×
محافظة المدينة المنورة

عام / 21722 زيارة ميدانية لفرق بلدية العقيق بالمدينة المنورة خلال العام المنصرم

صورة الخبر

يتربَّع الرئيس محمود عباس، على الرغم من صحته المتعثرة وتجاوز عمره الثمانين عاماً، على عرش أكثر المؤسسات السيادية الفلسطينية تأثيراً في مسيرة النضال الفلسطيني، فهو حتى هذه اللحظة، لا يزال يشغل منصب رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية، ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير، ورئيس اللجنة المركزية لحركة فتح، ويفرض قراراته ورأيه في ما يتعلق ويخص ويؤثر في الشأن الفلسطيني بشكل عام، والفتحاوي بشكل خاص. قراراته، خصوصاً الأخيرة منها، متجبرة وصلبة للغاية، ولا هوادة فيها ومحكومة بردة فعل متسلطة، ووجهة نظره تكاد تكون مستحيلة التغيير، وانتقامه من خصومه حاد وقاسم، لا يتوقف ذلك على طريقة تعامله مع حركة حماس، التي بينه وبينها خصومة متجذرة وخلافات متشعبة، تبدأ من تعارض المرجعية الفكرية، ولا تنتهي بالآليات ووجهات النظر المختلفة والمتباينة لدى كل منهما بشأن التعامل مع ما يخص الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي؛ بل يتعدى ذلك. فيتعامل بهذا النهج من الشدة والعناد والندية والتهميش والإقصاء، مع خصومه من أبناء وعناصر حركته فتح، التي باتت تعاني انقساماً داخلياً شديداً، وتشظياً تنظيمياً واضحاً، وتجاذباً حاداً، وتفشت فيها المشكلات، وغاصت أروقتها التنظيمية والحركية في الكثير من المناكفات، ويحتدم بين جناحَيها صراع بشأن خليفة عباس، وصل إلى نقاط فاصلة وتصرفات صارخة العدوانية والكراهية. تلك المشكلات تتفاقم وتتضخم بشكل مستمر، وبتسارع مهول، وينتج عنها مشكلات أخرى أكبر وأكثر أثراً وتأثيراً، ليس على الشأن الفتحاوي الداخلي فحسب، إنما تتعدى ذلك حتى يصل تأثيرها السلبي إلى كل ما يتعلق بالشعب الفلسطيني، سواء في الضفة الغربية، أو في قطاع غزة، أو في الشتات، وحتى في أراضي الثمانية والأربعين. ومن الواضح أن المشكلات الفلسطينية، والخلافات الفتحاوية، ستصبح أكثر صعوبة وأعصى على الحل، في حال رحل الرئيس عباس، وهي على ما هي عليه، وسيغرق ذلك الساحة الفلسطينية في مشكلات كبيرة، وأهوال عاصفة، ويتركها شاغرة لتنافس محموم بين الخصوم السياسيين، في محاولة كل طرف سياسي للظفر بالقيادة والسلطة، وبالنظر إلى التاريخ الفلسطيني، نجد أنه لن يتردد الفلسطينيون كثيراً في التنازع فيما بينهم، في سبيل سعي كل طرف إلى فرض أجندته على الأطراف الأخرى، ولن يتورع البعض عن تصفية شخصيات مؤثرة في الشارع الفلسطيني، من أجل الظفر بفرصة أوفر في القيادة والتفرد بالقرار، وستكون إسرائيل الفائز والمستفيد الأوفر حظاً، في أي حالة فوضى وتشرذم تجتاح الفلسطينيين، بل ستسعى بكل ما لديها من وسائل لزيادة الحالة تردياً واضطراباً. بالتأكيد.. هناك استحقاقات إصلاحية سياسية ملحَّة، يجب تسويتها قبل رحيل عباس، وثمة فرصة متوفرة يجب استثمارها لترتيب البيت الفلسطيني، وما زال هناك متسع من الوقت لرأب الصدع، وتفادي تدهور الأوضاع، وتدارك الأمور قبل أن ينفرط العقد، وذلك عبر الوسائل الديمقراطية، ومن خلال إجراء مراجعات شاملة للوضع السياسي الفلسطيني الراهن، والإسراع في تفعيل المؤسسات السيادية وإطلاق صلاحياتها، والاحتكام إلى القانون والدستور الفلسطيني. ووضع الحلول والمعالجة المناسبة للمشكلات والأزمات الفلسطينية بإجماع وطني، وتحديد خطوط واضحة لكل الأدوار الوطنية والسياسات المفصلية، والإنهاء الفعلي والحقيقي للانقسام بين شقي الوطن، وإصلاح "فتح"؛ لما لها من ثقل ورمزية في مسيرة التحرر الفلسطيني، إذ إن تجاهل ما يجري، وترك الأمور على حالها، دون المبادرة إلى الإصلاح السياسي الشامل، بمثابة جناية متعمدة في حق الكل الفلسطيني، وخيانة واضحة لدماء الشهداء وعذابات الأسرى وتضحيات الجرحى. ملحوظة: التدوينات المنشورة في مدونات هافينغتون بوست لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.