فيينا - لندن: بهروز سعيدي «الشرق الأوسط» دعا المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية أمس، إيران إلى تبديد كل الشكوك الغربية المتعلقة باحتمال وجود بعد عسكري في برنامجها النووي، مؤكدا أنه ما زال يتعين القيام بمزيد من الجهود لإنهاء النزاع بين طهران والأسرة الدولية في هذا الشأن. وقال يوكيا أمانو خلال اجتماع مجلس حكام الوكالة المؤلف من مندوبي 35 بلدا، إن الإجراءات الأولى التي تبنتها إيران «تشكل مرحلة إيجابية لكن ما زال يتعين القيام بالكثير لتسوية كل القضايا العالقة». وأضاف المدير الياباني أنه «من الضروري توضيح كل المسائل المتعلقة ببعد عسكري محتمل، وتطبيق إيران البروتوكول الإضافي» الذي يتيح للوكالة الدولية القيام بمزيد من عمليات التفتيش. وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني اتهم، أول من أمس، البلدان الغربية بالسعي إلى عرقلة تطوير البرنامج النووي. وقال روحاني: «كانوا (الغربيين) يعرفون جميعا أن العلوم النووية في إيران سلمية فقط (...) وأجرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عمليات تفتيش استمرت آلاف الساعات، وأكدت عدم وجود أي مؤشر إلى انحراف البرنامج النووي الإيراني نحو هدف عسكري». وفي رد فعل على هذه الشكوك المتوقعة، قال محمد رضا خباز مساعد نائب الرئيس الإيراني للشؤون القانونية والبرلمانية، وعضو البرلمان السابق في حوار لـ«الشرق الأوسط»، إن أي تصريح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الأغراض العسكرية للبرنامج النووي الإيراني ينبغي أن تأتي مصحوبة بأدلة وقرائن مقبولة. وقال: «مثل هذه التصريح لا يستند إلى أساس قانوني أو قضائي ولا يمكن قبوله. ينبغي على الوكالة تقديم الأدلة على هذا الزعم، وعرضها بوضوح». وأشار خباز إلى أن إيران دائما ما كانت ملتزمة باتفاقية جنيف، وقال: «نظرا لأن إيران لم تتراجع عن أي من التزاماتها، يجب على الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن تجعل مزاعمها متسقة مع تشريعاتها». ويرى خباز، أن المزاعم الخاصة بالشكوك حول برنامج إيران النووي «موضع شكوك». وقال: «ينبغي أن تقدم الوكالة خطابا قويا، كما كنا قادرين على تقديم خطاب قوي بشأن نشاطاتنا النووية، وأن تنحي الأحقاد السياسية جانبا». وتحاول المفاوضات خلال هذه الفترة تحويل الاتفاق في موعد أقصاه 20 يوليو (تموز) إلى ترتيب نهائي تلغى بموجبه كل العقوبات في مقابل ضمانات أكيدة بأن إيران لن تمتلك القنبلة. وأكد وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف الخميس الماضي أن «المفاوضات تجري على ما يرام»، مما يؤكد التفاؤل الحذر في الوقت الراهن. وفي فيينا، أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن إيران تحترم الالتزامات التي اتخذتها في جنيف، ولا سيما توقفها عن تخصيب اليورانيوم بنسبة 20 في المائة. كما ذكرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية أيضا في الأيام الأخيرة أنه لم يجرِ تركيب أي عنصر مهم في مفاعل «أراك» الذي يعمل بالماء الثقيل، والذي يمكن للبلوتونيوم الذي ينتجه أن يدخل أيضا في صنع قنبلة نووية. وعلى هامش مجلس الحكام، يبدأ الخبراء التقنيون لإيران والقوى العظمى، غدا (الأربعاء)، مناقشات تستمر ثلاثة أيام في العاصمة النمساوية أيضا. وقال دبلوماسي قريب من الملف إن الأطراف توافقوا حتى الآن على سبعة تدابير لتطبيقها قبل 15 مايو (أيار) المقبل. ويشمل واحد منها ما يسميه المفاوضون «الأبعاد العسكرية الممكنة» للبرنامج الإيراني. من جهته، وصف مساعد وزير الخارجية في الشؤون القانونية والدولية كبير المفاوضين الإيرانيين عباس عراقجي، أعضاء الفريق الإيراني المفاوض في الشأن النووي بأنهم «جنود الجمهورية الإسلامية الإيرانية في الدفاع عن مصالحها». وأوضح كبير المفاوضين الإيرانيين: «نحن كلنا جنود للجمهورية الإسلامية الإيرانية في خندق واحد، ولكن نظرا للأدوار المختلفة المناطة بنا، فإن كلا منا يؤدي مسؤوليته بصورة ما». وعد توجيهات علماء الدين ومسؤولي ومديري الحوزات العلمية أمرا قيما لأداء المهمات الدبلوماسية في المفاوضات بصورة أفضل، حسب وكالة «فارس» للأنباء. ويبدو أن الطريق للتوصل إلى اتفاق نهائي ما زال طويلا وشاقا، حيث قال دبلوماسي أمام مجلس الحكام إن «التقدم كان جيدا حتى الآن»، لكن «الأجزاء الصعبة من المفاوضات ما زالت أمامنا»، مشيرا إلى أن «الجميع مقتنع بالرغبة في التعاون» لدى الرئيس روحاني وفريق المفاوضين الذين يساعدونه. لكن الخبراء والدبلوماسيون يرون أن احتمالات التوصل في غضون ستة أشهر إلى إبرام اتفاق ضئيلة، إذ إن المواقف ما زالت متباعدة. لكن مدة المفاوضات يمكن تمديدها إلى نوفمبر (تشرين الثاني) باتفاق متبادل. إلا أن عدم تحقيق تقدم مهم حتى الصيف سيكون مؤشرا سيئا. فالمفاوضات تثير الأمل، لكنها تثير قلق الذين يخشون تراجع معسكرهم في إيران والولايات المتحدة وإسرائيل، على حد سواء. وأي خلل في المفاوضات سيحيي ذرائع هؤلاء المشككين في جدواها. إلا أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أحد أبرز الذين يجري الاستماع إليهم، سيسحب تحفظاته ابتداء من الاثنين في واشنطن، حيث سيلتقي الرئيس الأميركي باراك أوباما، حسب وكالة الصحافة الفرنسية. لكن هذا لم يؤثر على مواقف لجنة العلاقات الخارجية الإسرائيلية - الأميركية (أيباك) في واشنطن، التي تقدمت برسالة إلى الرئيس الأميركي باراك أوباما مطالبة بحذف حق تخصيب اليورانيوم في منشأتي فردو وأراك من الاتفاق النهائي مع إيران. ووافق ستة أعضاء من الحزبين الجمهوري والديمقراطي على المطالب المدرجة في الرسالة، ومنها استمرار الحظر حتى ترضخ إيران لمطالب الطرف الآخر، وعدم حقها في تخصيب اليورانيوم أو امتلاكها منشآت للتخصيب، مثل فوردو، وأن تصرف النظر عن أراك، الذي يعمل بالمياه الثقيلة، وأن توضح بشكل كامل نوعية العمل في منشأة بارشين. يُشار إلى أن هذه هي المطالب نفسها التي أثارها بنيامين نتنياهو في الأشهر الأخيرة. وستطلب «أيباك» من بقية النواب الموافقة على الرسالة لتلزم البيت الأبيض ببنودها. حسب وكالة «فارس» للأنباء. من جهته، أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما مواصلة إجراءات الحظر ضد إيران، وقال إن 95 في المائة منها ما زالت قائمة، والعمل بها سيتواصل تزامنا مع المفاوضات. وجاء تصريح أوباما ردا على التصريحات الإسرائيلية الأخيرة بأن تخفيف الحظر بموجب اتفاق جنيف يدفع الشركات والتجار للتعاون التجاري مع إيران. وفيما يتعلق بكلامه حول أن جميع الخيارات مطروحة على الطاولة بشأن إيران، ومنها العسكرية، قال أوباما: «الإيرانيون يرون القوات الأميركية التي تعد 35 ألف عسكري في المنطقة، لذلك يجب أن يأخذوا الكلام الأميركي بمنتهى الجدية». وفي نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أنهت إيران ومجموعة «5+1» (الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وروسيا والصين بالإضافة إلى ألمانيا)، عقدا من المواجهة التي سادها التوتر، بالاتفاق على خطة عمل تستمر ستة أشهر، تحت الإشراف الدقيق للوكالة الدولية للطاقة الذرية، من أجل إنهاء الخلاف بصورة نهائية. وأعلن أيضا تعهد 17 دولة أعضاء بالمساهمة في زيادة ميزانية الوكالة التي ستتيح لها القيام بمهمة المراقبة الموكولة إليها في اتفاق جنيف. لكن الوكالة ما زالت تحتاج إلى 1.6 مليون يورو. وتنص الخطة المطبقة منذ 20 يناير (كانون الثاني)، على تجميد بعض الأنشطة النووية الحساسة لإيران، مقابل رفع جزئي ومؤقت للعقوبات الدولية. وستستقبل فيينا أيضا في 17 مارس (آذار) الاجتماع المقبل بين إيران ومجموعة «5+1». وستليه اجتماعات أخرى حتى يوليو (تموز).