» أمس، إن «قرار تعويم الجنيه خطوة من بين خطوات عدة تتخذها الدولة المصرية للقضاء على السوق الموازي»، مؤكدا أن تحرير سعر الصرف لن يكون ثابتا بل يتحدد وفقا للمعطيات والظروف الاقتصادية، مضيفا: «القرار تم اتخاذه بالوقت المناسب، وعملنا خلال الأيام الماضية على تمهيد الأجواء بتأمين احتياجات الدولة من العملة الصعبة قبل إصداره، ونهدف من خلاله إلى جذب الاستثمارات الأجنبية». بدوره، تابع رئيس الوزراء شريف إسماعيل مع وزراء المجموعة الاقتصادية هاتفيا، تداعيات قرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف على القطاعات الاقتصادية المختلفة، ومدى تأثر السوق في الساعات الأولى من إعلان القرار، وقالت مصادر حكومية إن اتصالات إسماعيل ركزت على استطلاع مدى تأثير القرار على الأسعار، والتأكد من عدم مصاحبته بأية ممارسات احتكارية في الأسواق خاصة أسعار السلع الرئيسية. مخاوف وكان الترقب الحذر العنوان الأبرز للتعاملات في البنوك وشركات الصرافة بل وعلى صفحات التواصل الاجتماعي، لمتابعة تداعيات قرار البنك المركزي بتعويم الجنيه المصري، ليصل الدولار إلى 13.5 جنيه في بعض البنوك المصرية، وسط مخاوف من قبل مراقبين من أن تقدم حكومة إسماعيل على الاستجابة للشرط الثاني لصندوق النقد المتمثل في رفع الدعم عن الوقود ما قد يؤدي إلى انفلات الأسعار. وبينما أشاد نواب البرلمان بقرار البنك المركزي تحرير سعر الصرف، انتقد أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر صلاح الدين فهمي، القرار ووصفه بـ»الجريمة» قائلا لـ»الجريدة» إن «أول أثر للقرار أن مديونية مصر الخارجية المقدرة بـ55 مليار دولار كانت حتى مساء الأربعاء الماضي، تعادل ما قيمته 489.5 مليار جنيه مصري، عندما كان سعر الدولار الرسمي بـ 8.88 جنيهات، الآن تقدر قيمة ديون مصر الخارجية بـ 742.5 مليارا وفقا لسعر الصرف الجديد». وتوقع فهمي أن تستجيب الحكومة المصرية لبقية شروط صندوق النقد متمثلة في رفع الدعم عن الوقود، ما سيؤدي إلى ارتفاع قياسي في الأسعار، ما يهدد بموجات غضب من المواطنين، ما اتفق معه في الرأي الخبير الاقتصادي رشاد عبده، الذي أكد لـ»الجريدة» أن «إلغاء الدعم عن الوقود سيتم اتخاذه وفقا لخطة الحكومة لتخفيض عجز الموازنة، لكنه توقع أن يتم تأجيل تنفيذ هذا القرار الصعب لما يحمله من تداعيات تمس جميع طبقات المجتمع المصري إلى ما بعد تظاهرات 11 الجاري». مواجهة مسلحة وبينما تسعى الحكومة المصرية لفرض الاستقرار الأمني لجذب الاستثمارات الأجنبية لدعم الاقتصاد المتداعي، شهدت منطقة جسر السويس شمال القاهرة في ساعة مبكرة من صباح أمس، تبادلاً مكثفًا لإطلاق النار بين قوات الأمن ومسلحين متهمين بالمشاركة في تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية، ما أسفر عن مقتل إرهابي وإصابة ثلاثة، بينما أصيب أربعة ضباط شرطة في الاشتباكات، التي استمرت قرابة ثلاث ساعات. وشهدت منطقة جسر السويس انفجار عبوة ناسفة زرعها إرهابيون تزامنا مع مرور مدرعة لقوات الشرطة الجمعة الماضي، ما أسفر عن مقتل مواطن وإصابة آخر، بينما أمر المحامي العام الأول لنيابة أمن الدولة العليا الاثنين الماضي، بحبس ثلاثة متهمين لمدة 15 يومًا احتياطيا على ذمة التحقيقات التي تجرى معهم في قضية اتهامهم بتفجير العبوة الناسفة. تظاهرات 11/11 وبينما قال مصدر مطلع إن خلية «جسر السويس» كانت تخطط لتنفيذ هجمات بالتوازي مع تظاهرات 11 نوفمبر الجاري، التي يتبناها أنصار جماعة «الإخوان» المصنفة إرهابية في مصر، كثفت الدولة المصرية من استعداداتها لإحباط أية محاولة تخريبية خلال تظاهرات الجمعة المقبل، بينما أعلن وزير الأوقاف محمد مختار جمعة، أن الوزارة قررت تخصيص موضوع خطبة الجمعة المقبل بجميع مساجد الجمهورية، للحديث عن مكانة مصر في القرآن الكريم والسنة والنبوية، مع بيان فضلها وأهمية الحفاظ على أمنها واستقرارها. وقال جمعة لوكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية، إن «اختيار هذا الموضوع في ذلك اليوم يأتي رداً على من يحاولون العبث بأمن مصر أو تعكير صفوها... مصر تستحق منا أن نفديها جميعا بأنفسنا ونقف بالمرصاد لكل من تسول له نفسه المساس بأمنها أو استقرارها». محاكمة مبارك قضائيا، قررت محكمة النقض في جلستها أمس، تأجيل إعادة محاكمة الرئيس الأسبق حسني مبارك، في قضية اتهامه بالاشتراك في القتل العمد والشروع فيه بحق المتظاهرين إبان ثورة 25 يناير 2011، إلى جلسة 2 مارس المقبل، لتنفيذ القرار السابق للمحكمة في شأن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحضار مبارك من محبسه، ونقل مقر المحاكمة إلى مكان مناسب يتبع محكمة النقض. وتتداول القضية أمام محكمة النقض منذ 5 نوفمبر 2015، لنظر موضوع الاتهام، غير أن مقر انعقاد المحاكمة كان سببا في تأجيلها لمدة عام كامل دون النظر في موضوع القضية بصورة كلية، حيث تم التأجيل حينئذٍ إلى جلسة 21 يناير، ثم إلى جلسة 7 أبريل، ثم 3 نوفمبر أمس، وكل هذه الجلسات لم يتم التطرق فيها إلى تفاصيل الاتهام المسند إلى مبارك.