تقول المصادر التاريخية إن الشعر الإسباني اتسم بالنفس الملحمي وذلك من القرن العاشر وحتى الخامس عشر الميلادي. كان الشعر، آنذاك، يمجد البطولة والأبطال ويعتمد على شخصية مفسرة ومعقبة على الأحداث كما في الملحمة الشعرية (كانتار دو ميو سيد)، المكتوبة في القرن 12 ميلادي، وتوسع عالمياً بعد ذلك على يد جوان ريز بعد أن حرر الأشعار في مخطوطه الذي أصدره عام 1330م بعنوان (كتاب الحب الجميل). وبدوره بدأ سانتيلانا ماركي وبتأثير من الشعر الإيطالي في عصر النهضة في إدخال السوناتات إلى الشعر الإسباني. ويتحدد العصر الذهبي للأدب الإسباني ما بين القرنين 16 و 17 ميلادي، وهو ما أسماه المؤرخون بـ (عصر التنوير). وتأثر الشعر الإسباني بالشعر الإيطالي فكتب جاركيلاسو دو لافيجا، أحد المتأثرين بالشاعر الإيطالي بترارك، (نشيد الرعاة)، كما كتب عدداً من السوناتات، وعرفت إسبانيا آنذاك مدرستين لتعليم وإنضاج الشعراء الشباب، هما مدرسة إشبيلية، ومدرسة سالامانسا، وبرز هنا اسم الشاعر فرناندو دو هرارا (1534 - 1597)، كما استفاد الشعر الإسباني من تطور الشعر العربي واليهودي، فانبثقت الرواية الشعرية الإسبانية على يد ألونزو دو أركيلا (1533 - 1594). القصة الإسبانية، بدورها، تناولت في تلك الحقب ملاحم البطولة، وحكايات الرعاة وأحوالهم، ونشوة الانتصار والمجد، وهنا يظهر اسم سرفانتس (1547 - 1616) الذي يعد واحداً من أعظم كتاب القصة والدراما الإسبانية، وهو صاحب الملحمة الروائية الذائعة الصيت (دون كيخوت) التي اعتبرها النقاد بمثابة أول رواية أوروبية حديثة، وواحدة من أعظم الأعمال في الأدب العالمي. في القرن الثامن عشر تأثرت إسبانيا بالثقافة الفرنسية إبان عصر البوربون؛ عصر رفع شعار (المنطق)، وعكس، بدقة، الأعمال الأدبية الكلاسيكية للانسكلوبيديين الفرنسيين والفلاسفة الإنجليز. المدرسة الواقعية كان لها حضور أيضاً، وقدمت صوراً نقدية وقادت تياراً أطلق عليه (الكوستمبريزمو)، وهو تيار قصصي يعمد وصف أمكنة في الريف، ويرصد عادات وسلوكيات وتقاليد منطقة جغرافية معينة، ومن أبرز كتاب هذه القصص بدرو أنطونيو ألاركون، وكذلك بيريز جالدوس الذي عمد في قصصه إلى التطهر من ربقة الواقعية، فعرض موضوعات حديثة في عصره منتقداً عادات وأخلاقيات غير حميدة في مجتمعه، ورسم، على غرار القاص الفرنسي بلزاك، المثل الاجتماعية لعصره. وتعد الرواية أفضل ثمار الأدب في إسبانيا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، نتيجة للازدهار الواسع لهذا الجنس الأدبي في تلك الفترة، وتجسيداً لارتقاء الطبقة المتوسطة البرجوازية، التي استطاعت الوصول للسلطة السياسية بعد العديد من الثورات المتعاقبة مثل ثورات 1789 و1820 و1830 و1848. وقد تبلورت قيم واهتمامات الطبقة البرجوازية في الأدب الواقعي الذي أصبح مرآة معبرة عن كل ما يصول ويجول في عقلية هذه الطبقة، ومنها النزعة الفردية والمادية والرغبة في الارتقاء الاجتماعي مع تقدير كل ما هو يومي وثابت غير قابل للتغيير. في القرن العشرين تفقد إسبانيا آخر مستعمراتها، وكان على المجتمع الإسباني أن يستيقظ على الحقيقة، وليبحث له عن مكان لائق داخل القارة الأوروبية، فانكب الأدباء على تحليل التحولات السابقة في تاريخ الأدب الإسباني، ثم اتجهوا إلى التجريب الأدبي في الشكل وفي المضمون الثقافي الرفيع.