توحي عبارة «متصدر لا تكلمني»، التي أطلقها مشجعو نادي النصر هذا العام، بتفانيهم وفرحتهم بتغير حال ناديهم من التذبذب إلى الصدارة، بعد أن تمكنت إدارته من أن تضع النقاط على الحروف، وزرع روح اللعبة قبل الرغبة في الفوز في لاعبي الفريق. الإرادة والتفاني هما ما ينقصان كرة القدم العربية بشكلٍ عام، واثنتان من الركائز التي فشل العديد في زرعهما، وإن تذرّع الجميع، بلا استثناء، بإيمانه بهما، إلا أن الملاحظ أنهما كانتا غائبتين عن الغالبية العظمى. مرد هذه النظرية يعود إلى حالة السخاء التي «تزغلل» عيون أي لاعب في نادٍ كبير وتدفعه ليدخل هدفاً يكون السبب في فوز فريقه. يعلم اللاعب أنه بعدها سيتلقى مردوداً مجزياً مادياً ومعنوياً، وسترتفع أسهمه أكثر في ناديه، كما سيتجنب دكة الاحتياط وسيكون أساسياً في تشكيلات فريقه. لا عيب ولا ضرر فيما ذكر، فهذا هو الغرض من اللعبة بجانب الهواية، وهي إن أتقنها من احترفها، فتحت له أبواب الشهرة والرفاه. هذا هو جوهر العمل وإن كانت الرياضة ممارسة وصحة فهي أيضاً مصدر دخل ممتاز لمن يحالفه الحظ ويبرز فيها. لكن الخطأ هو أن يكون المردود المادي والمعنوي هو السبب للنجاح فيها. ما يجب تأصيله في نشء المستقبل هو روح الانتماء والتفاني والتضحية للمؤسسة التي ينتمي إليها بحيث يكون هدفه النهوض بها ورفعة مكانها بين منافسيها، وبأن يكون لها الصدارة والتميز في السراء الذي تعيشه والضراء. هي الروح الوطنية التي يفدي بها الشخص وطنه ويعمل بكل استطاعته كي ينال لها الرفعة على الآخرين فيها دون أن ينتظر المقابل. من الصعب عليّ التحدث أكثر عن الرياضة التي تشاطرني النفور، ولست بمتابع لها أو مشجعٍ مخلص لأيٍ من نواديها، عدا المسابقات العالمية مثل كأس العالم، التي تعد تظاهرة تجمع الكل، ومشاركة إنسانية مثيرة للفضول. محبة جمهور نادي النصر لناديه وتفانيه في دعمه رغم الكبوات العديدة التي واجهته على مدار السنوات السابقة هو ما أوحى لي أن أكون رياضياً هذه المرة، وهو ما دفعني لأكتب عن هذه الظاهرة بالذات، وهي التربية الرياضية المدروسة التي أصلتها إدارته كنهجٍ للاعبيها لممارسة اللعبة، والتي أثمرت في إعداد الفريق وطاقمه عقلياً وروحياً ممهدةً لتقدمه الرياضي، وسعي رياضيه لإحداث التغيير المطلوب دون أن تكون المكافأة هي ما يثير روح الفوز لديهم. جمهور النادي، رغم كبواته، سانده ووقف إلى جانبه، وتحلّى بصبر وجلد أثمر في ارتقاء النادي مجدداً لمرتبة الصدارة، ولذلك يحق للنصراويين أن تحمل سياراتهم شعارات مكتوب عليها: «متصدر لا تكلمني!».