انعكست الأجواء التي سادت داخل قاعة المجلس النيابي «الرئاسية» أمس، عند إلغاء دورتي اقتراع لوجود ورقة زائدة عن عدد النواب الـ 127، توتراً وتشنجاً في الشارع المسيحي «البرتقالي» الذي كان يترقب بأعصاب مشدودة تحقيق «الحلم» عبر شاشات عملاقة علّقها مناصرو «التيار الوطني الحر» في مختلف المناطق اللبنانية. ومنها في شكل خاص حارة حريك مسقط رأس الرئيس ميشال عون حيث رفعت رايات «خجولة» لـ «حزب الله» اضافة إلى الأعلام اللبنانية ورايات «التيار» ومركز الأمانة العامة للتيار في سنتر ميرنا شالوحي - سن الفيل وفي ساحة ساسين في الأشرفية. لم يعش اللبنانيون الحدث موحدي المشاعر، فأنصار عون كانت فرحتهم ظاهرة فيما عاشت أحياء وشرائح أخرى مشاعر مختلفة منها الخيبة، ولم يخرج بعضهم من «هول» المفاجأة حتى على «رغم تأييد غالبية الكتل النيابية عون». كما ردد كثر ممن التقتهم «الحياة» التي رصدت مواقف لبنانيين في شوارع بيروت وضاحيتها الجنوبية التي بدت هادئة جداً ولا شيء يصل اليها من صدى ضجيج الأحياء الشعبية المجاورة. كل في محله ودكانه ومنزله وإذا كان المواطن لا يتابع عبر شاشة التلفزيون مجريات الجلسة فإنه يتابع رسائل الأخبار النصية التي تصله عبر هاتفه. انطباعات متناقضة عبَّر عنها الشارع، بعضها بارك «للبنان بالرئيس الجديد لكن إذا بقي السوق مفلساً ما نفعه؟» وبعضها الآخر رأى ان «من دون وجوه جديدة، أملنا يخيب من عهد إلى آخر»، فيما عبر آخرون في الضاحية عن موقف سياسي مركب: راض بالتسوية السياسية ورافض «للاتفاقات الثنائية والثلاثية من وراء ظهر الأستاذ (رئيس المجلس النيابي نبيه بري)». ويقول إن «الجهاد الأكبر هو لما بعد انتخاب عون. المهم عدم المس بالمقاومة ومشاركة حزب الله في الحرب السورية». هذا الرأي عكسته آراء أهالي شارع أسعد الأسعد حيث يقول محمد فواز الذي كان يجلس أمام شاشة يتابع فيها مجريات الجلسة، إن ما يحصل «ربما عظيم لكن الآتي أعظم إذا لم يكن الأستاذ راضياً». وعلى مقربة منه يجلس 3 رجال يلعبون طاولة الزهر، وبرأي عبدالحميد بيضون أن «عون أو غيره... هناك نقص وعليهم أن يملأوه». أما محمود عمار فيسأل: «هل همنا أن ننتخب رئيساً؟ همنا ما يلي هذه الخطوة وهو تشكيل حكومة لتسيير أمورنا». يقاطعه رفيق رفض الكشف عن اسمه مكتفياً بأنه مواطن، ويقول بنبرة: «إياه أن يقترب من المقاومة فإذا أرادوا الحفاظ على البلد فليحافظ عون على المقاومة». تناقض في ردود الفعل أظهره حسام ترسوسي الذي يشير إلى أن متابعته مردها تمنياته بأن «ينفذ عون ما كان يعد به دائماً بمحاسبة المفسدين. فهو رجل وطني وبالنهاية نريد رئيساً، بدنا نخلص». وفي محل مجاور لبيع الدجاج بدا أحمد نصرالله ممتعضاً، من دون أن يبدي رفضه، مكتفياً بالقول: «من دونه (عون) البلد أكثر ارتياحاً». في مقهى على اوتوستراد هادي نصرالله يجلس 3 شبان يدخنون النرجيلة ويؤكدون أن «عون هو الرئيس طالما أن الأمين العام لحزب الله هو من رشّحه». ويصفه محمد صوان بأنه شبيه «لأميل لحود» أما رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية فـ «لا يقدّم أو يؤخّر». في محل مجاور يتكرر الموقف نفسه فجهاد اسماعيل يقول إنه «صار للبنان أب وهو الجنرال وأصبح البلد أكثر أماناً». في قصقص، يطالب أنور الزاهري خلال متابعته الجلسة داخل دكانة برئيس «يستفيد منه الشعب لا رئيس يعيش وعائلته في السلطة، تتمتع بالجاه والمال، نتطلّع إلى ما بعد عون». وفي محل مجاور لبيع المفروشات يرى صاحبه رافضاً الكشف عن اسمه أن «عون لن يغيّر شيئاً في البلد طالما أن هناك جماعة تخطف البلد بالسلاح والرئيس الحريري قالها بالفم الملآن إنه يخاطر بترشيحه عون». يصف فيكان نحاس صاحب محل للأحذية الذي كان يشاهد صور عون وهو جالس في البرلمان بأنه «رجل عسكري عنيد وصلب لا يمكنه أن يكون رئيساً للجمهورية، فعلى الرئيس أن يكون مرناً»، واصفاً ما يحصل بـ «الصدمة الإيجابية»، ومتمنياً أن يكون «الرئيس سعد الحريري رئيساً للحكومة كي ينهض اقتصاد البلد». كلام نحاس يردده بيار زوين صاحب محل مجوهرات الذي تراجعت حركة العمل لديه حوالى «70 في المئة في السنتين الماضيتين»، متمنياً «عودة الحركة إلى الأسواق التجارية» لكنه يتوجس من عرقلة تشكيل الحكومة «فلا يعود الاستقرار السياسي إلى لبنان من دون التوافق مع الرئيس بري». أما جوزيف قرطباوي الذي جلس مع مجموعة من أصدقائه أمام فرن للمناقيش في عين الرمانة فيشير الى صورة لعون علقها فوق رأسه قائلاً: «غادرنا اليوم أبو مجد واليوم عاد إلينا المجد، الله يعطيه الصحة، هذا يوم تاريخي للبنان ولولا جهود رئيس حزب القوات سمير جعجع لما وصل عون». وبرأي طوني ميلان في النهاية أن «عون ليست لديه عصا سحرية ليحسّن البلد بشهر أو شهرين وهذا إذا فسحوا له في المجال».