رغم تحذيرات هيئة الأرصاد المصرية من سيول تضرب مدن الساحل الجنوبي والصعيد بمصر، فإن ذلك لم يحفز الحكومة المصرية على الاستعداد للكارثة التي حدثت الأسبوع الماضي، وأدت إلى غرق عشرات المواطنين وتدمير مئات البيوت. واجتاحت السيول المتدفقة شوارع مدينة أسيوط جنوبا، أما في محافظة البحر الأحمر فقد أغرقت مدينة رأس غارب، وقتلت نحو 29 شخصا فيها. وبدا النيل شاحباً حينما وصلت مياهه إلى العاصمة، صفراء تضر الناظرين، بسبب الطمي والرمال المحملة بها نتيجة السيول القادمة من الصعيد. مفاجأة سنوية وكان من المؤمل ألا يكون ذلك المشهد مفاجئاً، لأن رئيس هيئة الأرصاد الجوية حذّر الأسبوع الماضي من هطول أمطار "قد تكون غزيرة على سيناء وجنوب البلاد وعلى سلاسل جبال البحر الأحمر تصل لحد السيول"، وفق بيان للهيئة. ولم تستعد الحكومة بما يكفي على ما يبدو، فداهمت مياه السيول الجارفة المواطنين في منازلهم وطاردتهم في الشوارع، "فهرب عدد من أهالي مدينة رأس غارب إلى أسطح المنازل ليشاهدوا أغراضهم تطفو، قبل أن تنقطع الكهرباء، وتظلم الدنيا في أعينهم"، كما يقول جلال.وهو مواطن من رأس غارب تحدث وآخرون للجزيرة نت حول أوضاع المدينة الغارقة. وتروي رضوى أن شبان المدينة شكلوا فرق إنقاذ للعالقين، بعد التواصل من خلال الإنترنت والهواتف، وقدمت شركات البترول زوارق مطاطية، كذلك دفعت القوات المسلحة بسيارات لكسح المياه. وزار رئيس الوزراء المصري شريف إسماعيل المدينة لتفقد الأوضاع، لكنه قوبل برد غير متوقع من المواطنيين. وتقول رحاب "أسكن عند عمارات الكمين، ورأيت رئيس الوزراء يتجه لنادي النشء، وفوجئ برد فعل عنيف من الشباب ضده، فذهب ليلتقط صوراً من على أطراف المدينة". وتضيف "كنا نسمع استغاثات سكان حي الأمل، لارتفاع الرمال التي جرفتها الأمطار أمام المنازل مع انقطاع المياه والكهرباء". وينتقد محمد إمامقلة تعويضات الحكومة، مشيراً إلى احتياج المتضررين لأضعافها، ويمكن بمثل هذه المبالغ تفادي حدوث المزيد من الكوارث بعمل مصارف للمطر. ويصف حسين، وهو متحدث آخر للجزيرة نت، الوضع المأساوي قائلا إن سكان رأس غارب يبيتون في مخيمات، والوحل حولهم على عمق لا يقل عن متر ونصف المتر تحت الأرض، ويمكن أن يبتلع السائرين، مشيراً إلى وجود أكثر من خمسة آلاف أسرة متضررة، وأن عدد المتوفين ربما يزيد على الأربعين. مساعدات أهلية وحكومية لمتضرري السيول في مدينة سفاجا (مواقع التواصل) فشل متكرر وقال رئيس حزب الجيل ناجي الشهابي إن مياه السيول انهمرت "فغرقت خطط الحكومة"، مشيراً إلى أن الحكومة لم تنفذ ما أعلنته سابقا عن إنشاء مصارف وسدود. وأكد في حديثه للجزيرة نت عدم صلاحية الحكومة، مطالباً بضرورة محاسبتها أمام مجلس النواب، موضحاً أن السيول في بلاد العالم المختلفة منحة تستفيد منها تلك البلاد في الكهرباء والزراعة، أما السيول في مصر في ظل فشل وعجز الحكومات التي تعاقبت على حكم البلاد في العقدين الأخيرين فقد أصبحت محنة شديدة تصيب البلاد والعباد بالخراب ودمار الممتلكات والطرق. بدوره، قرر محافظ البحر الأحمر اللواء أحمد عبد الله صرف خمسين ألف جنيه لأسرة كل متوفى وعشرةآلاف جنيه لكل مصاب بمدينة رأس غارب. وقالت الصفحة الرسمية للمحافظة إن المحافظ اتصل هاتفيا بوزير الدفاع، وطلب عشرين ألف كرتونة مواد غذائية لمدينة رأس غارب، كما طلب من رئيس شركة طاقة للبترول رصد مبلغ 250 ألف جنيه لشراء أدوات كهربائية. ووفق الصفحة ذاتها، فقد أكد المحافظ أن "ما حدث من سيول برأس غارب غير متوقع وخارج الإمكانيات، بالإضافة إلى أنه لم يظهر على خريطة التنبؤات الجوية". وقال عضو البرلمان محمد عبد الغني إن المشروعات التي تم تنفيذها لم تتم بشكل سليم، مشيرًا إلى أنه سيتم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق، وأن المخطئ سيحاسب. وأضاف عبد الغني خلال مداخلة تلفزيونية أن "وزير التنمية المحلية أحمد زكي بدر تحدث عن الضحايا باستخفاف قائلا "إيه يعني 20 أو 22 واحد ماتوا".