القاهرة (أ ف ب) - اعلن البنك المركزي المصري الخميس تعويم الجنيه وترك حرية تسعيره للمصارف بهدف القضاء على السوق السوداء التي انتعشت في البلاد منذ عدة شهور نتيجة الضغوط على الدولار. وبسبب النقص الحاد في موارد مصر من العملات الاجنبية الناجم عن الاضطرابات الامنية والسياسية منذ اطاحة حسني مبارك في 2011، ارتفع سعر الدولار في السوق السوداء خلال الايام الاخيرة ليصل الى 18 جنيها مطلع الاسبوع الجاري في حين كان محددا رسميا ب 8،8 جنيه منذ عدة شهور. وكان يتم تداول الدولار في عدة مصارف صباح الخميس عقب اعلان قرار البنك المركزي ب 13 جنيها للشراء وما بين 13،5 و14،3 جنيها للبيع. تعتمد مصر على الاستيراد لتلبية نسبة كبيرة من حاجاتها الاساسية بدءا بالقمح مرورا بمستلزمات الانتاج وانتهاء بعلف الدواجن. وادى نقص الموارد من العملات الاجنبية الى تداعيات متتالية اذ تباطأ استيراد المواد الخام ومستلزمات الانتاج وهذا ما انعكس سلبا على قطاعات الصناعة والتجارة والتصدير. وارتفع معدل التصخم السنوي باضطراد ليصل الى قرابة في حزيران/يونيو الماضي الى 12،37%، وفق البيانات الرسمية. وقال البنك المركزي في بيان انه "قرر اتخاذ عدة إجراءات لتصحیح سیاسة تداول النقد الاجنبي من خلال تحریر أسعار الصرف لإعطاء مرونة للبنوك العاملة في مصر لتسعیر شراء وبیع النقد الأجنبي بهدف إستعادة تداوله داخل القنوات الشرعیة وإنهاء تماما السوق الموازیة للنقد الأجنبي". كما اعلن البنك المركزي رفع سعر الفائدة على الودائع بالجنيه المصري "بواقع 300 نقطة أساس لیصل إلى 14,75 %" والى "15,75 %" بالنسبة للاقراض. واعتبر هشام ابراهيم استاذ التمويل والاستثمار في كلية التجارة جامعة القاهرة ان "القرار جاء في التوقيت المناسب"، مشيرا الى ان "الوضع كان سيسوء أكثر لو تأخر القرار". وتابع ان تعويم الجنيه "سيكون له أثر إيجابي للغاية عبر تشجيع الاستثمار". وقال "لم يكن من المنطقي ان يأتي مستثمر لبلد بها سعرين للصرف الفارق بينهما 100% تقريبا". حرير - لا قيود - كان البنك المركزي المصري خفض في الماضي سعر الجنيه مقارنة بالدولار بنسبة 14،5% في منتصف اذار/مارس الماضي. وابرمت مصر في آب/اغسطس الماضي اتفاقا مبدئيا مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض قيمته 12 مليار دولار على ثلاث سنوات للمساعدة في تنفيذ برنامج اصلاح اقتصادي ومالي يتضمن تحرير سعر صرف العملة المحلية. وكانت كريستين لاغارد مديرة صندوق النقد الدولي دعت مصر اخيرا الى خفض قيمة العملة الوطنية بسرعة لتضييق الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق الموازية للعملات الاجنبية. ويستهدف برنامج الاصلاح الاقتصادي المصري خفض عجز الموازنة العامة للدولة الذي يقترب من 13% من اجمالي الناتج الداخلي. كما يشمل اصلاح منظومة دعم الطاقة وزيادة ايرادات الدولة من خلال فرض ضريبة للقيمة المضافة وطرح شركات مملوكة للدولة للبيع في البورصة. وقالت الحكومة المصرية ان الفجوة التمويلية خلال السنوات الثلاث المقبلة تبلغ 21 مليار دولار وانه اضافة الى قرض الصندوق فانها ستغطيها باصدرات سندات دولية بالدولار ومن خلال قروض اخرى. وصرح جيري رايس المتحدث باسم الصندوق للصحافيين في واشنطن الخميس ان حصول مصر على قروض من السعودية والصين سيساعدها في جمع ما بين خمسة وستة مليارات دولار من التمويل المطلوب لتضاف الى القرض من صندوق النقد الدولي. واضاف "اعتقد انهم اقتربوا من ذلك". وتابع "نامل في ان نتمكن من الحصول على موافقة مجلس صندوق النقد الدولي خلال اسابيع قليلة". وبلغت احتياطات مصر من النقد الأجنبي 19،6 مليار دولار في ايلول/سبتمبر الفائت، وهو ما يشكل ارتفاعا مقارنة بالاعوام السابقة لكنه بالكاد يلامس نصف احتياطي مصر مطلع العام 2011 اوضح البنك المركزي انه قرر كذلك "السماح للبنوك بفتح فروعها حتى الساعة 21,00وأیام العطلة الأسبوعیة بغرض تنفیذ عملیات شراء وبیع العملة وصرف حوالات المصریین العاملین في الخارج". كما اكد انه "لا توجد أیة قیود على إیداع وسحب العملات الأجنبیة للأفراد والشركات". واكد البنك المركزي ان قرار "تحریر أسعار الصرف يستهدف إستعادة تداول النقد الأجنبي داخل القطاع المصرفي وبالتالى إنهاء حالة الإضطراب فى أسواق العملة بما یعكس قوى العرض والطلب الحقیقیة إستهدافاً لإستقرار أسعار الصرف وإستقرار الأسواق". واضاف ان "منظومة أسعار الصرف الجدیدة تعد جزءا من حزمة الإصلاحات التى تدعم غرض البنك المركزى الأصیل المتمثل فى إستهداف التضخم وإستقرار الأسعار على المدى المتوسط".